وزارة التضامن تطالب باستقالة رئيس جمعية"قايم" تراجيديا حقيقة يعيشها أطفال المركز الطبي النفسي التربوي للمعوقين حركيا ببرج الكيفان، بعد أن تم إغلاقه بسبب عجز الجمعية المشرفة عليه ”قايم” دفع مستحقات المؤطرين والتربويين للتكفل بهم، ولكن ثقل المصاريف جعلت هذا المركز هيكلا دون روح، ما أدى إلى غلق أبوابه وإلغاء آمال 40 معوقا للعودة إلى الحياة والاندماج في المجتمع وتصور مستقبل مشرق.. أطفال في عمر الزهور تقشعر لمرآهم الأبدان، وتنحني أمامهم الأحاسيس المرهفة.. لتزيدهم البيروقراطية معاناة على معاناة في ظل صمت مطبق للمسؤولين. ”أعيدوا فتح المركز، ربي وكيل من وقف وراء عرقلة تعليم أطفالنا وتعمدوا إطفاء شمعة أمل أبنائنا، ماذا تعني مليار سنتيم، هي الميزانية المخصصة للتكفل بأطفال أصيبوا بشلل بنسبة 100 بالمائة بسبب خلل صحي أثناء الولادة أو بعدها”.. هي الكلمات التي أجمع أولياء هؤلاء الأطفال على ترديدها والدموع تغمرهم.. داعين السلطات المعنية، وعلى رأسها رئيس الجمهورية، للإسراع في معالجة أبنائهم من خلال إعادة فتح أبواب مركز برج الكيفان الذي تكفلت به جمعية ”قايم” لرعاية الأطفال المعوقين. من حقنا التعلم كأقراننا دموع نداء، غضب وتوسل للسلطات.. هو ليس طلب للشفقة ولكنه حق مشروع، فهؤلاء الأطفال جزائريون من حقهم العيش كأقرانهم ومن حقهم أيضا تعلم الكتابة والقراءة، فهم يتمتعون بنضج فكري كبير ومشكلتهم الوحيد هي الإعاقة الحركية.. تقول إحدى السيدات التي يعاني ابنها من إعاقة حركية وغلق هذا المركز لمدة 4 سنوات أعاد تراجع مستوى ابنها إلى الصفر. ”هناك نقطة استفهام كبيرة لماذا تجميد ملف التكفل من قبل وزارة التضامن وولاية الجزائر التي في كل مرة تؤكد أنه لا يوجد أي مرسوم أو طلب أرسل إلينا للنظر في إعادة فتح هذه المدرسة، ما جعلنا نتساءل لماذا هذه البيروقراطية في التعامل؟ ومن وراء إقصاء الأطفال المعوقين وسد أبواب الرحمة في وجوههم”، يقول السيد كمال ڤاروت، فرئيس الجمعية يملك سكنا داخل المدرسة وكان المبرر الوحيد للوزارة المعنية هو أن يخرج رئيس الجمعية من السكن الذي يشغله بالمدرسة، وهذا ما تم، ولكن طالبوا بعد ذلك بإخراج مكتب الجمعية تماما من المدرسة، داعين إلى فتح المكتب في مكان آخر، وهو الأمر الذي اعتبره الأولياء غير منطقي، فكيف سيباشر العمل والإشراف على الأطفال الذين هم في أمس الحاجة إلى من يرعاهم بصفة مباشرة والنظر في شؤونهم. المدرسة تتوفر على كل المستلزمات من قاعات خاصة بإعادة التهيئة والعلاج وقاعات للدروس التربوية والبسيكولوجية ومطعم للمتمدرسين، ناهيك عن ساحة كبيرة محاطة بالأشجار الخضراء، فعلا هو مكان مهيأ وجاهز لاستقبال هذه الفئة من الأطفال، فالمدرسة كانت عبارة عن هبة من السلطات الفرنسية.. من وراء إقصاء المدرسة..؟ خلال الفترة السابقة تم الاتفاق مع سوناطراك للإشراف عليه ووعددت بإنجاز مسبح خاص ومصعد للمعوقين، ولكن بات المشروع في خبر كان. فمن وراء هذا الإقصاء؟ تبقى نقطة استفهام كبيرة، فالجزائر تقوم بتقديم مساعدات لمختلف البلدان، منها الصومال ومالي والعراق، ماذا يعني مليار سنتيم فهي لا تمثل نقطة من الماء في بحر يفيض بالخيرات.. لا تعطونا أموالا ولكن ادفعوا مستحقات المربيين فقط والمشرفين على إعادة إدماج أطفالنا، يقول نفس المتحدث، ونحن مستعدون لإطعام أطفالنا من أموالنا الخاصة”.”أنا عامل بسيط في البلدية راتبي الشهري يقدر ب 15000 دج شهريا، فكيف لي أن أتكفل بطفل معوق بنسبة 100 بالمائة، لقد تسبب إغلاق هذه المدرسة بالإعاقة المعنوية أكثر منها فيزيولوجية، وهذا ما جعلني أستنجد بأهل زوجتي لتكملة رعاية ابني، فوالدتي طاعنة في السن ولا يمكن لها التكفل بطفل معوق”. أنا عندي الإمكانيات -تقول أم أحد المعوقين بالمدرسة - أملك سيارة ولكن التنقل بسيارتي من مراكز إعادة التهيئة والتنقل إلى مكان آخر للتدريب اللغوي ”أورطوفونيا” في وسط الازدحام الشديد الذي تشهده شوارع العاصمة، يدخل الأولياء في صراع نفسي كبير، لماذا لا نوفر لهم مركزا واحدا يضم كل هؤلاء الأطفال؟؟”. من جهة أخرى، يقول ولي أمر طفل آخر معاق:”إن رئيس الجمعية، مكيري علي، لايزال حاليا يقطن في المركز، ليس لشيء آخر ولكن لحراسة التجهيزات الخاصة بالمعوقين، خاصة أنها تعرضت مؤخرا للسرقة وألقي القبض على المجرمين وهم حاليا متابعون قضائيا، وهو ما جعل رئيس الجمعية يؤكد لنا أنه استقال من الجمعية”. أم أخرى قالت وهي تصرخ ”ابنتي اصبحت تحت إشراف المربية ولكن لاتزال في حالها، فالمربون عملهم خاص ونحن نواجه مشاكل كبيرة معهم”. التحقت في السنوات الاخيرة بالمركز، ما جعلها ترتبط به كثيرا وأحبت الجو في هذه المدرسة، بل أصبحت ترفض العودة إلى البيت ولا يمكن ان تتصور الفرحة التي تنتابهم وهم في طريقهم إلى هذا المركز ”ابنتي كانت تنتابها حالات نفسية مضطربة طوال الليل ولكن بمجرد أن التحقت بالمدرسة استقرت نوعا ما”. إشارات مبهمة غير مفهومة، أكد جمع من هؤلاء الاطفال أنهم يعشقون هذه المدرسة، حيث ارتقوا لاستعمال أبسط الإشارات لإيصال رسالتهم والتوسل الى الله لتحقيق أمنياتهم وهي أن تكون لهم القدرة على الكتابة والمشي على اقدامهم.. ومن جهة اخرى أكد الأولياء أنهم يعتزمون تنظيم وقفة احتجاجية الاسبوع القادم أمام مقر الوزارة. وزارة التضامن تطلب استقالة رئيس الجمعية لحل المشكل بغية النظر في حيثيات الموضوع، اتصلنا بوزارة التضامن، والتي أكدت من جهتها أن قضية جمعية أيقم قديم جدا قد تتدخل فيه أطراف عديدة، ولكن الأساس أن رئيس الجمعية يشغل سكنا داخل المدرسة، والذي ليس من حقه، خاصة أنه يملك سكنا خاصا به وعليه إخلاء المكان، والوزارة مستعدة لإعادة فتح المدرسة فورا، داعين إلى النظر لمصلحة هؤلاء الأطفال بعيدا عن أي مصلحة خاصة . وبعد أن أخبرناهم باستقالة رئيس الجمعية، أكدوا ضرورة تقديم الاستقالة إلى الجهات الخاصة وكل الأمور ستعاد إلى مجراها الطبيعي.. وفي مراسلة أخرى قمنا بها إلى ولاية الجزائر مصلحة الشؤون الاجتماعية والتضامن، إلا أننا لم نتلق إلى غاية كتابة هذه السطور أي رد.