كُنْت سأخْتار للموْضوع كَعنْوان “تشْجيع الرَّداءة”، ثم أحْجَمْت، ففي ذلك إجٍْحاف بالمحاولات الادبية والفكرية التي تقدمها وسائل الاعلام، والمشْكور أصْحابها، فليس عيبا أن تقدم هذه المحاولات، أيٍّ ما كان مستْواها، وذلك تشجيعا لِمُنْتجيها؛ ولكن العيْب كلّ العيْب في تقْديمها على أنّها أجْود ما اسْطاعت قَرائح الجزائريين أنْ تجود به، أو تقْديمها على أنّ البُطون الفكريّة التي أنْجبت عقرت بعدها فَلا مُداوي ولا طبيب. إنّنا بهذا لا نلوم البتّة، منْ يَمُرُّون أو يُمرَّرُون في وسائل الإعلام بهذا الوصْف، وذلك أيٍّ ما كانت ضحالة إنْتاجهم، فهم ليسوا مُطالبين بتصْحيح تقْيِّيم الإعْلامي ذلك. وبالبِمُقابل، فإنَّه حتى إنْ تخيَّل القائمون على أجْهزة الإعْلام العكس، فإنَّ المُتفرِّج أو القارئ الجزائري، وبِكلّ حواسِّه، يعْرف أنّ ما يُقدَّم في وسائل الإعْلام الجزائريّة، ليْس بالضرورة خيْر ما أُنتِْج في السّنة، ولا خيْر ما تَوَلَّد من فكْر الجزائريين، ولذلك لا تنْطلي على أغْلب الجزائريِّين التَّقْديمات والتَّزْويقات التي يُقدِّمُها الصحفي ِلمنْ يسْتضيفه، بل إن ّالمُتَلَقِّي الجزائري يعْرف الغرْبلة الممارسة على كثير من الفنّانين والشعراء والكُتَّاب لا لسبب، إلّا لأنّهم يترفَّعون عن التزلُّف بأنْواعه الشتّى لأشٍباه المُتعلِّمين الذين يتحكَّمون في هذه الوسائل، بل إنَّ أخْبار السَقطات الإعلاميّة، حين يعْمد صحفي أو عامل في جريدة، إلى نشْر مواضيع تُمْلى عليْه من طرف أشخاص للتّأثير في الرّأي العام أو في العدالة، مُقابل بخْس الأثْمان، لَتصِل الأسْماع بِلا حواجز، فيَمجُّها كل ذي شرَفٍ مجًّا، أمّا الأجْنبي الذي قد تعْترضُه إحْدى اليتيمات الجزائرية وهو يتفحص المعروض من منتوج العالم، فلا شكّ أنْ سيتفاجأ للصّادِر عنَّا، وسيتساءل لا محالة، بعِجَبٍ أو بِغيْر عجَب، أنْ إذا كان هذا المستوى الأعْلى للجزائري ، فكيْف ما دون، ولنْ يكون مُتجنِّيًا إنْ إعْتقد أنّ ما دون، صمٌّ، بُكْمٌ، لايعقلون. ولذلك أيْضا، لا عجَب، أنّك عندما تلْتقي مع غيْرك، في مناسبات جامعة كالحجِّ مثلا، يُبادِرُك القوْم، إنْ وجدوا لذلك سبيلا، أنّك جنْس لا لُغَة لك، مُعْتقدين أنّه يصْعُب عليك تشْكيل جمْلة مُفيدة؛ ورغْم ما في ذلك من تجنِّي وتعْميم ظالم، إلّا أنّ القوْم غير مَلُومين، إذْ الخطأ ليْس خطأهم، فتِلْكم هي الصورة النَّمطِيّة التي رسمَتْها وسائل الإعْلام للجزائري والمثُقَّف، وعلى نفْسها، منْ أجْل فِلْس، جنَتْ بَراقِش، كما يقول المثل. [email protected]