من المغرب حتى مصر، باستثناء الجزائر، أصبحت راية الإخوان المسلمين ترفرف فوق دول شمال إفريقيا، فالرئيس في مصر إخواني والبرلمان في تونس إخواني ورئيس الحكومة في المغرب إخواني، بينما ينتظر اليوم الشعب الليبي كيف سيتحول البرلمان الأول للبلاد إلى نسيج إخواني جديد في شمال إفريقا، في وقت لا يوجد منافس قوي من التيار الليبرالي أو غيرها في ليبيا المفتوحة اليوم أمام الإخوان المسلمين بشكل كبير، في ظل حالة من الاستقرار الأمني الهش وانتشار النزعة الطائفية والقبلية التي لا تزال تؤرق ليبيا من بوابة برقة التي تصر على الفيدرالية. تحاصر البرلمان الليبي، المكون من 200 مقعد، مجموعة من الأحزاب ذات البعد الإسلامي والفكر الإخواني، وهي تعتبر صاحبة الحظ الأوفر في الفوز بأكبر عدد من مقاعد البرلمان الأول في تاريخ ليبيا المستقلة، والذي من المقرر أن يقوم الشعب الليبي اليوم بانتخابه وسط استمرار حالة الانفلات الأمني في عدد من المدن الليبية، خصوصا في الجنوب التي توصف بها المواجهات المسلحة بأنها نوع من التطهير العرقي، كما لا تزال تطل على ليبيا العديد من الملفات السياسية والاقتصادية الشائكة وذات الطابع القبلي منذ مقتل العقيد معمر القذافي بعد حرب دامت حوالي سنة عرفت فيها العديد ليبيا العديد من الانحرافات على حقوق الإنسان، وهو ما جعل منظمات حقوق الإنسان الدولية تتنافس فيما بينها لإصدار تقارير تتكلم عن التجاوزات خلال حرب ”ثوار” ليبيا ضد نظام القذافي التي تمت برعاية حلف الناتو. ... برلمان ليبيا إخواني بلا منافس وفي ظل غياب أرضية سياسية ليبية عريقة وغياب ثقافة الممارسة السياسية، بسبب سيطرة الحكم الشمولي على ليبيا تحت راية معمر القذافي الخضراء قبله النظام الملكي منذ سنة 1963، تتنافس الأحزاب الليبية على مقاعد البرلمان الأول من نوعه في عهد ليبيا الجديد، ويغلب على الأحزاب السياسية الطابع الإسلامي، بعد أن نجح تيار الإخوان في ليبيا في مهمة إزاحة الشخصيات ذات البعد الليبي من المجلس الانتقالي الليبي الذي يدير شؤون البلاد في ليبيا، بمعية حكومة أغلبيتها إسلامية، فعلى غرار الأحزاب الإسلامية التي حققت نجاحات في الانتخابات في كل من مصر وتونس بعد انتفاضات الربيع العربي العام الماضي، من المتوقع، حسب المراقبين، أن تتمخض الانتخابات عن تشكيل برلمان ليبي يتسم بالأغلبية الإسلامية. كما أن موجة ”ألربيع العربي” في مصر التي تعرف وصول أول رئيس إسلامي إلى الحكم، وتونس التي عرفت نجاح الإخوان في افتكاك الأغلبية البرلمانية، وحتى في المغرب التي عرفت فوز التيار الإخواني برئاسة الحكومة، فتحت شهية الإخوان في ليبيا للانخراط وبقوة في سباق البرلمان، فالجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا والذي أنشئ على نسق جماعة الإخوان المسلمين في مصر والذي يتزعمه محمد صوان، وهو معتقل سياسي سابق في عهد القذافي، يعد المنافس الأقوى لباقي الأحزاب السياسية التي تخوض الانتخابات التشريعية اليوم في ليبيا. وبالإضافة إلى الحزب الذي يتزعمه محمد صوان؛ فهناك أيضا حزب الوطن الذي يتزعمه القيادي الإسلامي عبد الحكيم بلحاج، المتهم بالحصول على دعم مالي قطري. كما أن هناك الجبهة الوطنية وهي مرتبطة بالجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا المنبثقة بدورها عن جماعة الإخوان المسلمين بزعامة المعارض الليبي محمد المقريف. بينما ينافس السلفيون بحزب الأصالة الذي يتزعمه الشيخ عبد الباسط غويلة. وتقدم الحزب ببعض المرشحات اللائي ظهرن بالنقاب في الملصقات. وترى الجماعة أن الأحزاب السياسية غير إسلامية ويحبذ الإشارة إلى نفسه باسم التجمع. أما الأحزاب الليبرالية فلا تبدو حظوظها كبيرة، حتى حزب التيار الوطني الوسطي يتزعمه علي الترهوني وهو مرشح ليبرالي شغل منصب وزير النفط أثناء الانتفاضة الليبية، وتحالف القوى الوطنية الذي ينضوي تحت لوائه 65 حزبا ليبراليا ويتزعمه محمود جبريل، فهو أيضا ينادي بتطبيق معتدل للإسلام كما يدعو لإرساء دعائم دولة مدنية ديمقراطية. ولا تعتبر مسألة شكل الدولة الليبية في المرحلة القادمة محط جدل، بعدما أوصى المجلس الوطني الانتقالي الليبي بأن تكون الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع في ليبيا، مؤكدًا أن هذا الأمر ”ليس قابلًا للاستفتاء”. كما قال المتحدث باسم المجلس، صالح درهوب: ”نذكر أن الشعب الليبي يتمسك بالإسلام عقيدة وتشريعًا، والمجلس يوصي المؤتمر التأسيسي بأن تكون الشريعة المصدر الرئيسي للتشريع وليست قابلة للاستفتاء”. .. الاستثناء الجزائري.. الشتات السوري لماذا فشل الإخوان في الجزائر؟ هو السؤال الذي لا يريد أنصار التيار الإخواني في الجزائر الحديث عنه بشكل مباشر، مركزين على أن أسباب الفشل تعود إلى تزوير الانتخابات التشريعية الأخيرة والتي خسفت بأحلام التيارات الإسلامية الجزائرية التي تخوض حربا سياسية ضد نتائج الانتخابات، كما لم ينجح الإسلاميونفين عبور المشهد في سوريا الذي تعرف واحدة من أعنف الأزمات السياسية والأمنية منذ حوالي عام ونصف العام. ويواجه الفكر الإخواني في سوريا مشكلة توحيد صفوفهم وتجاوز خلافات النزاع على السلطة حتى داخل ما يطلق عليه المجلس الوطني السوري الذي لا يزال يواجه انقسامات عنيفة بالنسبة للإخوان، خصوصا بعد إزاحة برهان غليون من رئاسة المجلس، بعد أن اتهم بمحابة الإخوان على حساب التوافق الوطني، كما حاول إخوان سوريا تمديد فترة رئاسة برهان غليون لرئاسة ”المجلس الوطني السوري” لضمان ريادتهم لفكرة إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد. ويتحدث الإخوان في سوريا أنهم قادة ”الربيع العربي” في سوريا ضد الأسد، ولكن حالة من الانقسام وتعقد النسيج الاجتماعي السوري وسط صعود التيار الكردي وضع الإخوان في حالة من التخبط لمدة عام ونصف العام، عجزوا فيها عن حشد الدعم الكافي من أجل استنساخ التجربة المصرية والتونسية.