لقاء ثنائي موسع بين وزير الداخلية ونظيره التونسي    مسؤول أممي: الوضع في غزة يزداد سوءا مع استئناف الغارات الجوية الصهيونية    الرابطة الأولى "موبيليس": مباراة دون جمهور لشباب بلوزداد ومعاقبة مدربه راموفيتش    نسيج وجلود: رقم أعمال المجمع العمومي "جيتكس" يرتفع ب15 بالمائة في 2024    السفير النيبالي يؤكد سعي بلاده إلى تعزيز التعاون مع الجزائر    ربيقة يشرف على مراسم احياء الذكرى ال63 لعيد النصر بساحة المقاومة بالجزائر العاصمة    افتتاح الطبعة ال14 لمهرجان ليالي الإنشاد والمديح بسكيكدة    الذكرى ال63 لعيد النصر: تنظيم ندوة فكرية حول تجليات عيد النصر في المخيال الأدبي والفني الجزائري    مندوب فلسطين في الامم المتحدة: الشعب الفلسطيني يقتل عشوائيا في غزة    الجيش الصحراوي يستهدف نقطة إنذار لجيش الاحتلال المغربي بقطاع حوزة    مونديال-2026/بوتسوانا-الجزائر: أول حصة تدريبية للمنتخب الوطني بغابورون    الجزائر ستظل دائما وفية لمبادئ وقيم الاتحاد الإفريقي    19 مارس و19 سبتمبر أين الحقيقة ..!؟    اتخاذ إجراءات ضد 53 مستورد للمورد    الجامعة منخرطة بقوة في الأهداف التنموية للبلاد 2024- 2029    فتح 2000 مطعم وطنيا لتقديم وجبات للمحتاجين وعابري السبيل    تفكيك شبكة دولية منظمة تتكون من 11 شخصا    شكلت نموذجا يحتذى به على المستويين الإقليمي والدولي    الدولة تواصل حشد الطاقات لتأمين المصالح العليا للبلاد    الجزائر شامخة وسيدة في قراراتها    المخزن يسحق حقوق مواطنيه لخدمة المضاربين العقاريين    المصادقة على مشروع النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني    إنجاز هياكل تربوية تستجيب لمتطلّبات جودة التعليم    رفع العراقيل لتسليم المشاريع قبل نهاية السنة    هذه خصائص تطبيق "Retraite Dz"    "مطلوع الطاجين" الوهراني زينة مائدة الإفطار    سواك "أتيل" عوض معجون الأسنان    دعوة لإنشاء مجلس أعلى للوقاية من الحوادث    إرساء صناعة وطنية حقيقية للسيارات    الجزائر تُدين انتهاك الاحتلال لاتفاق وقف إطلاق النار بغزة    هل حافظت "طيموشة 3" على التألّق نفسه؟    عمورة ضمن أفضل الهدافين في "البوندسليغا" هذا الموسم    غيابات بالجملة في صفوف "الخضر" والخيارات تتقلص    حمل الألوان الوطنية حلم تحقق    بهجة رحال ونوري الكوفي نجما النوبة    53 مُستورداً للموز يُمنعون من الاستيراد نهائياً    الجزائر ترفض لغة التهديد    الشرطة تُحسّس..    18 ألف مخالفة تجارية خلال نصف رمضان    الحويني في ذمة الله    وهران : مسرحية "باغي نشيع" لمحمد ميهوبي تسلط الضوء على ظاهرة السعي وراء الشهرة عبر الانترنت    تصفيات كأس العالم 2026/بوتسوانا- الجزائر: "الخضر" يحلون بغابورون    استدعاء مدافع نادي غانغون الفرنسي،ناير،للتربص    هل الشعر ديوان العرب..؟!    إحباط عملية ترويج 4300 وحدة من مؤثرات عقلية    أول رحلة للحجاج في 10 ماي المقبل    الشيخ عبد القادر الجيلاني.. أحد أشهر الأئمة الأقطاب    نحو رفع مساحة المحيطات الفلاحية المسقية    جاهد لسانك بهذا الدعاء في رمضان    الشباب والاتحاد يتعادلان    هذا موعد أول رحلة حج    حماية الأجيال الناشئة من الوقوع في آفات تضر بالمجتمع    12 مطارا و150 رحلة لنقل 41 ألف حاج    الشروع في عملية حجز تذاكر السفر للحجاج : انطلاق أول رحلة نحو البقاع المقدسة يوم ال10 ماي المقبل    الصوم يشفع لصاحبه يوم القيامة    فضل الجلوس بعد صلاة الفجر    الجزائر تتجه لتوطين صناعة الدواء بمختلف الأصناف    الحقن وطب الأسنان لا يفسدان الصيام والمرضع مخيَّرة بين الفداء أو القضاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كأنّ شاعرا لم يمت..
هوامش
نشر في الفجر يوم 08 - 04 - 2012

كان عليك أن تتوفقي للحظة لأن شاعرا مات، لؤلؤة أخرى سقطت من عقد الشعر في غفلة منك، كان عليك أن تتوقفي عن الابتسام أمام عدسات الكاميرا وأضوائها، وأن تقلّلي من لبس فساتين الألوان الزاهية، كان عليك أن تظهري بزينة أقلّ، بلا حنّاء في يديك، بلا أقراط في أذنيك، وبلا أحمر على شفتيك..
كان عليك أن تقفي دقيقة صمت على الأقل، لأن مالك بوذيبة مات ذات مساء في ريعان الأربعين، هائما "بين الويدان"، لم يكفه وادي الشعر والشعراء، وفضل أن يثقل جسده الضعيف وقلبه المرهف بأثقال زائدة من الشعر والقلق وشظف الحياة تنوء تحتها الجبال الراسيات..
عندما فتحت صفحتك على "الفايس بوك" على عجل، ابتسمت ابتسامة عريضة وأنت تقرئين نعي مالك بوذيبة ، في كل صفحات الأصدقاء المفترضين، وهم يتقطّرون حسرة، ويذوبون أسى لرحيل ذلك الشاعر الشفّاف مثل غلالة من الندى الصباحي..
في ذلك المساء الماطر استقللت سيارتك السوداء، وسلكت طريق الكورنيش البحري، ضغطت على زر قارئ الأقراص وأطلقت العنان لصوت "سيلين ديون"، وهي تنشج على إيقاع زخات المطر المتكسرة على زجاج النوافذ.. ربما اعتقدت للحظة بنها كذبة مخمليّة جاءتك هذه المرة من جهة روسيكادا، أو سمكة من أسماك إبريل التي تعودت عليها، لذلك لم تعيري الأمر كبير اهتمام..
أعرف أنك لم تقرئي قصيدة إليوت الشهيرة "الأرض الخراب" التي يقول فيها أن "أبريل هو أقسى الشهور.."، ولم تتوقعي أن يموت شاعر في الربيع. شهر الحياة وتفتح النيروز والكرز..
أنا أعذرك في هذا، فنحن مثلك لم نصدّق في البداية خبر موت مالك، إلاّ بعد كثير من الهواتف وأغلظ الأيمان من "زهرة" التي اكدت رحيله فعلا، بسرعة أكثر من الموت..
كان شاعرا فوق ما يحتمل الشعر، فلم يفهمه الشعراء وعنيدا فوق ما تحتمل الحياة، فلم يسعفه الأصدقاء. أدارت له الحياة ظهرها، فلم يعبأ بها كثيرا أو قليلا..
كثيرون كانوا يسمّونه مالك الحزين، في إحالة ساخرة منهم إلى طائر ابن المقفع في حكايات "كليلة ودمنة" الذي باغته الحزن من كل الجهات، فلم يملك إلاّ أن يضع رأسه بين جناحي الشعر، ففاجأه الموت في ريعان الأربعين وعنفوان الربيع..
كانت نبرة صوته مشحونة بكثير من الشجن ،فيما كانت كثير من قصائده رثاء للحياة قبل الأوان على طريقة سمّيه مالك بن الريب، الذي لدغته أفعى، فكتب مرثيته الشهيرة في رثاء نفسه، لكن مالك بوذيبه مات من لدغة الحياة المضرّة بالصحة على قول هاجر قويدري ..
صديقي مالك.. أتذكّر الآن كل تفاصيل لقاءاتنا المتكررة منذ الثمانينيات وتبرّمنا بالحياة والشعراء الرديئين، أتذكّر فرحك الوحيد ربما بوعد صديقنا عزالدين ميهوبي، المدير العام للإذاعة آنذاك، حين وعدك بالتوظيف في إذاعة سكيكدة بعد بطالة طويلة، يومها نزلنا من مكتبه، تصعلكنا في العاصمة، وحين دخلنا مكتبة العالم الثالث عثرنا على نسخة وحيدة من كتاب "A VOUS L'ANTENNE" فما كان منك إلا أن أصررت على شرائها استعدادا لخوض تجربة العمل الإذاعي بنجاح..
سلام عليك يوم عشت وانتصرت على الحياة، ويوم مت، ويوم تبعث حيا في كل قلب وقصيدة. وتبا لك أنت أيتها الحياة لأنك لم تحزني للحظة، كأن شاعرا لم يمت.. كأن مالكا لم يمت..
أحمد عبدالكريم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.