رغم استحواذ المرأة على أكثر من 60بالمائة من مقاعد الجامعة إلا ان استفادتها من وظيفة لا يتجاوز في الجزائر معدل 14 بالمائة، وهو رقم يدعو للتساؤل عن وجهة النساء المتعلمات داخل المجتمع الجزائري وما هي الأسباب التي حجبت مشاركتهن في ميدان العمل. وللإجابة عن هذه التساؤلات فضل مركز الإعلام والتوثيق لحقوق الطفل والمرأة ''سيداف'' إجراء دراسة ميدانية حول عمل المرأة ومدى تقبله في المجتمع الجزائري. شملت الدراسة عينة من المواطنين من الجنسين ومختلف الأعمار وقد حصرت الدراسة في مجموعة من الاقتراحات التي طلب من المواطنين الإجابة عنها ''هل يحق للمرأة ان تعمل إذا كانت الوحيدة التي تسد حاجيات أفراد عائلتها''. الاقتراح الثاني ''يحق للمرأة ان تعمل إذا كانت ترغب في ذلك''، أما الاقتراح الثالث فقد جاء بالصيغة التالية ''للحصول على المال لعائلتها وأطفالها يحق للمرأة ان تعمل''. ولكي تكون الدراسة أكثر دقة تم وضع مؤشر يجمع بين الاقتراحات الثلاثة استنادا الى الأجوبة المقدمة عن كل اقتراح وتم جمع الردود المساندة لعمل المرأة والعكس وردود الأفعال المعادية لعمل المرأة وقد تم تمييز بناء على الدراسة بين ثلاث مجموعات، مجموعة أكثر تقبلا لعمل المرأة ومجموعة معادية تماما لذلك وأخرى وسطية ليست معادية كليا ولا موافقة كليا. نصف الأمهات يفضلن البنت العاملة بينت الدراسة التي نشرتها ''سيداف'' أن ربع الآباء ونصف الأمهات يتمنون لو كانت ابنتهم عاملة حتى وان كانت متزوجة، حيث بات الحصول على منصب عمل في وقتنا الراهن ضمانا للمرأة من المشاكل التي قد تعترض طريقها في المستقبل كما ان المرأة التي تملك دخلا ماليا مستقلا تكون أكثر اعتمادا على نفسها وتقلل من عبئها على أسرتها. وبالمقابل تؤكد الدراسة ان 4 رجال عازبين من 10 يوافقون على ان تكون زوجاتهم عاملات ويرجع السبب الى عوامل مختلفة أهمها غلاء المعيشة واعتماد الأزواج على مرتبات زوجاتهم لتحقيق نوع من الاستقرار المادي للأسرة، كما ان المجتمع الجزائري أصبح أكثر تقبلا لخروج المرأة للعمل في السنوات الأخيرة خلافا لما عرفه في السابق. 51بالمائة من الرجال يوافقون بشروط لا يخلو قبول عمل المرأة في المجتمع الجزائري من شروط، حيث يجمع 51 بالمائة من الرجال المستجوبين خاصة الآباء منهم على ان عمل المرأة يبقى مقبولا إذا خضع لمقاييس معينة حيث يفضل الآباء ان تعمل بناتهم في ميادين معينة كالتعليم والطب اللذين يبقيان أكثر المواقع استقطابا للمرأة العاملة في الجزائر بنسب تجاوزت الخمسين بالمائة وأحيانا أكثر نتيجة قربه من مقر السكن وحصوله على احترام المجتمع الجزائري ككل. وتبين الدراسة ان نفس الفئة التي أبدت تقبلها لعمل بناتهم حافظت على نفس الموقف بالنسبة لعمل النساء بصفة عامة حيث يبقى هذا الموضوع محل رفض وقبول بين فئات عديدة من المجتمع، إلا ان الملاحظة المهمة ان نسبة تقبل الفكرة بدأت تتسع نتيجة تطور المجتمع وبروز المرأة بشكل كبير في مهن كانت في السابق حكرا على الرجال فقط كالهندسة والطيران وغيرها من المهن الصعبة حيث كسرت المرأة احتكار الرجل لها لسنوات طويلة، كما استطاعت المرأة ان تغير عقلية المجتمع وتجعله أكثر تقبلا لما تختاره من عمل حين برزت في صفوف الأمن من شرطة، جيش ودرك وحتى الحماية المدنية. 74بالمائة من النساء يرغبن في العمل بعد الزواج لم تختلف آراء النساء عن الرجال في موضوع عمل المرأة، حيث أكدت 26 بالمائة من النساء المستجوبات رغبتهن في العمل بعد الزواج إذا رغب الزوج في ذلك وبينت النتيجة ان 74 بالمائة من النساء يرغبن في مواصلة العمل بعد الزواج، اما النسبة المتبقية والمقدرة بأقل من 9 بالمائة، فأكدن أنهن لا يرغبن أبدا في العمل بعد الزواج. أما رأي الرجال في العمل بعد الزواج فنجد ان 45 بالمائة من الرجال لا يرغبون في ان تعمل خطيباتهم مقابل 37 بالمائة منهم يوافقون على عمل زوجاتهم او خطيباتهم، وهي أرقام تبين اختلاف وجهات النظر حول موضوع عمل المرأة في الجزائر الذي بدأ تقبله يزداد شيئا فشيئا لأسباب متعددة اجتماعية واقتصادية وثقافية.