حلّل الباحث ناصر جابي، في كتابه الجديد الصادر حديثا عن منشورات ''الشهاب''، بعنوان ''لماذا تأخر الربيع الجزائري'' أسباب استعصاء التغيير السياسي في الجزائر. وقال في حوار مع ''الخبر'': ''حاولت في هذا الكتاب أن أتعرف على الأسباب العميقة التي تجعل الجزائر حتى الآن عاجزة عن إصلاح نظامها السياسي''. وفضّل الأستاذ جابي التطرق في كتابه إلى عدة مستويات متعلقة بجوانب هيكلية، كالحزب السياسي الذي فشل في الحصول على مكانته داخل دواليب النظام السياسي، ولم ينجح في خلق ثقافة ديمقراطية تجعله لا ينفجر ويعرف انشقاقات أمام كل أزمة، مهما كانت عادية وبسيطة في حياة أي تنظيم سياسي. وأضاف: ''كما تطرقت في هذا الكتاب إلى الآليات التي كان من بينها مسألة نوعية اتخاذ القرار داخل النظام السياسي، التي تجعله عاجزا في الكثير من الأحيان عن المبادرة والتكيف السريع مع الأحداث، ينتج قرارات متخبطة لا يتحمل أي إنسان أو مؤسسة تبعاتها''. كما تم تناول الكتاب، حسب الأستاذ جابي، مسألة الانتخابات، وكيف لم تصبح بعد آلية للتداول على السلطة، وإحداث التغيير المطلوب على النظام السياسي الوطني. وقال بخصوص هذه المسألة: ''بالطبع هناك مستويات أخرى تم التركيز عليها في هذا الكتاب، مسألة ما يميز الجزائر ونظامها السياسي من خصوصيات على مستوى العلاقة بين الأجيال والسياسة''. ويعتقد جابي أن ما يزيد من صعوبات التغيير السياسي في الجزائر يكمن في أن ''التغيير المطلوب لا يعني فقط تغيير الوجوه، ولكن تغيير تسيير المؤسسات السياسية والعلاقات فيما بينها وطرق تسييرها، كما أنه التغيير لابد أن يمس الجيل الكبير الحاكم، الذي لم يعرف كيف يبادر بالتغيير في الوقت الحالي، الذي يعد ''وقتا مثاليا'' بالنسبة للتغيير السلمي والهادئ. وعن سؤال حول ما إذا كان المجتمع الجزائري مستعدا للتغيير، رد الأستاذ جابي قائلا: ''الجزائريون مستعدون، ويطالبون بدرجات متفاوتة بالتغيير. نحن أمام سيناريوهين للتغيير في الجزائر من خلال الدراسة التي قمت بها ضمن هذه الدراسة المنشورة في الكتاب. هناك السيناريو السلمي والهادئ، الذي يمكن أن يتم جزئيا على الأقل داخل وبواسطة المؤسسات المختلفة كالأحزاب. وهو سيناريو تغيير يملك قاعدة شعبية داخل الفئات الوسطى والفئات العليا التي تريد أن تحافظ على مواقعها بل وتحسن منها. سيناريو تغيير يتطلب تنازل الجيل السياسي الحاكم حاليا لجيل الأصغر سنا منه، والحاضر بقوة داخل المؤسسات الرسمية كالمؤسسة والأحزاب والنقابات.. الخ. سيناريو تغيير يمكن أن يكون سلميا، ويبقي الجزائر، عقائديا، في إطار الوطنية. للأسف هناك مطالبة بتغيير آخر أكثر شعبية قد يكون السيناريو الثاني، الذي يعني أن الجيل الحاكم حاليا يرفض، أو لا يستطيع، أن يغادر مقاليد السلطة في الوقت المناسب. هذا السيناريو معناها تدخل قوى اجتماعية أخرى ممثلة بما سميته بالجيل الثالث الشاب، الذي سيقود تغييرا عنيفا موجها ضد الجيل السياسي الحاكم وضد المؤسسات.. هذا السيناريو حاضر شعبيا، ويمكن أن يكون عنيفا، ومن خارج المؤسسات''.