تطرق أستاذ علم الاجتماع السياسي ناصر جابي في كتابه ”لماذا تأخر الربيع الجزائري”، الصادر عن منشورات الشهاب، تشكيلة الظروف السياسية، الثقافية، الاجتماعية والاقتصادية التي صنعت للجزائر الاستثناء في الحراك العربي الذي مس معظم الدول العربية، مفسرا بذلك علامات الاستفهام التي تطرح داخل وخارج الوطن على افتراض تأخر ربيع الجزائر الثوري. وعرض الكاتب عبر صفحات مؤلفه البالغة 232 صفحة، وجهة نظره من خلال الدراسات التي حاول من خلالها الإجابة عن صعوبة التغيير السياسي في الجزائر وبقيت هذه الأخيرة بعيدة عن مجريات ما يحدث في الوطن العربي خاصة الإطار الشمال إفريقي، واستعرض جابي خصوصيات المجتمع الجزائري ومسألة الأجيال السياسية واستحواذ جيل الثورة على السلطة، وطرح فرضيتين للتغيير في الجزائر الأولى تكون سلمية بعيدة عن العنف أما الثانية فلن تخرج عن الصراع بين الأجيال. كما تطرق الكاتب إلى إشكالية صناعة القرار في الجزائر التي تفرض فيها القوى العسكرية كامل هيمنتها على الحقوق المدنية دون تطبيق القوانين التي تبقى حبرا على ورق، من خلال تشريحه لدور مؤسسات الدولة من برلمان أحزاب وحكومة في الفترة الممتدة ما بين 1988 إلى 2005. سلط جابي الضوء في دراسته على كل من الحزب العتيد، حركة مجتمع السلم وجبهة القوى الاشتراكية، لجس نبض المسار الديمقراطي داخل الأحزاب السياسية الجزائرية، وتوقف مطولا عند موجة الحركات الاحتجاجية التي شهدتها الجزائر شهر جانفي من السنة الماضية واصفة إياها بأنها مجرد تعبير عن ضعف الأشكال التنظيمية التي شاركت فيها، ورصد ملامحها العامة من مشاركة الشباب، الشعارات، لتنظيم ومساهمة الأحزاب والجمعيات المُؤطرة لهذه الحركات.