إذا أردت أن تدفع بالناس نحو الشوارع في مظاهرات تطالب بسقوط النظام أو تغيير الوجوه السياسية أو حتى إحداث فوضى، قم بنشر صورة، أو فيديو على اليوتيوب، فللمرة الواحدة بعد المئة تنجح فيها الصورة هذا العام في تحريك مشاعر المواطن العربي نحو الشوارع و بشكل "طوفاني". أعطى عام 2011 ملامح جديدة لقادة التغيير والثورات في العالم، حيث كان للصورة المنشورة على الأنترنت دور كبير في صناعة معظم مشاهد عام 2011، واستطاع النشطاء الشباب باستخدام الصورة ونشر الفيديوهات التي يتم التقاطها عادة بعدسات أجهزة الهاتف المحمول، تغيير واقع وتاريخ الشعوب العربية. وقبل أن نصل إلى تفاصيل وهوية الفيديو الذي لا يزال يدفع ثمنه الجيش المصري من غضب وسخط، نجد في الذاكرة العنكوبتية مئات الفيديوهات التي كانت بمثابة شرارة المراحل الأكثر "سخونة" في الربيع العربي، إلا أننا حاولنا تسليط الضوء على أكثرها تأثيرا، والبداية من الفيديو الذي ظهر فيه الشعب التونسي في مسيرات وصفها النظام المخلوع بالتخريبية بعد أن غصت شوارع سيدي بوزيد بالمحتجين المتعاطفين مع البوعزيزي، وصولا إلى الفيديو الذي ظهر فيه صاحب الصرخة الشهيرة "بن علي هرب" التي أبكت التونسيين لأول مرة وهم أحرار، وهو الفيديو الذي سجل مشاهدة ربع مليون مراقب على الأنترنت. وبين اللحظة الأولى والصرخة الأكثر تأثيرا في عام 2011 تعتبر صورة الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن على وهو يقف أمام البوعزيزي، من بين الصور الأكثر حماسة وتاريخية في هذا العام الذي تحدى فيه اليوتيوب البوليس التونسي حتى أوصل أكبر المعارضين لبن على إلى كرسي الحكم في قصر قرطاج. كما سافر اليوتيوب إلى مصر في مهمة جديدة لإسقاط أعتى دكتاتوريي القرن الواحد والعشرين، وهناك نسجل فيديو المصلين على "كوبري" قصر النيل، ثم فيديو دهس السيارة الدبلوماسية لأكثر من 20 شابا مصريا، كما كان هناك فيديو يؤرخ لما يطلق عليه "موقعة الجمل" التي أحزنت العالم بقدر ما أضحكته. وفيما يواصل الفيديوتيوب نقل المفاجآت من ميدان التحرير، المشهد الأحدث في مصر يصنعه اليوم فيديو ظهرت فيه فتاة محجبة يقوم الجيش المصري بسحلها وتعريتها، كما نسجل للفيديوتيوب وقفات تاريخية في ليبيا، ولاسيما عندما شاهدنا الفيديو الذي صورته فتاة ليبية من شرفة بيتها بينما كان "شبيحة" القذافي بالقبعات الصفراء في كر وفر مع المتظاهرين في أحياء بنغازي، وفيديو تكسير شباب ليبيا لتمثال الكتاب الأخضر، وفيديو إيمان العبيدي وحديثها عن الاغتصاب الذي فجر الرأي العالمي، قبل أن يتم نشر فيديو إلقاء القبض على هالة المصراتي معلنا معه نهاية قنوات الجماهيرية الليبية إلى الأبد، وقد تم نشر تلك الفيديوهات بطرق مختلفة عبر الأنترنت وشاشات التلفزيون التي لا تزال تجد من عدسات النشطاء مادة دسمة لسيناريو إسقاط نظام الرئيس الأسد الذي يبدو أنه لن ينجو من شبكة اليوتيوب.