سعود صالح ل “الفجر”: “وصول الإسلاميين للرئاسة في شمال إفريقيا أمر مستبعد” أعلن المرشحين المحسوبين على التيارات الإسلامي المحتملين لرئاسة مصر، تحالفهم من أجل الدفع بواحد منهم للنجاح في سباق الرئاسيات المصرية المقرر خلال السداسي الأول من العام القادم، إلى ذلك لا تزال الأبواب مفتوحة أمام التيار الإسلامي في الدخول إلى قصر قرطاج بعد انتهاء المرحلة الانتقالية التي يرأسها المنصف المرزوقي، وللخبراء والمراقبين آراء متباينة حول حظوظ حصول التيار الإسلامي على منصب الجمهورية في الدول التي تعرف ربيعا. تشير تصريحات الأحزاب السياسية الإسلامية في كل من مصر وتونس رفضهم لفكرة دعم المرشحين الإسلاميين نحو كرسي الرئاسة، وذلك لما للمرحلة القادمة من حساسية، ورغم ذلك فقد كشف المرشحون المحتملون لرئاسة مصر كل من سليم العوا الأمين العام السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والمرشح لرئاسة مصر، والداعية الإسلامي حازم صلاح أبو إسماعيل، وعبد المنعم أبو الفتوح العضو السابق بمكتب إرشاد جماعة الإخوان، عن تحالف بينهم من أجل الدفع بواحد منهم للفوز بمقعد رئاسة مصر، وهو المنصب الذي استعصى على التيار الإسلامي للوصول إليه، فمنذ أن استقلت مصر عن الانتداب البريطاني سنة 52 فقد ظل كرسي الرئاسة المصرية حكرا على القيادات القادمة من المؤسسة العسكرية، ولكن التحالف الإخواني الجديد الذي اتسمت به السياسية العسكرية المصرية مؤخرا من خلال الانفتاح على التيار الإسلامي ومد يدها لها، وهو ما يفسر فوز الإخوان بأكبر عدد من المقاعد في البرلمان المصري. ويجمع الخبراء على أن منصب رئيس الجمهورية في مصر لا يمكن أن يكون في معزل عن المنطقة، وهو يدفع بالمرشحين لمغازلة اتفاقية كامب ديفيد الموقعة مع إسرائيل من خلال إطلاق تصريحات تطمينية لإسرائيل بعدم تعديل الاتفاقية الأكثر جدلا في تاريخ العلاقات العربية الإسرائيلية. ويؤكد الدكتور أيمن عبد الوهاب، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن أبواب الرئاسيات في مصير لا تزال مفتوحة على جميع الخيارات ومنها التيارات الإسلامية التي حققت فوز “هام” في انتخابات مجلس الشعب، ويوضح الدكتور أيمن أن حظوظ التيار الإسلامي في الوصول إلى كرس الرئاسة المصرية لا تزال قائمة، كما يقول: “الحركات الإسلامية لديها أرضية عريضة كبيرة جدا في مصر رغم كل من تعرضت له من عداء واتهامها بمعاداة الديمقراطية، إلا أن لغتها في الفترة الحلية وحرص المرشحين القادمين من العباءة تيار الإخوان المسلمين على التوازن في إطلاق التصريحات، يعزز من حظوظهم حتى في الظفر بمقعد الرئاسة. كما يقول الدكتور المصري: “الأحزاب الليبرالية تعاني من تفكك ونوع من التخبط في طرح وجهات نظرهم، وهو ما يعزز من موقف المرشحين أصحاب الأجندات الدينية الواضحة والتي تربى الشارع المصري على عدم التصادم معها”. وهي وجهة النظر التي يشدد على رفضها الخبير عماد جاد الخبير بمركز الأهرام للدراسات، مشيرا إلى أن الإسلاميين الذين تمكنوا من الوصول بقوة إلى مقاعد البرلمان في مصر باستخدام الدعاية الدينية يدركون أن لعبة الرئاسة أمر مختلف، لهذا هم يؤكدون على أنهم لن يؤيدوا أي مرشح للرئاسة، لأن معركة الرئاسيات في مصر لها حسابات أخرى كما يقول الدكتور عماد: “الإخوان حصلوا على الضوء الأخضر لحشد الأصوات بالشعارات الدينية في معركة الانتخابات، ولكن أستبعد تماما أن يتحقق لهم نفس المناخ في الوصول إلى الرئاسة “. أما الدكتور سعود صالح الباحث والمحلل السياسي الجزائري، فقد استبعد وصول الحركات الإسلامية في بلدان الربيع العربي إلى رأس هرم السلطة، حيث اعتبر أن ما حدث في الوطن العربي السنة الفارطة أعطى درسا للحركة الدينية في الوطن العربي وجعلها تدرك من خلاله أن العمل المتسرع نحو الوصول إلى السلطة غير مفيد في المرحلة الحالية، وذلك لعدم انسجام الحركة ذاتها وعدم توافق أطروحاتها مع محيطها الوطني والدولي، ومن ثم يضيف الدكتور سعود فإن هذه الحركات بدأت تعمل من أجل الوصول إلى مراكز صنع القرار، لأن ذلك سيساعدها في المستقبل من أجل بناء استيراتيجية فعالة تمكنها من قبول المجتمع لها وإزالة ما عرف بمشروعها من شوائب من شوائب من ناحية أخرى، ومن ثم يعتبر أستاذ العلوم السياسية بأن وصولها إلى راس هرم السلطة غير متوقع في المرحلة الحالية حتى من قبل قادتها. وقال المحلل السياسي: “الحركات الإسلامية هذه التي لا ترغب اليوم في تولي رئاسة الجمهورية سواء في تونس أو في مصر هي تقوم حاليا بوضع استراتيجيات متوسطة وطويلة المدى لتحقيق هدف الوصول للرئاسة، ومن ثم فإن قبولهم لبعض المواقف التي تتناقض مع أطروحاتهم هي عملية تكتيكية للوصول إلى قبول المجتمع لطروحاتها المتشددة، وهذا ما يفسر رفض اخوان مصر ترشيح رئيس للجمهورية من الحركة”. وفي المشهد الليبي التي عززت من قبضة التيارات الإسلامية في تحرك زمام الأمور في ليبيا، يدفع بتوازنات الأمور السياسية في شمال إفريقا في المرحلة القادمة نحو مزيد من الغموض حول ملامح رؤساء شمال إفريقيا، في المرحلة القادمة في ليبيا التي يجمع الخبراء على أن الصراعات الأيديولوجية في ليبيا تؤسس لها القبائل والمناطق التي رسمت ملامح الصراع المسلح الأخير في ليبيا بين “الثوار” الذين يريدون مشاركة أكبر في السلطة وتقاسم مقاليد تسيير البلاد مع المجلس الوطني الليبي الذي يترأسه مصطفى عبد الجليل وحكومة عبد الرحيم الكيب. ويرتبط المشهد الليبي بشكل كبير جدا مع المحيط الخارجي خصوصا للدور الكبير الذي لعبته دول التحالف الدولي في مهمة إسقاط نظام القذافي، حيث يرى الخبراء أن هناك صعوبة في التعامل مع المحيط الخارجي مباشرة وخاصة الغرب، رغم أن الدول الكبرى بدأت تبحث عن التيار الإسلامي الذي يحافظ على مصالحها لأنها أدركت أن التصادم مع الأجسام الصلبة لا يفيد مصالحها.