الشارع الجزائري لا يعرف غير لويزة حنون وخليدة تومي! كشفت دراسة حديثة أعدتها جمعية المرأة في اتصال، حول “نظرة الطالبات الجامعيات للحركة النسوية في الجزائر”، أن النضال النسوي لم يعد أولوية الجامعيات اليوم، حيث أقرت الدراسة التي شملت عدة جامعات عبر الوطن وتم عرض نتائجها مؤخرا بمقر الجمعية في العاصمة، بحضور عدد ممثلات جمعيات المجتمع المدني، أن هناك قطيعة بين الجامعة والمجتمع المدني، فالجامعة التي طالما كانت المكان الأفضل لتخريج الإطارات النضالية لم تعد كذلك اليوم.. وأكدت نتائج دراسة حديثة قدمتها جمعية المرأة في اتصال رفقة مكتب “إيكو تكنيك للدراسات”، أن طالبات الجامعة يجهلن بصفة تكاد تكون كلية مختلف التحديات التي تواجه المرأة الجزائرية اليوم في مختلف المجالات، حيث أكدت النتائج أن نسبة 50 في المائة من العينة المستجوبة لا يعرفن محتوى قانون الأسرة وغير مطلعات على مواده، فيما أكدت نسبة 59 بالمائة من العينة التي اطلعت على محتوى هذا القانون أنهن غير مقتنعات تماما بما يوجد فيه، فيما ذهبت 53 بالمائة منهن إلى الاعتقاد أن هذا القانون لا يكفل المساواة بين الجنسين. فيما ذهبت نسبة 66 بالمائة إلى التأكيد أنهن يجهلن تماما النقاش الذي دار عام 2005 حول التعديلات التي طرحت لإثراء هذا القانون!. الدراسة التي مست مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية والعامة للمرأة، أكدت أن نسبة 55 بالمائة فقط مع مبدأ المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة، فيما استندت الرافضات لهذا المبدأ في المرتبة الأولى إلى الفروقات البيولوجية بين الرجال والنساء بنسبة 33 بالمائة، في حين أكدت نسبة 29 في المائة أن مبدأ المساواة لا يمكن اعتماده لأسباب عقائدية دينية. في الجانب المتعلق بأولويات الجزائريات في الحقوق المستحقة اليوم، جاء العمل في المرة الأولى بنسبة 48 بالمائة، ثم الحق في مواصلة الدراسات العليا بنسبة 39 بالمائة، وأخيرا حق الاحترام في الشارع والبيت بنسبة 28 بالمائة. ورغم ترسانة القوانين التي عرفتها الجزائر على امتداد تاريخها فيما يخص الحقوق ووضعية المرأة في المجتمع والفضاء العام، فإن نسبة 79 بالمائة من العينة المستجوبة يعتبرن أن الحصول على الحرية يبقى مطلبهن الأساسي “حرية العمل والدراسة واتخاذ القرارات والسفر والمشاركة في الحياة العامة”، لهذا تعتقد أغلب النساء الجامعيات أن الجزائر بلد لم يعد صالحا للعيش بالنسبة للنساء.. حيث أن نسبة 59 بالمائة اخترن بلدا آخر العيش، وقد جاءت فرنسا وكندا في مقدمة البلدان التي ترى النساء أنها بلدان تصلح للعيش بالنسبة لأوربا، ثم بيروت ودبي بالنسبة للدول العربية.. 21 في المائة اخترن فرنسا كأفضل بلد للعيش بالنسبة للنساء، وهذا لعدة أسباب في نظر المبحوثات مثل “الحرية نسبة 53 في المائة” المرأة لها اعتبار أفضل في المحيط العام نسبة 50 في المائة، وأخيرا استقلالية المرأة اقتصاديا واجتماعيا نسبة 34 في المائة. فيما يبقى العمل وتكوين الأسرة في مقدمة أولويات الجامعيات بنسبة 71 في المائة و 73 في المائة على التوالي، ثم تأتي الهجرة كأولوية جديدة في سلم اهتمام الجزائريات، حيث أكدت نسبة 46 في المائة أنهن يحلمن بالهجرة. الدراسة كشفت أيضا أن الحجاب بمختلف أشكاله التقليدية والحديثة، لم يعد رمزا أوقناعة دينية لدى الجزائريات بقدر ما صار قناعة أو غطاء اجتماعيا “يتيح للمرأة حرية أكبر في التحرك وتجنب التحرشات في الشارع” بنسبة 27 في المائة، فيما أكدت نسبة 23 في المائة من المستجوبات أنهن يرتدين الحجاب كتقليد اجتماعي “لأن الكل يرتديه”. كشفت حيثيات الدراسة أن هناك قطيعة كبيرة بين الجمعيات النسوية والحركة الجمعوية داخل محيط الجامعة “أكثر من 38 في المائة من الطالبات لا يعرفن الجمعيات النسوية التي تنشط في الميدان”. فيما تبقي قائدات الحركات الحركة النسوية مجهولات لدى الطالبات، وأفضل الشخصيات القيادية في نظرهن يأتي الرئيس بوتفليقة في المرتبة الأولى بنسبة 29 في المائة، ثم لويزة حنون بنسبة 21 في المائة وخليدة تومي ب 4 في المائة، ثم يأتي كل من أبو جرة سلطاني وبلخادم وأحمد أويحيى بنسبة 2 في المائة على التوالي. وقد أكدت الباحثة عائشة زيناي، خلال جلسة النقاش التي نظمتها جمعية المرأة في اتصال رفقة عدد من ممثلات الجمعيات، أن الحركة الجمعوية اليوم مدعوة لمراجعة نفسها وبحث أسباب القطيعة الموجودة بين ممثلي المجتمع المدني وبين الأوساط الطلابية التي تعد بحق مصنعا لتخريج النخبة وتكوين القيادات المستقبلية التي تنشط في الإطار الجمعوي. وأكدت من جهتها، رئيسة جمعية المرأة في اتصال، نفيسة لحرش، أن نتائج الدراسة المقدمة ستكون خلال الأيام القليلة القادمة محل نقاش مفصل في ملتقى سينظم خصيصا لهذا الغرض، لأن الحركة الجمعوية اليوم مدعوة بعد خمسين سنة من الاستقلال لمراجعة نفسها وتقييم مسارها لتطوير أساليب عملها حتى تتلاءم مع معطيات وحاجيات المجتمع الجديد، لأنه حتما هناك أجيال جديدة تختلف اهتماماتها ومطالبها عن الأجيال التي سبقتها. فنتائج الدراسة، حسب نفيسة لحرش، تدعو حقا للتساؤل الجاد عن حصاد خمسين سنة من العمل الجمعوي النسوي الذي لم تستفد منه الأجيال الجديدة..