الحديث عن الموسيقى بالنسبة إليه حديث ذو شجون، شعاره الاحترافية لخدمة الثقافة وتهذيب الذوق العام، بداية دراسته للموسيقى كانت في الجزائر، ليواصل بعدها مشواره الأكاديمي بإحدى الجامعات المتواجدة بروسيا، حيث حصل على درجة ماجستير بكونسرفتوار الدولة لمدينة (كييف)، وعند عودته إلى الجزائر مارس مهنة التعليم بالمعهد العالي للموسيقى تخصص (كمان)، وبالموازاة واضب على إنتاجه لحصة (موسيقى الشعوب) التي تواصل بثها عبر الاثير بالقناة الاولى لمدة 8 سنوات. كفاءته المهنية، وخبرته في مجال الموسيقى رشحته لمنصب مدير الاوركسترا السمفونية الوطنية في 2001، ولا زال عمله ممتدا لغاية اللحظة، ضيفنا لهذا الأسبوع هو السيد عبد القادر بوعزارة الذي ارتأينا محاورته لمعرفة دور الاوركسترا في تثمين الموسيقى السيمفونية، وصدى الموسيقى الكلاسيكية في الجزائر، وكذا نوع الوسائل المعتمدة للارتقاء بالاوركسترا السيمفونية الوطنية للمستوى العالمي، هذا وأمور أخرى سنكتشفها سويا من خلال هذا اللقاء. - المساء: ماذا تمثل الموسيقى لمدير الاوركسترا السيمفونية الوطنية السيد عبد القادر بوعزارة؟ * السيد عبد القادر بوعزارة: الموسيقى من أقدم مقتنيات الإنسان، وهي تبرز درجة تحضر الشعوب، وهي لغة البشرية جمعاء، بواسطتها نتبادل المشاعر الإنسانية الجميلة، الرقيقة، ونعبر عن أحاسيسنا المكبوتة، والموسيقى من أنجع الوسائل التي بإمكانها توحيد أمة بأكملها. - نعلم أن الفرق السيمفونية العالمية تعتمد على آلات خاصة لعزف كلاسيكي مميز، فهل هذا هو شأن الفرقة السيمفونية الوطنية أيضا؟ * بالطبع، فنحن أيضا نسير وفق مقاييس العزف العالمية باعتبارنا فرقة سيمفونية شأنها شأن الفرق العالمية، نعتمد على الكمان، والكلارينات، ولافاجون، والترومبيت، والكونتروباص، والأوبوا والتو، والترومبون وغيرها من الآلات الخاصة بالعزف الكلاسيكي. - الجزائر غنية بطبوعها، فأكيد أن ثراءها الفني قد وسع آفاق انتشار الاوركسترا، وفرض تواجد جوق سيمفوني لكل منطقة من مناطق الوطن؟ * أكيد، فهناك الأوركسترا السيمفونية الساهرة على تثمين الموسيقى السيمفونية والتي يقودها المايسترو (أمين قويدر)، وهناك الجوق الوطني للأغنية الاندلسية والمتكون من الجوق الجهوي لولاية قسنطينة، والجوق الجهوي لولاية تلمسان بقيادة الاستاذ "رشيد قرباص"، والجوق الوطني لأغنية الشعبي بقيادة الاستاذ "زروق مقداد". - ماهي أهم أهداف الفرقة السيمفونية الوطنية؟ * أسمى هدف للفرقة السيمفونية هو انتشار الموسيقى الجزائرية عالميا، بفضل الحفاظ على التراث وتدوينه وإعطائه البعد العالمي، أي إبراز القيمة الحقيقية للموسيقى الجزائرية الغنية، والغنية جدا. - ماهي المنهجية المعتمدة لديكم لإيصال الفرق السيمفونية الوطنية لمصاف الفرق العالمية؟ * نحن نعمل بطريقة علمية أكاديمية، ونفتخر بتمكننا من تشكيل فرقة ذات مستوى عالمي في فترة وجيزة، تعتبر مرآة عالمية للوجه الحقيقي لموسيقانا الجزائرية التي نسعى لدمجها في هذا المزيج الذي يشكل موسيقى الشعوب، وحضاراتها بطريقة مدروسة، بعيدة عن العشوائية والارتجال، كما أن الاوركسترا السيمفونية الوطنية دعمت منهاجها باستضافة قادة اوركسترا عالميين يرافقونها عبر مختلف ولايات الوطن، وفي هذا الإطار سجلنا لقاءات تاريخية ذات مستوى رفيع ومؤخرا فقط وتحت الرعاية السامية لمعالي وزيرة الثقافة والمدير العام للمسرح الوطني الجزائري، ومدير الاوركسترا السيمفونية الوطنية، ومدير المعهد الثقافي الإيطالي بالجزائر حظينا بشرف استقبال المايسترو الايطالي (جيدو جيدا) (Guido - Guida) الذي رافقنا في جولة عبر الولايات، وكان هناك برنامج ثري أمتعنا به سكان الجزائر ووهران، والتواصل بيننا وبين الفرق العالمية دائم ومستمر، وطبعا التواصل بجمهورنا عشاق الموسيقى الكلاسيكية تحديدا دائم أيضا وعميق، فرغم التطور والعصرنة إلا أن التراث والموسيقى الأصيلة تبقى دائما سارية في دمائنا، ومنبع عزمنا وافتخارنا، ولها جمهورها الذي لا يستغني أبدا عنها، ويطالب بها.. - وماذا في أجندة الأوركسترا السيمفونية؟ * هناك الكثير من الجولات الفنية وفرق سنستقبلها، حيث استضفنا في 18 مارس موسيقيين يابانيين، كما نقوم بالتحضير ليوم الفنان (8 جوان)، هذا وغيرها من الأمور المسطرة والتي ستجسد خلال الأيام القادمة. - ماذا جنت الأوركسترا السيمفونية الوطنية منذ استضافتها للفرق الأجنبية؟ * جنت الكثير، ولعل أهم ثمرة، هي التفاتة الأجانب لموسيقانا التي باتت تشكل حيزا هاما من اهتمامهم، فتأثرهم بالنغمة الجزائرية أصبح له صدى واضحا في انتشارها عالميا، وتبنيها عن طريق عزفها في المحافل الدولية، فيتحقق بذلك ما يسمى بالتناغم بين الأفكار والموسيقى، شيء جميل ما حدث ويحدث بفضل هذه الوسيلة الساحرة التي تدعى الموسيقى!. - أين وصلت الاوركسترا السيمفونية الوطنية بجولاتها داخل الوطن، وما الصدى الذي حققته؟ * زارت الاوركسترا الى حد الآن أكثر من (39 ولاية)، ومؤخرا قمنا بجولة مراطونية الى أقصى الجنوب الغربي، سعيدة، النعامة، بشار، وهذا في اطار تعميم الموسيقى، ونأمل الوصول لإيليزي، تندوف، تمنراست، وطبعا أينما حلت الاوركسترا وجدت إقبالا كبيرا لكونها تقدم مقطوعات جزائرية أصلية مستمدة من تراث غني، قل من تحتكم عليه من الدول الاخرى، وهذا بذاته مفخرة لنا، ولأجل الحفاظ على هذا التراث، قمنا بتسجيل أول قرص مضغوط يحتوي على مقاطع جزائرية جميلة منها، نوبة جزائرية لرؤوف كاجيف، ونوبة جزائرية أخرى لرشيد صاولي "البارح، شهلة لعياني.. وغيرها". - أمنية مستقبلية؟ * نتمنى الوصول إلى تأليف سيمفونية ذات طابع جزائري محض. - كلمة أخيرة؟ * أريد أن أقول إن الموسيقى تستحق أن يسهر من أجلها ويهب عمره في سبيل خدمتها، وهو بمثابة القاطرة التي توصل الأمة إلى ركب الحضارة والتمدن، لذا يجب أن نوليه أهمية، ونعطي السيمفونية الوطنية حقها.