أدعو كل الموسيقيين للالتحاق بنا من أجل توثيق الموسيقى الجزائرية يواصل تألقه بعد الطبعة الثالثة للمهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية، يستعد لاحتفالات الخمسينية ببرنامج مكثف يقول أنه أعدّ خصيصاً للذائقة الجزائرية، لايزال أيضا يواصل تنقلاته داخل الجزائر العميقة حيث سيكمل الرقم ال46 لولايات الوطن هذا الشهر، يدخل المدن الجزائرية فاتحاً بالموسيقى الكلاسيكية، كما سيحمل الأوركسترا الوطنية إلى خارج الوطن قريبا.. إنه عبد القادر بوعزارة، مدير الأوركسترا الوطنية متحدثا ل"الفجر الثقافي".. كيف كانت الطبعة الثالثة للمهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية.. هل أنتم راضون عنها؟ الحمد الله، أشكر جمهور الأوركسترا الذي جعل من الطبعة الثالثة طبعة موفقة تضاف لنجاحات الطبعات السابقة، أشكر موسيقيي الأوركسترا الوطنية الذين بذلوا جهدا عظيما ليكونوا جنبا إلى جنب مع موسيقيين عالميين. أما عن الرضا فأنا رجل طماع في المجال الموسيقي ولا يمكنني بأي حال أن أرضى عن شيء رغم أن هذه الطبعة قد جمعت 18 دولة وقدمنا خلالها مقطوعات عالمية مهمة وأوبرات لاقت استحسان الجمهور، لكنني أطمح للمزيد. في الموسيقى لا يمكنك أن تتوقف هي نوتات صاعدة أبدا، ولذا أجدني لاأزال أشعر أن هناك الكثير الذي لم أقم به بعد. ربما تغيرت معطيات كثيرة منذ 2001، الآن لدينا أوركسترا، ولدينا برنامج ولدينا مهرجان دولي.. كل هذه النجاحات تجعلني أخاف أكثر وأبذل جهدا أكبر من أجل الحفاظ عليها. والمشكلة أنك لا تتوقف.. على ماذا تشتغل الأوركسترا الوطنية الآن؟ أشتغل على عدد من الأمور دفعة واحدة، أولا لاأزال وفيا لعهدي أن أنقل الأوركسترا السيمفونية لكامل الجزائر العميقة، والحمد الله سأنفذ عهدي قريباً لأنني سأحمل الأوركسترا يومي 26 و27 جانفي إلى كل من الطارف وسوق أهراس، لأكون بذلك وصلت إلى ال46 ولاية، لقد بدأت هذا البرنامج منذ 2003 ووصلنا إلى آخر الجزائر وها نحن نقترب من النهاية، لم يبق إلا تندوف وإليزي وننهي جولاتنا الماراطونية لكامل الجزائر. أحيانا نتمنى أن لا ينتهي العد، هل عندما تصل للرقم 48 ستتوقف؟ لا.. بعد ذلك سأدخل المدن الصغيرة والبلديات والجامعات.. سأحاول أيضا أن أجوب الجامعات الجزائرية كاملة، وفي هذا الصدد أطلب من عمداء الجامعات المساعدة لأنني أريد بالفعل أن أقدم الموسيقى السيمفونية في مدرجات الجامعة، أعتقد أن وجودنا داخل المدرجات سيكون ذاكرة لا تنسى لدى الطلاب، لذا من الضروري أن يساعدني عمداء الجامعات.. خصوصا أنني انتقل مع أوركسترا تصل إلى حدود السبعين شخصا. ماذا عن العيد الخمسين للاستقلال.. ماذا سطرت الأوركسترا الوطنية؟ الاحتفال بالذكرى الخمسين للاستقلال لا شك سيكون مميزا، بالنسبة لنا سنقوم بتسجيل CD يعد هو الثاني في ربيتوار الأوركسترا سيضم مجموعة من المقاطع التراثية المسجلة بطريقة أكاديمية، انتقيناها لتناسب الاحتفالية الكبيرة، ولتكون توثيقاً موسيقياً لذاكرة الجزائر، وعليه أولي اهتماما خاصا لهذا السي دي. أما الحفلات فستشاركنا دول عربية وأجنبية لنقدم أحسن ما لدينا في هذه الذكرى الكبيرة والعزيزة على قلوبنا. من سيقوم بتحديد المقاطع التراثية التي سيضمها السي دي؟ أنا أتعامل مع جميع الموسيقيين في الجزائر، وسبق أن جمعنا في السي دي الأول مقاطع تراثية لاقت نجاحاً، على العكس أنا أدعو من هذا المنبر كل الموسيقيين للالتحاق بنا من أجل توثيق الموسيقى الجزائرية وكتابتها وتوزيعها سيمفونيا، هذا الأمر لو تحقق سيكون رائعا، وأعتقد أنه لم يسبق لي أن قدمت حفلا من دون إدراج مقاطع تراثية. من جهة أخرى تحاول أن تقدم للجمهور الجزائري عروضا عالمية من خلال استضافة موسيقيين عالميين في الجزائر؟ أجل.. هذا جانب مهم من اهتمامات الأوركسترا، ولعل الأوركسترا الجزائرية كان لها الشرف أن قادها عظماء من العالم.. من اليابان وأمريكا اللاتينية، المكسيك، النمسا، فرنسا.. وغيرها كلهم قدموا إلى الجزائر بدعوة من الأوركسترا التي لاتزال تعكف على تقديم الفرصة للجزائريين أن يتعرفوا على الموسيقى الكلاسيكية العالمية وعلى أهم روادها، لأننا لا يمكن أن نقيم أنفسنا من دون التعرف على الآخر.. والآخر مهم جدا لأن اسمها الموسيقى الكلاسيكية العالمية.. وفي ذات السياق ستستضيف الأوركسترا الوطنية يومي 9 و10 فيفري فرقة SOFIA SOLOISTS من بلغاريا المتكونة من ثمانية عازفين وتيلور وصبرانو بقيادة المايسترو البلغاري PLAMEN DJUROFF، حيث سيكون الحفل الأول بقصر الثقافة في التاسع من فيفري ثم بعد ذلك سننتقل إلى سيدي بلعباس، لأننا كلما استضفنا موسيقيين عالمين إلا وأحببنا أن نشارك الجزائر العميقة، لا يعقل أن تكون الحفلات العالمية حكرا على العاصمة فقط، لذا ستستضيف سيدي بلعباس بلغاريا في حفلها الثاني بالجزائر. على فكرة من بين أعضاء الفرقة البلغارية بلاقوفستا مكي، وهي بلغارية من أصل جزائري. بعد كل هذا، كيف هي حال الذائقة الجزائرية في نظركم.. أنتم من الذين لا يشتكون غياب الجمهور في مواعيده لكن هناك من يقول إن نصف جمهوركم ليس جزائريا؟ هل تقصدين الجالية الأوروبية في الجزائر أم أنك تقصدين عمال السفارات؟ الحقيقة أقول لك إن هؤلاء ليسوا في الجزائر بالعدد الذي نتخيله، على العكس خلال سنوات مضت تغيرت الأمور، الجزائريون صاروا يجيدون اللغات وهم الذين يعملون في السفارات. أحيانا في بعض السفارات لا تجدين أجنبيا واحدا سوى السفير نفسه، لذا هذا الأمر غير صحيح، قد يشكل جزءا ولكنه الجزء الضعيف، جمهورنا جزائري وليس عيبا أن يكون الجمهور نخبوياً لكن أنا على يقين أن الجزائري ذواق، وأنا أكتشف هذا في كل مرة عندما أنتقل مع الأوركسترا إلى عمق الجزائر، الموسيقى ذائقة فطرية لا يمكن بأي حال من الأحوال أن ننكرها على الجزائريين. لعل حفلاتكم بالمسرح الوطني كانت الأفضل دائما.. هل يهمك متابعة عملية بناء الأوبرا الجزائرية؟ أكيد يهمني الأمر كثيراً، نحتاج إلى أوبرا وفق المقاييس العالمية لأن ذلك مهم جدا في رجع الصوت الذي يلعب دورا هاما في نجاح حفلاتنا.. أتمنى فعليا التقدم للمشروع، وأنا على يقين أن وزارة الثقافة لن تتوانى في تعجيل ذلك فهي دائما إلى جانبنا، ولم تخذلنا أبدا وعيا منها أن ما نقوم به مهم وهو لا يختلف عن التربية، لأنها التربية الموسيقية. لكن بعد البناية لابد من أوبرات جزائرية، أوبرات حقيقية وليست استعراضية.. أتمنى أن نقدم أصوات أوبرالية جزائرية ونصوصا حقيقية. وماذا عن الموسيقيين.. هل هناك مشاكل في تكوينهم مثلا.. وكيف يتم تجديد الأوركسترا الوطنية؟ المعهد العالي للموسيقى هو الذي يقدم لنا احتياجاتنا في هذا الأمر وكذا ملحقاته عبر الوطن، لكن على الجميع أن يعرف أن الأوركسترا الوطنية تماما، مثلها مثل الفريق الوطني، لكل لاعب فريقه الخاص. معنا عازفون من وهران، باتنة، البويرة، والحمد الله غالبيتهم لهم باع كبير في هذا المجال ونحن جدا سعداء في العمل معا، لأن العمل في الموسيقى هو فهم كبير للمشاركة، لولا مشاركة النوتات لبعضها البعض لما كانت هناك مقطوعة موسيقية لذا لا مشاكل على الإطلاق في التعامل مع الموسيقيين داخل الاوركسترا.. إننا عائلة. في الحقيقة لدينا موسيقيون جيدون، علينا أن نعترف، لقد وقفوا مع أهم المايسترو العالميين وعزفوا أمامهم بمهارة واحترافية بشهادة جميع من قدم إلى الجزائر، لذا قد ننتقل نحن هذه المرة ونعزف في أوروبا. لم يتحدد الأمر بعد لكنه سيكون خلال هذه السنة. وماذا عن بوعزارة نفسه.. منذ زمن لم نره برفقة كمانه؟؟ يا الله كم أشتاقه كماني، إنه في مكانه لم يستيقظ منذ وقت، كنت في البداية أشارك الأوركسترا عزفها والحقيقة أنني أحب أن أفعل ذلك.. لكن مع الوقت ومع مشاكل الإدارة خاصة لم أستطع التوفيق بين العزف والإدارة، لذا أعتبر كماني ضحية تعسف الإدارة.. لكنني أظل عازف كمان ولا يضاهي حبي لشيء كما هو حبي للموسيقى الكلاسيكية. هل من أمنية بمناسبة السنة الجديدة؟ نعم.. بمناسبة السنة الجديدة 2012 أتمنى الخير الكثير لهذا الوطن.. كما أتمنى السلام للوطن العربي.