أفاد وزير المالية، كريم جودي، أن الاحتراز المالي الذي تدعو إليه تتبناه الحكومة سيتجسد من خلال دعم الجباية العادية لكنه لا يدعو أبدا في أي حال من الأحوال إلى تقليص التحويلات الاجتماعية ودعم الأسعار أو كتلة الأجور. وطمأن وزير المالية، أمس الأول، على أمواج الإذاعة الوطنية، أن الاحتراز المالي الذي تنتهجه الجزائر منذ سنوات لا ينتج عنه تقليص التحويلات الاجتماعية أو وقف دعم الأسعار مؤكدا ”سيدفعنا إلى رفع عائداتنا الجبائية غير البترولية وليس لتقليص نفقاتنا الخاصة بالتسيير مع التمسك بالتوصل إلى استقرار هذه النفقات للتمكن من تقليص نقاط الإفراط”، في خطة من الحكومة لشراء السلم الاجتماعي من منطلق أن العديد من القطاعات تتواجد على صفيح ساخن وتتوعد بشن حركات احتجاجية متى وجدت الشرارة الأولى لذلك. وأضاف وزير المالية في سياق تبريره، أن السياسة المالية والاقتصادية للدولة تندرج في إطار ”مسعى مشروع مجتمع” يعتبر فيه دعم السكان المحرومين ”مبدأ لا تعتزم الدولة التراجع عنه”، مؤكدا أنه من الصعب توقع تقليص في كتلة الأجور والتحويلات الاجتماعية والأعمال التضامنية في إطار الإجراء الخاص بدعم التشغيل، في حين أن الاقتصاد لازال لا يستطيع تلبية الطلب في مجال التشغيل، بينما أعترف أن مساعدة الدولة في إطار التحويلات الاجتماعية ودعم المنتوجات تتطلب ”صرامة أكبر في مجال التوزيع”، مضيفا أن مثل هذه الصرامة قد تواجه ”ضغوطا كبيرة” في تطبيقها. ولدى تطرقه إلى قانون المالية 2013، أوضح جودي أن مشروع قانون المالية لسنة 2013 يتوقع ارتفاعا بنسبة 3 بالمائة في نفقات التسيير إذا ما استثنينا قيمة مؤخرات الأجور المكرسة في سنة 2012 والتي لم تعتمد في سنة 2013 بطبيعة الحال، فيما تشهد نفقات التسيير تشهد تراجعا بنسبة 12 بالمائة، وسيتم الحفاظ على لتحويلات الاجتماعية في نفس المستوى مع سنة 2012 تقريبا أي بقيمة 1400 مليار دينار. وبخصوص نفقات التجهيز، فقد برّر جودي انخفاضها بنسبة 10 بالمائة في إطار مشروع قانون المالية لسنة 2013 بكون المخطط الخماسي للاستثمار العمومي (2010 - 2014) اقترب من نهايته، أما عن عجز الميزانية المقدر بنسبة 18 بالمائة من الناتج القومي الخام سنة 2013، أشار الوزير أن الجزائر ستحتاج لسعر برميل بترول يفوق بقليل 70 دولارا لتمويل هذا العجز وذلك بعد التغطية عبر الموارد المتوفرة في قنوات الخزينة، وعن سؤال حول الضغط الجبائي الذي كثيرا ما يتحدث عنه المتعاملون الاقتصاديون، أكد جودي أنه مع مختلف التسهيلات الجبائية المتاحة منذ سنتين، لم تعد الضريبة تشكل قيدا أمام الاستثمار في الجزائر خاصة مع تسجيل نمو خارج المحروقات”. وطمأن الوزير أن الثروات المتأتية من المحروقات تضاعفت بخمس مرات خلال العشرية الأخيرة وأصبحت تمثل 70 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، أما عن المطالب المتعلقة بالإعفاء الجبائي قال الوزير إن ”الضريبة تشكل فعلا تضامنيا وأداة لتمويل النفقات العمومية التي تعود بالفائدة على الجماعة المحلية ولا يمكن بالتالي إلغاؤها”، في تطرقه للقاعدة 51 - 49 بالمائة التي يخضع لها الاستثمار الأجنبي في الجزائر، مؤكدا أنها ”لا تكبح الاستثمار وأن الكثير من المشاريع تنجز في ظلها”. وعن مكافحة الرشوة وتبييض الأموال أفاد جودي أنه يجري حاليا وضع ”نسيج من الترتيبات” بغرض مضاعفة فعالية جهاز المكافحة القائم، وبخصوص احتمال شراء الجزائر لرأسمال الوطنية تيليكوم، في حال رغب هذا المتعامل في التنازل عن جزء من رأسماله أوضح الوزير قائلا ”كل ما قمت به هو مجرد قراءة تنظيمية ردا عن سؤال طرح علي، لكن للدولة أن تمارس أو لا حقها في الشفعة”.