الرئاسة .. عسكرية لا شرقية ولا غربية هل سيحتفل أحمد شفيق في ميدان التحرير؟ واصل حوالي 50 مليون ناخب مصري اليوم الإدلاء بأصواتهم لاختيار رئيس مصر القادم والذي كان الطريق إليه صعب وشائك ولا يزال ينذر باحتمال وقوع مزيد من المشاكل خصوصا وأن جولة الإعادة التي انطلقت أمس وسط إقبال كثيف من الناخبين ومن المقرر أن تنتهي اليوم تقف عن اختيارات متناقضة ولا تلبي أهداف “ثورة 25 يناير”. يعرف اليوم الأول لجولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية المصرية التي يتنفس فيها كل من مرشح الإخوان محمد مرسي والفريق أحمد شفيق الذي يوصف بأنه مرشح المؤسسة العسكرية، أجواء عادية وهادئة عكس ما كان متوقع خصوصا وأنها جاءت بعد يومين فقط من إصدار المحكمة الدستورية لقوانين تاريخية ومفاجئة في تاريخ مسيرة مصر ما بعد “ثورة 25 يناير”. وتقف مصر عند منعرج الجولة الثانية بعد سنة ونصف من الانتظار تحت شروط المجلس العسكري الذي رفض إجراء الانتخابات الرئاسية قبل إعداد الدستور أو تشكيل مجلس الشعب، غير أن قرار المحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب مع عدم تمكن لجنة إعداد الدستور من مواصلة عملها قبل مواعد الجولة الثانية ورغم أن مجلس الشعب يعني حل لجنة الدستور، إلا المجلس العسكري مضى في إجراء انتخابات الرئاسة ولم يوص بتأجيلها رغم أنه يتمتع بالسلطة التشريعية التي تخول له ذلك. “الفجر” واكبت عملية الانتخاب في اليوم الأول لجولة الإعادة، وفي طريقنا إلى زيارة مراكز الاقتراع تشدنا المكبرات الصوتية الضخمة التي كانت تردد الأناشيد والأناشيد الوطنية ورسائل الدعم النفسي للمواطن لحثه على المشاركة فى التصويت. وقد انتشرت سيارات القوات المسلحة وهي تقول للشعب المصري “الجيش معكم” بيننا لم تتوقف مروحيات الجيش من الطواف فوق سماء القاهرة لمراقبة الحالة العامة في مشهد يعزز قناعتك بأن الانتخابات الرئاسية فعلا تحت رعاية المجلس العسكري. وكانت أجواء الاقتراع في مدرسة البهية البرهامية التي زرناها في الجولة الأولى لرصد الناحية التنظيمية والأمنية، لم تختلف كثيرا عن أجواء الجولة الثانية سواء من ناحية الإقبال أو المشاكل التي كانت تحدث بين الناخبين المتزاحمين تحت أشعة الشمس فيما كان يحاول بعض أتباع المرشحين التأثير على الناخبين بالحديث معهم أو توزيع ملصات صغيرة عليها صور المرشحين. وبانتقالنا إلى حي إمبابة الشعبي رصدنا هدوء وسط الطوابير الطويلة الممتدة أمام المدارس القريبة من كنيسة مارمينا التي عاشت واحدة من أعنف حالات الانفلات الطائفي في مصر خلال المرحلة الانتقالية. ويرى الشارع المصري أن فوز محمد مرسى سيقود البلاد نحو الدولة الدينية بينما سيقود فوز أحمد شفيق البلاد نحو الدولة المدنية في ثوب النظام السابق، والتزمت الكنيسة القبطية الصمت ولم تصدر أي تصريحات حول جولة الإعادة بينما أكد الشيخ علي جمعة مفتي الديار المصرية في بيان صحفي تلقت “الفجر” نسخة منه على ضرورة احترام نتيجة ما تفرزه صناديق الانتخابات مهما كانت نتيجتها، في تأكيد تام على أهمية حيادية المؤسسات الدينية لما لها من تأثير كبير على المجتمع المصري. وهو ما يفسر الهجوم الحاد الذي سبق وأن شنه مفتي الديار المصري ضد الشيخ يوسف القرضاوي وخاطبه قائلا “لماذا لا تتكلم في القضايا المهمة وتساهم في نهضة الأمة بدلا من إثارة الفرقة بين الناس بمصر، وتكف عن إصدار الفتاوى التي لا تخدم إلا تيارا حزبيا معينا ارتضى أن يدخل قواعد اللعبة الحزبية؟”. المقاطعون ينافسون مرسي وشفيق محمد البرادعي يعتبر واحدا من أهم دعاة حملة “مقاطعون” التي تسعى لكشف الفجوة بين الانتخابات والإرادة الشعبية الحقيقية، فعبر مقاطعة الانتخابات يسعى أنصار حملة “مقاطعون ومبطلون” إلى خفض نسبة المشاركة إلى أدنى مستوى للتأكيد على أن الرئيس القادم لا يمثل الشعب المصري بل جاء نتيجة تزوير الإرادة الشعبية، وانتشر دعاة مقاطعة الانتخابات أمام العديد من اللجان ومحطات المواصلات وقاموا بتوزيع لاصقات مكتوب عليها “لا تخونوا دماء الشهداء”، “مبطلون” و”مقاطعون”. كما انتشر “القلم الصينى الطائر” المبطل للأصوات والذي انتشرت أخباره على مواقع الإنترنت، حيث يرفض القضاة تصويت الناخبين بأقلامهم، فيما يرفض الناخبون التصويت بالأقلام المتواجدة داخل اللجان خوفا من بطلان أصواتهم لأنها تحتوي على مادة سريعة الزوال. الرئاسة عسكرية لا شرقية ولا غربية من محافظة المنوفية التي خرج منها العديد من قيادات الحزب الوطني واثنين من رؤساء مصر الراحل أنور السادات والرئيس السابق حسني مبارك، إلى محافظة الشرقية التي ينتمى إليها مرشحا الرئاسة المصرية محمد مرسي وأحمد شفيق. ولد محمد مرسى بمحافظة الشرقية سنة 1951، ويعتبر مرسي مرشح جماعة الإخوان بعد أن قرر حزب الحرية والعدالة في 7 أفريل 2012 الدفع بمرسي مرشحا احتياطيا لخيرت الشاطر بعد وجود معوقات قانونية منعت ترشح الشاطر. أما منافسه أحمد شفيق فهو من موليد 1941 بمحافظة الشرقية أيضا. ويعتبر شفيق مرشح المؤسسة العسكرية نظرا لتاريخه الطويل وعمله طيارا بالقوات الجوية وأعلن أحمد شفيق في نوفمبر 2011 ترشحه للانتخابات الرئاسية المصرية. وفي 24 أبريل 2012 قررت لجنة الانتخابات الرئاسية المصرية استبعاده من قائمة المرشحين تطبيقا لقانون العزل السياسي الذي أقره المجلس العسكري في وقت سابق من نفس اليوم ثم أعادته بعد يومين بعد أن طعن أمام اللجنة على القانون مستندا إلى أن القانون الجديد غير دستوري. وينتظر “الشرقوة” كيف سيتعامل ابنهم الرئيس مع محافظته الأصلية وإلى أي مدى سيعيد استنساخ تجربة المنوفية ويؤكد رجال السياسة أن حالة الشرقية لن تكون أحسن من المنوفية خصوصا وأن الظروف الحالية التي يأتي فيها الرئيس القادم تعكس حجم سلطة المؤسسة العسكرية في المرحلة القادمة ما يعني ولاء أكبر للمجلس العسكري على حساب التوجهات الجهوية. القاهرة : علال محمد بين تهديدات الإخوان وصوره الممنوعة في الميدان ورمزية المكان هل سيحتفل أحمد شفيق في ميدان التحرير؟ ارتبطت “ثورة 25 يناير” المصرية التي اطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك بميدان التحرير في القاهرة أكثر من المناطق الأخرى، وتعتبر رمزية هذا المكان المثير للجدل تحد كبير أمام المرشح الذي سيفوز في الانتخابات الرئاسية كما يجمع المراقبون على أن الإعلان عن نتائجها لن يمر دون مشاكل في حال فوز الفريق أحمد شفيق الذي يوصف بأنه مرشح المؤسسة العسكرية. الأكيد بحكم تاريخ ميدان التحرير فإن الفريق أحمد شفيق لم يز مطلقا الميدان منذ تنحي مبارك، كما أن الصور والملصقات الدعائية التي تدعم شفيق ظلت ممنوعة من العرض في ميدان التحرير الذي صدح لأسابيع ولأيام بمليونيات متعددة كانت تطالب في كل مرة بعزل أحمد شفيق والقصاص وترفض أن يكون واحد من أبناء النظام المخلوع رئيسا لمصر. وسط هذه الموجة شديدة الغضب التي لاتزال منبعثة من ميدان التحرير ضد أحمد شفيق، لا يبدو أن هناك فرصة أمامه ليقوم بزيارة ميدان التحرير حتى وإن تمكن من دخول قصر العروبة باستحقاق شعبي، ويؤكد شباب الثورة أن شرعية الرئيس القادم لن تكون إلا عبر ميدان التحرير وهو ما يضع جميع جهود أحمد شفيق عبر المنابر المختلفة لإقناع الشعب بأنه الرئيس المصري المنتخب لا تساوي شيئا أمام تمكنه من إلقاء كلمة للعالم من فوق منصة ميدان التحرير. ويحظى شفيق بتأييد واسع من رموز النظام السابق والصوفيين والمسيحيين وعائلات رجال الشرطة وعائلات رجال القوات المسلحة والعاملين بالسياحة وعائلاتهم وأغلب النساء العاملات المتخوفين وكارهي جماعة الاخوان المسلمين وطبعا المؤسسة العسكرية التي لم تعترض طريقه نحو قصر العروبة بل سهلت عليه المهمة بتوفير الظروف القانونية له للخروج آمنا من السقوط تحت قانون العزل السياسي. ويشكك المراقبون في قدرة المؤسسة العسكرية أو أي جهة سياسية أخرى في أن توفر لأحمد شفيق منبرا في ميدان التحرير يخاطب به العالم والثوار والشعب المصري بصفته رئيسا للجمهورية خصوصا بعد الدعوات والتهديدات التي رفعتها جماعة الإخوان التي وجدت نفسها قد خسرت وبطريقة مفاجئة لجميع مكاسبه السياسية التي حصدتها طيلة المرحلة الانتقالية، كما حذر المرشح محمد مرسي من محاولات للتآمر على الشعب وهدد بثورة عارمة والتضحية من أجل الثورة إذا حدث تزوير في أصوات الشعب، مؤكدا أن الثورة ستكون أشد لمن يحاول غض الطرف عنه وهو ما يعني عدم تنازلهم عن ميدان التحرير الذي يعتبر التنازل عنه لصالح شفيق صفعة كبيرة لهم تضعهم أمام بوابة المعتقلات السياسية في سجن وادي النطرون الشاهد على تاريخ قمع نظام السابق للإخوان والإسلام السياسي.