تكشف مباركة قدوري محافظة مهرجان المهرجان الثقافي الدولي للرقص المعاصر الذي ينطلق بقصر الثقافة مفدي زكريا بالعاصمة في الفترة الممتدة من 15 إلى 22 من الشهر الجاري، البرنامج العام للتظاهرة وكذا بعض الأمور المتعلقة بها، على غرار تغيير موعده والقيمة المالية التي رصدت للمهرجان لأول مرة منذ استحداثه وكذا احتمال تنظيمه بولاية جزائرية غير العاصمة، وعن هذا الموضوع ونقاط أخرى تقول في حوار ل ”الفجر” التي زارتها بمقر وزارة الثقافة بالعاصمة. كم يبلغ عدد الدول المشاركة في هذه التظاهرة؟ يقدّر عدد الدول التي تشارك في التظاهرة التي يحتضنها قصر الثقافة مفدي زكريا في الفترة الممتدة من 15 إلى 22 نوفمبر الجاري، 18 دولة بالإضافة إلى الجزائر المنظمة للحدث، بمجموع 19 فرقة من مختلف قارات العالم على غرار آسيا، أوروبا، إفريقيا وأمريكا اللاتينية، منها 6 فرق جزائرية، هذا وتعرف التظاهرة وجود 4 فرق ستكون خارج المسابقة ولا تتنافس على الجائزة التي تخصص للفائز بالمرتبة الأولى، الثانية الثالثة والجائزة الرابعة المخصصة للجنة التحكيم، عكس السنة الفارطة التي عرفت مشاركة 16 دولة، باجمالي15 فرق أجنبية و4 فرق جزائرية، إلى جانب تسجيل حضور عربي مهم ممثل في كل من دولة فلسطين، العراق، مصر، سوريا، المغرب وتونس التي تشارك بفرقتين إحداها تتنافس على الجائزة، بينما تنشط الثانية حفل فني مع نظيراتها من الجزائر وكذا مصر التي تمثلها الفرقة العريقة في الوطن العربي”دار الأبرا المصرية”، إلى جانب فرقة ”عماد جمعة” المعروفة على المستوى العالمي. على أي أساس تمّ انتقاء هذه الدول وهؤلاء المشاركين؟ كما سبق وأن أشرت إلى أن الحدث يتزامن والاحتفال بالذكرى الخمسين لاسترجاع السيادة الجزائرية وبالتالي جاء اختيار هذه الدول نظرا إلى عدة اعتبارات أهمها ماضيها مع الجزائر، وصداقتها منذ عقود طويلة مع بلادنا في مجالات مختلفة سواء كونها دول صديقة آنذاك أو ممن كانت تقدم الدعم المادي وتمنح المساعدات الإنسانية وغير ذلك لاسيما إبان سنوات الاحتلال، حيث ناضلت بقوة من أجل إبراز القضية الجزائرية، وهذا في اعتقادي هو المغزى من جمعها كلها لأنها شاركت في المحنة الجزائرية على غرار كوبا، الكونغو، السينغال وبعض الدول الأخرى. إذ اتصلنا بها ووجهنا لها الدعوة للمشاركة في هذا الحدث الثقافي الدولي، غير أن بعضها تعذر عليه المجيء لأسباب تقنية فقط ونعتذر في هذا الإطار من منبركم للجمهور الجزائري ولعشاق الرقص المعاصر. هل تؤدي الفرق الأجنبية الطبوع الخاصة بها، أم أنها تكون مكيفة وطبيعة خمسينية الاستقلال؟ تكون الرقصات عصرية وتحمل الطابع الحضاري والزمني حيث تؤدي كل فرقة ما اعتادت أن تقدمه في وطنها أو في بلدان أخرى لكن تتنوع المواضيع فقط والتي تعبر في أغلبها عن التحرر وكسر القيود الاستعمارية وكذا معالجة المعاناة والمحن على اختلافها وتنوعها، فعلي سبيل المثال الفرقة التونسية التي تشارك في المسابقة ستجسد ثورة الياسمين وأحداثها، باعتبار الفرقة وليدة الثورة، حيث ستروي المعاناة التي عاناها الشعب التونسي في تلك الفترة من العام الماضي. هل تمّ استحداث جائزة مالية لهذا المهرجان بعد أن اقتصر سابقا على جوائز تشجيعية؟ دعني أوضح لك شيئا، في الطبعات السابقة كانت الجوائز رمزية وتشجيعية فحسب، لكن وبما أننا نحتفل بالذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر دون استثناء مستوى الفرق الجزائرية الذي يعرف تطورا ملحوظا في ميدان الرقص وحضور مشاركين جاؤوا في إطار الاحتفال بالمناسبة، فقد قررنا تخصيص جائزة مالية بقيمة 3000 أورو للفائز بالمركز الأول، بالإضافة إلى مبالغ مالية أخرى رصدت للجوائز الثلاثة المتبقية. بعيدا عن مضمون المهرجان، لماذا تم تغيير موعده بعدما اعتدتم تنظيمه في ال20 من شهر نوفمبر من كل سنة وقدّم إلى 15 من الشهر ذاته؟ لسبب بسيط وهو موعد الانتخابات المحلية المقررة في ال 29 من الشهر الجاري وحتى لا نقع في نفس توقيت الحملة الانتخابية ارتأينا تقديمه بخمسة أيام عن موعده المعروف تفادي لأي طارئ. ألا تعتقدين بأنّ هذا الإجراء قد يعطي منحى آخر لقيمة المهرجان ويخفض من نسبة حضور الجمهور بصفة عامة وعشاق الرقص المعاصر بشكل خاص؟ يعد هذا التغيير مجرد استثناء فقط خاص بهذه السنة، كما أن المؤسسات تابعة للدولة وعلينا احترام قوانينها ومن أجل مراعاة حسن الأداء وتفادي أي خلط قد يوقعنا في مشاكل قمنا بتقديمه إلى تاريخ ال 15 من الشهر الجاري، واستغل هذه الفرصة لأعتذر للجمهور الكريم وأوفياء المهرجان. هل اتخذتم تدابير تفيد بتغيير موعد التظاهرة؟ بطبيعة الحال قمنا على مستوى المحافظة عن طريق خلية الإعلام بعمليات تحسيسية، تفيد بتغير في تاريخ تنظيم المهرجان قبل موعد تنشيط الندوة الصحفية المقررة في ال 11 من هذا الأسبوع التي يتم خلالها الإعلان الرسمي للحدث، كما لا يمنع هذا من مواصلة العمل وإعلام الجمهور الجزائري بهدف تحقيق دعاية كبيرة لهذه التظاهرة الثقافية الكبرى، حيث تم التحضير لها من كافة الجوانب، وحصريا لجريدتكم، سنقوم بتنظيم حفل فني كبير لفائدة الشباب بالتنسيق مسؤولي المجمع التجاري ”أرديس” بفضاء هذا الأخير وذلك يوم 13 من الشهر الجاري أين يتم الإعلان الفعلي للحدث بطابع شبابي محض عكس التظاهرات الثقافية الأخرى التي تبدأ بحفل شعبي، وفضلنا في هذا الصدد مشاركة الشباب حتى يعبروا عن أنفسهم. ماذا أضاف هذا المهرجان للثقافة الجزائرية وللرقص المعاصر بشكل خاص؟ لا تنسى بأنّ فن الرقص المعاصر هو فن قائم بذاته وحديث النشأة في العالم أجمع وبالخصوص في الجزائر، إلا أن المهتمين به عندنا كان لهم بعض التردد نتيجة الخوف من عدم نجاح وتحقيق صدى مميز، لكن بالتنسيق مع المؤسسات القائمة مثل البالي الوطني والديوان الوطني للثقافة والإعلام وكذا الفرق والتعاونيات المختصة في الرقص إضافة إلى الفاعلين في هذا الحقل، حيث حاولت كلها إعطاء دفع لهذا الحدث بهدف التعبير عن أنفسها وإثبات وجودها وحتى رغبة منها في كسب الخبرة وتحصيل الجوائز، لذلك أعتقد بأنّه الشيء الأهم في هذه الفرصة الثقافية التي تسمح بالتبادل الثقافي بين مختلف البلدان، إلى جانب الطابع الأكاديمي الذي يتمثل في الاعتماد على مؤطرين في المجال ذو مستوى عالي. هل يكون المؤطر الأجنبي كالمعتاد حاضرا في الدورة الرابعة؟ بكل تأكيد، لدينا مؤطرين من الولايات المهرجان سيكونان حاضرين طوال فترة المهرجان من 15 إلى 20، إذ يعمل الأستاذ الأول مع البالي الوطني والثاني مع الديوان الوطني للثقافة والإعلام، إلى جانب تأطير الورشات التي تبدأ مع المهرجان حتى ختامه، كما تكون هناك ورشة أخرى سيحتضنها نادي عيسى مسعودي بالإذاعة الوطنية تنشط مناوبة من طرف عدة فرق فنية وبهذه الأنشطة سيكون للشباب الجزائري فرصة سانحة للتعرف على تقنيات الرقص الحديثة. كيف هو وضع التبادل الثقافي في هذا المجال، لاسيما على مستوى تأطير الفرق الجزائرية وتكوينها في الخارج؟ أقرّ بوجود محادثات وعروض حول بداية جديدة في مجال التعاون الفني الخاص بالرقص من الطرفين الجزائري وبعض البلدان الأخرى لا داعي لذكرها الآن، سوى أننا لم نستقر على بدأ التجربة بعد، وإن شاء الله، في المستقبل سيكون هناك تبادل ثقافي وفني كبيرين في مجال الرقص المعاصر، كما أن هذا المهرجان يعد فرصة لإثبات وتحقيق هذا التبادل وخوض تجربة مفيدة. هل من الممكن أن يخرج المهرجان من العاصمة مستقبلا؟ هناك بعض الاقتراحات في هذا الشأن، سوى أنّ الحدث لا يزال في بدايته والدليل هو في طبعته الرابعة، لذلك هو مجرد فكرة واقتراح لم يجسد بعد، حيث لا يستبعد أن ينقل من العاصمة خلال السنوات القادمة إلى ولاية جزائرية أخرى. كان شعار الطبعة السابقة لمهرجان الرقص المعاصر ”آثار”، فماذا عن شعار الدورة الرابعة لهذه السنة؟ لقد عمدت المحافظة على اختيار شعار آخر يحمل اسم ”حركات بلا قيود” خلافا لتسمية الشعار السابق الذي كان تحت عنوان ”آثار”، حيث نلجأ في كل سنة إلى استحداث تسميات جديدة تكون لها دلالة وتتماشى مع هذا الحدث الثقافي الدولي الذي يتنوع من دورة لأخرى. كيف وقع اختياركم على هذه التسمية ”حركات بلا قيود” دون تسميات أخرى؟ لا تنسى بأنّنا نحتفل بالذكرى الخمسين لعيد الاستقلال والشباب وكل التظاهرات التي تقوم بها وزارة الثقافة على غرار باقي القطاعات تندرج ضمن هذه التظاهرة الكبيرة المخلدة لتاريخ الجزائر الطويل في النضال والكفاح، لذلك جاء الاختيار انطلاقا من كون حركة الرقص التي يمكن القول بأنها تحررت في الخمسين سنة الماضية وبالتالي اقتبسنا الشعار من الحرية والانعتاق وكل هذه الأمور المرتبطة به التي تدل على تحرر الحركة، كما أنّ الرقص المعاصر هو تعبير عن أشياء موجودة في نفس الراقص عبارة عن حركة وحوار في آن واحد يريد من خلالها إيصال رسالة معينة إلى شخص ما أو جهة معينة بالإضافة إلى استثناء التحرر من القيود التي كانت عليها في السابق. بما أنّ الشعار يتماشى مع مناسبة الذكرى الخمسين لعيد الاستقلال، هل لتصور الرقصات التي ستعرض طوال أيام التظاهرة جانبا من الكفاح الجزائري؟ هذا الأمر يتعلق بالمواضيع وليس الرقصة في حد ذاتها، حيث توجد مواضيع متعددة تؤديها فرق كثيرة تتناول الثورة وكفاح الشعب الجزائري وبقية القضايا التحررية التي حدثت في العالم، وليس التطرق إلى الثورة بمفهومها المعروف غير أنها كما قلت تندرج في ذات الحدث، أي التحرر من الاستعمار والقيود المفروضة وتصوير معاناة ومحن مختلف الشعوب بالإضافة إلى تصوير الإنجازات التي قامت بها الجزائر طوال الخمسين سنة الماضي.