في البداية معرض بعنوان "13" ما هي دلالات الرقم؟ رقم 13 يعني العديد من الخيارات واختياري لهذا الرقم لم يكن إعتباطيا، أولا المعرض إجمالا مرفوع إلى تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية، وكان من المفروض أن يقدم هناك ولكن لظروف معينة وكذلك لتأخري في العمل لم يشارك وعليه كان المعرض في الشهر ال 13 بعد تظاهرة تلمسان، كذلك رقم الولاية 13، كما أنني قدمت 13 لوحة لتلمسان من مجموع 25 لوحة، وبالتالي الرقم بمثابة عرفان لهذه الولاية والمدينة التي تستهويني فيها العراقة والأصالة وكذا المعمار الإسلامي. كذلك من جهة أخرى، في سن ال13 بدأت في أخذ أول دروس الرسم على يد الأستاذ علي ساكر لمدة سنتين تعلمت فيها أساسيات الرسم، رغم أنني بدأت الرسم منذ عمر الخامسة. مصطفى لصطب معروف بأنه صحفي بالإذاعة الوطنية، حدثنا عن هذه الطريق الموازية وما هي حدود العمل بين الرسم والصحافة؟ الرسم هواية أو مهنة بالتخفي، منذ سن الخامسة وأنا أرسم ولم أتوقف مطلقا، لكن كان لابد لي من مهنة تحت ضغط العائلة، عقلية المجتمع الجزائري لا ترضى بامتهان الفن لا الرسم ولا المسرح ورغم التشجيع الذي لقيته من الأهل كانوا يفضلون الدراسة والعمل في غير الفن، لهذا السبب لم أدرس الفن ودرست الصحافة واللغة الإنجليزية، القليل فقط يعرف أنني أمارس الرسم، في مكان العمل لم يعرفوا ذلك إلى غاية يوم المعرض أين قدمت لهم الدعوة وكانت مفاجأة بالنسبة لهم. لا أعرف، لاشعوريا أنا لا أقول أنني أمارس الرسم، بالنسبة للجميع أنا مصطفى لصطب الذي يقدم نشرات الأخبار في الإذاعة الوطنية وليس الرسام. لو كان بيدك الخيار، من تفضل على من الصحافة أم الرسم؟ الرسم هو المهنة، والصحافة هي الهواية، لم أتخيل في يوم من الأيام أنني سأتوقف على الرسم، والعكس ممكن ومحتمل، رغم أنني لم أدرس في مدرسة الفنون الجميلة ولكنني أسعى لتعلم التقنيات عن طريق نصائح المختصين والكتب المختصة، إلا أنني في الفترة الأخيرة قصرت كثيراً في جانب الرسم بسبب مشاغل الحياة وركضها المستمر. أنت عصامي ولكن ألا تتفق معي أن العصامية المطلقة كانت قديما، الآن هناك دورات قصيرة المدى، هناك احتكاك فني، هناك تكنولوجيا ودروس عبر الأنترنت؟ بالنسبة للتكوين الأكاديمي في جامعة أو مدرسة فنون جميلة للأسف لم أتلق ذلك، ولكن أساسيات الرسم أخذتها لمدة سنتين على يد أستاذي علي سكار وبعدها واصلت الدراسة الذاتية، تعلمت التقنيات واصلت الاشتغال على موهبتي عن طريق الكتب ونصائح المختصين، ولكن مع العمل والالتزامات الخاصة بالحياة تراجع الاهتمام قليلا. نعود إلى المعرض، متى رسمت هذه اللوحات ولماذا لم تشارك بها في تلمسان؟ لم أتلق المساعدة، كان هناك نوع من التعطيل الإداري أو البيروقراطية إن شئت، كنت قد تقدمت لوزارة الثقافة بالمشاركة ولكنني لم أجد الدعم الكاف من الديوان الوطني للفنون الثقافية، فأجهضت وجهة المعرض الأولى. ماذا كان علي أن أفعل؟ التجأت إلى مؤسسة فنون وثقافة والحمد الله سهلت لي عرض هذا المعرض الأول. بالنسبة لللوحات رسمت بعضها في الماضي وكانت موجودة عندي في البيت، كذلك قمت برسم لوحات خاصة بتلمسان (13 لوحة) فأنا أحب رسم موضوعات إسلامية بتقنية مائية، ولدي اهتمام خاص بالمعمار الإسلامي. ما هي تقنية الرسم لديك إذن، وموضوع المعمار الإسلامي يشكل في لوحاتك المساحة الأكبر؟ علينا أن نعرف أنه لا توجد مدارس ابتكرها العرب ما عدا الخط العربي، وبالتالي أنا أشتغل على موضوعات إسلامية معمارية بتقنية فنية أوروبية، أفضل كثيرا تقنية الرسم المائي لأنها شفافة وسريعة الجفاف، وأدمج في ذلك تقنيات المدرسة الإنطباعية التي تركز على الضوء، وبالتالي الألوان الشفافة مع الضوء تعطينا نتيجة جيدة جدا خاصة في المناظر الطبيعية المفتوحة على السماء. كان اختياري في هذه المرة على تلمسان ولكن في المرات السابقة سأحاول التطرق إلى أمور جديدة المهم أن تحتوي على الأصالة وعلى الحنين، أحب الأشياء القديمة أحب ذلك العبق وأشعر أنه يحتوى على لون ما أستطيع رسمه، أما المواضيع الجديدة فلا يمكنني رسمها على الإطلاق، يستحيل أن أرسم محطة ميترو مثلا. الرسم التجريدي لا أحبه كثيرا، ولكن لا أعرف قد يحدث التحول، أنا في بداية الطريق كل الرسامين يبدؤون بالذي يفهمه الجميع ثم يتخصصون إلى النخبة. لماذا تفضل التقنية المائية؟ الزيتي يأخذ وقتا حتى يجف، كما أنه مكلف أكثر، لذا أحبذ الرسم المائي لكن أنا لم أفرط في الرسم الزيتي هناك لوحات كثيرة رسمتها بالتقنية الزيتية، أجد أن الزيتي يصلح في رسم الطبيعة الصامتة أما تسجيل المناظر الطبيعية فهي تحتاج إلى الرسم المائي وألوانه الشفافة. كيف ترسم.. ما هي طقوس الرسم لديك هل ترسم تحت تأثير حالة ما؟ أرسم الآن في نهاية الأسبوع وفي العطل، أرسم في النهار، من المستحيل أن أرسم في الليل لأنني أحتاج إلى الإضاءة الطبيعية، أحتاج أيضا إلى سكون ولا يمكنني مطلقا الرسم على موسيقى أو حديث ما، لابد من تركيز كلي بيني وبين اللوحة أو تفرد كامل بها.. حتى في البيت لابد لي من هذه الشروط حتى أتمكن من الرسم. من هو الرسام الجزائري الذي يمثل لك نموذجا يمكن الإقتداء به وهل أعدت رسم لوحات فنان ما؟ لا أحب إعادة لوحات الآخرين، ولم أقم في هذا في حياتي أعرف أنها تمارين جيدة ولكنني لا أتمكن من القيام بها لأنه لا يمكنني تقليد شعور الآخرين، اللوحة بالنسبة لي ليست صورة فوتوغرافية ولكن شعور وبالتالي لا يمكنني تقليد الشعور مهما كنت قريبا من اللون والتقنية. أما عن أهم الرسامين الجزائريين الذين يشكلون الفرق في رؤيتي وذوقي الخاص هو الفنان نصر الدين ديني، الذي أعتبره شخصيا جزائريا، كذلك الرسام حسين زياتي الذي يختص بتقنية جميلة جدا في الرسم الواقعي، وكذلك صافية زوليد في الرسم المائي. كإعلامي سبق لك وأن غطيت المشهد التشكيلي في الجزائر، ما هو تقييمك لواقع الفنون التشكيلية؟ لا يمكنني الإجابة على هذا السؤال، في كل فن يجب أن يكون هناك صحفيين متخصصين، وربما التخصص في التشكيل قليل مقارنة مع الصحافيين المهتمين بالكتابة، أو الذين هم يحترفون الكتابة في حد ذاتهم، وبالتالي في الفن التشكيلي لا يوجد تخصص. بعد المعرض.. هل من تشجيع حقيقي، وهل من مشاريع جادة؟ نعم، حضر في الافتتاح عدد من الرسامين المحترفين قدّموا لي التشجيع والنصيحة، ولعل أهم نصيحة خرجت بها من هذا المعرض الأول هو ضرورة تكبير حجم اللوحة أنا من قبل كنت أهتم بالموضوع وباللون ولا أعير الحجم أهمية خاصة، الذين حضروا المعرض من المختصين لاحظوا ذلك وسوف أصحح ذلك لأن ذلك لا يضر باللوحة ويسعد الجمهور. وعليه في المرات القادمة سأشتغل على التفصيل في اللوحة أكثر.
في الوسط الصحفي هناك تقاطعات إبداعية، عدد هام من الصحفيين يمارسون بالموازاة الكتابة الإبداعية، ولكن القليل جدا من يمارس الفن التشكيلي ويحتمي باللون ضياء إضافيا يعلن فيه شخصه وهويته. "مصطفى كمال لصطب" من هؤلاء الذين يشتغلون في صمت مع اللون والميكروفون، من مواليد بسكرة سنة 1982، حاصل على ليسانس في الإعلام وآخر في الإنجليزية التطبيقية، قدم هذا الشهر معرضه الأول والموسوم ب"13" برواق عائشة حداد من تنظيم مؤسسة فنون وثقافة، الذي تضمن 25 لوحة مرسومة في الغالب بتقنية الألوان المائية مع وجود بعض اللوحات الزيتية، يخبرنا في هذا الحوار ل "الفجر الثقافي" عن ولعه بالرسم الذي بدأ معه مبكرا، كما يحملنا في رحله إلى معرضه "13" مؤكداً أن الرقم هو فال خير عليه بل وله دلالات أخرى سنكتشفها معا.