الشعوب العربية طفح بها الكيل ومن الصعب الاستهزاء بها.. أكد الشاعر والناقد المصري، علاء عبد الهادي، أن المنظومة الفكرية العربية لا ترتقي إلى المستوى المطلوب، باعتبار أن المشهد السياسي الطاغي عليها ساهم بقدر كبير في تلثيم أفواه المثقفين الذين أعلنوا تمردهم عن الوضع الحالي خاصة الذي يسود مصر والبلدان المجاورة كسوريا، تونس، ليبيا واليمن، في جلسة جمعت “الفجر” بالناقد علاء عبد الهادي بفندق سميراميس بالقاهرة، أكد أن الوضع الحالي الذي انصب جراء الربيع العربي لم يغير شيئا من حال الشعوب أكثر ما زاد من تأزمها. الشاعر علاء عبد الهادي من جيل السبعينيات. ناقد أكاديمي ومفكر مصري، نال دكتوراه في الفلسفة في النقد، كما شارك في مناقشة عدد من رسائل الماجستير والدكتوراه، في النقد الأدبي وفي الأدب المقارن، وفي تحكيم أبحاث الترقية العلمية في النقدين الأدبي والمسرحي، وفي الأدب المقارن. تحدث عن الأدب الجزائري وعن ملحمة شعراء الجزائر و على الخصوص شاعر الثورة الجزائرية مفدي زكريا، فكان هذا اللقاء. تتميزون بمسيرة أدبية زاخرة، هل لنا أن نتعرف على أهم الانجازات التي سجلت حضوركم على الساحة الإبداعية العربية؟ حقيقة تمكنت خلال ربع قرن أن”أثري” إن صح التعبير في المجال الأدبي بعدد من الإنجازات، كما أشرفت على تخرج العديد من الطلبة و حتى بعض الأكاديميين في مجال دراسات النقد و رسائل الماجيستير والدكتوراه، كما تمت ترجمة العديد من الأعمال التي أنجزتها إلى الإنجليزية والفرنسية، والإسبانية والمجرية. كما تم تُرجمة ديوان “سيرةُ الماء” إلى الإنجليزية. وديوان “معجم الغين” إلى الفرنسية والانجليزية، بالإضافة إلى عدة كتب وإصدارات كان لها صدى كبير على مستوى العالم العربي، منها كتاب “لكِ صِفةُ الينابيعِ يكشفكِ العطش، من إصدار دار الواحة، “ط1”، سنة 1987، بالقاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب،”ط2”. 2005، وقد ضم هذا العمل مجموعة من قصائده المنشورة في حقبة السبعينيات. حليبُ الرمادِ، القاهرة: دار صاعد.، 1994.من حديثِ الدائرة، دراما شعرية نثرية، دار صاعد.، 1994أسفارٌ من نبوءةِ الموتِ المخبّأ، القاهرة: الهيئة العامة لقصور الثقافة.، 1996 سيرةُ الماء، القاهرة: مركز الحضارة العربية.، 1998الرَّغام، مركز الحضارة العربية.، 2000. معجم الغين، الهيئة المصرية العامة للكتاب، “ط1”، 2002، الهيئة المصرية العامة للكتاب. النشيدة، سنة 2003 ، شَجِن. أما آخر إصدار فكان كتاب منى و الحكايات التي تخبئ خطوتها في القصيدة (من يوميات ثورة يناير) 2013. تختبئ وراء كتاباتك الأدبية رموز استدلالية لواقع معيشي لفئة محددة من المجتمع، فهل لنا أن نتعرف على هذه المعاني ولماذا البحث عن خفايا إبداعية قد تحدث تغييرا إيجابيا للمواطن؟ لا يمكن أن نقول عن هذه الرموز إنها خفايا إبداعية، لأن الإبداع في حد ذاته استنطاق الكاتب و الشاعر للتعبير عن مختلجاته التي تتكتم وراءها العديد من الصور الجميلة قد تظهر من خلال مسايرة الواقع والأحداث، والعالم العربي مليء بالتناقضات الفكرية والاجتماعية والسياسية التي جعلت من المواطن أداة فعالة في تغيير الواقع المعاش، وهو الأمر الذي وصلت اليه بعض الدول العربية خاصة بعد الثورات العربية المعلنة في الربيع العربي، فالأمر بات واضحا ولسنا بحاجة إلى إخفاء أي إطار أو فعل سياسي أو اجتماعي، فالشعوب العربية طفح بها الكيل ومن الصعب الاستهزاء بها. وماذا عن الدراسات النقدية للمسرح العربي، كيف تحددون هوية المسرح في ظل كل الأزمات التي نعيشها في الوقت الراهن؟ المسرح العربي لم يعد يهتم بالنظرية الفكاهية التي تنعش المتفرج وينتهي مفعولها بمجرد إنزال الستار وانتهاء العرض، رغم أنني لا أنكر أن هناك أعمالا مسرحية شكلت أسطورة في المسرح العربي، منها مسرحية الفنان الكبير عادل إمام “شاهد ماشفش حاجة”، والتي لايزال الجمهور يطالب بإعادة عرضها، وأيضا مسرحية “العيال كبرت” وعدة أعمال فنية أخرى شكلت نسيجا فنيا بارعا. كما أن المناصب التي تقلدتها منها خاصة كنت عضوا في عدد من الجمعيات النقدية والأدبية والدولية منها: الجمعية الدولية للمسرح، والجمعية الدولية للأدب المقارن، وغيرهما، ساهمت في إثراء رصيدي المعرفي، بالإضافة إلى أنني عضو في الجمعية الدولية للمسرح والجمعية الدولية للأدب المقارن. هل يمكن أن تحدثوننا عن التجربة الأدبية الجزائرية، و عن أهم الشعراء والأدباء الجزائريين الذين شكلوا منعرجا هاما في المسيرة الأدبية العربية؟ للجزائر تجربة رائدة و متميزة في تاريخ الأدب العربي، و لا أحد يستطيع أن ينكر ذلك نظرا للزخم الثقافي المتنوع الذي عرفته الجزائر خلال السنوات الماضية وحتى إبان الاحتلال الفرنسي، وتكفي الروائع الشعرية التي كتبها الشاعر المميز مفدي زكريا، وشكلت ملحمة رائعة، والملقب بشاعر الثورة الجزائرية ومؤلف النشيد الوطني الجزائري قسما، الذي أبدع تصوير لملحمة الشعب الجزائري الخالدة، بالإضافة إلى عدة أقلام كانت تكتب باللغة الفرنسية والعربية، ولنا في مثال على ذلك ياسمينة خضرا و غيرهم كثير. ولعل أبرز ما تتسم به التجربة الأدبية في الجزائر أن مضمونها يرتكز على تجارب اجتماعية وسياسية ومصيرية، وارتباطها برؤية إيجابية للتاريخ ولحركة المجتمع. وما هي آخر مشاريعك الأدبية؟ شاركت خلال بداية شهر ماي الجاري في فعاليات مهرجان “هاي فستيفال” العالمي ببيروت، للسنة الثانية علي التوالي، قدم خلاله نشاطات ثقافية وتربوية كثيرة بحضور شخصيات أدبية وفكرية من أنحاء العالم، منها الروائية اللبنانية حنان الشيخ والروائي، والمخرج البريطاني حنيف قريشي، والكاتب الفرنسي باتريك دوفيل، والكاتب النروجي كارل أوف كناوسغارد، والصحافي والرسام جو ساكو، وغيرهم. ويهدف المهرجان الذي يمتد ثلاثة أيام إلي إيجاد مساحة للحوار والمناقشة الفكرية والثقافية في منطقة تشهد غليانا سياسيا واجتماعيا حادا. وما هي أهم أعمالك النقدية والفكرية التي قدمت باللغتين العربية والانجليزية؟ فعلا، لقد قدمت دراسة عن بلاغة اللاوعي الإبداعي، الشعر نموذجاً، الشعرية المسرحية المعاصرة، حول اتجاهات ما بعد الحداثة في العرض المسرحي و تجليات الأداء في التراث المسرحي العربي قبل عام 1847م. “بالإنجليزية”والنوع النووي، نحو مدخل توحيدي إلى حقل الشعريات المقارنة كما قدمت أيضا قصيدة النثر والتفات والنوع الشعر والأنتروبيا، دراسة في الفوضى وعمل المصادفة، بالإضافة إلى كتاب عن التطهير المسرحي بين النظرية والأثر، قراءة في شعرية بريخت المسرحية وقراءات في السرد النسوي، العولمة والهوية: صناعات الهوية ونقض فكرة الأصل. ما هي الرسالة التي توجهونها إلى الشعوب العربية والمبدعين في العالم العربي؟ الهوية العربية لا ترتسم بالتباهي والانطواء بل تتجلى في مضمون الفكر المعاصر بإعطاء أقصى رموز المرجعية الأدبية، وعلى المبدع العربي أن يتدارك ما فاته من تطور حضاري فكري ربما الغرب كانوا الأسبق في ذلك، لكن المفكر العربي يملك ميكانيزمات عامة تجعله يخلد في الفكر المعاصر العربي والعالمي، وعلينا أن نستغل هذه المعطيات.