تمر اليوم 25 سنة كاملة على ذكرى أحداث 5 أكتوبر 1988، التي اختلفت تسميتها من شخص لآخر، بين انتفاضة وأحداث ومؤامرة عند البعض الآخر، لكن دون أن يعرف الجزائريون شيئا بالتفصيل عن الأحداث التي ولدت الديمقراطية وخلصت الجزائريين من نظام الحزب الواحد بقيادة جهاز جبهة التحرير الوطني آنذاك، بسبب الصمت الذي لازم الشخصيات التي كانت في واجهة الحياة السياسية وقتها، سواء الأموات منهم كالرئيس الشاذلي بن جديد ومدير ديوانه العربي بلخير إلى جانب الهادي لخذيري، قاصدي مرباح وآخرين، أو الأحياء كحال الجنرال خالد نزار. يرجع جهل الجزائريين بتفاصيل الأحداث خاصة ما تعلق بالخلفية السياسية وسياق الحدث، إلى صمت عدد من الفاعلين السياسيين آنذاك، شأنهم في ذلك شأن بعض صانعي أمجاد الثورة التحريرية الذين فضلوا الرحيل في صمت ومعهم أسرارهم، فاليوم وبعد 25 سنة من الأحداث يكون عدد كبير من الشخصيات التي كانت في قلب الواجهة غادرت الحياة دون أن تقول شيئا، وفي مقدمتهم الرئيس الشاذلي بن جديد، الذي غادر قبل سنة من الآن في صمت كبير، حيث كان هذا الأخير أهم شخصية في الأحداث باعتباره كان رئيسا للجمهورية ووزيرا للدفاع الوطني وأمينا عاما لجبهة التحرير الوطني، حيث لم نسمع عن بن جديد الذي عرف بتواضعه أن خاض في الموضوع ولو بعد عشرية من مغادرته قصر المرادية، كما لم يتطرق المرحوم بن جديد إلى تفاصيل أحداث 5 أكتوبر 1988 في مذكراته التاريخية، رغم الجدال الإعلامي والسياسي والتاريخي التي أثارته المذكرات التي خرجت للسوق أسابيع قليلة بعد رحيله في أكتوبر 2012. وما يقال عن الشاذلي بن جديد، يقال أيضا عن أبرز رموز نظام الحزب الواحد، ويتعلق الأمر بالشريف مساعدية، الذي رحل هو الآخر دون أن يقول شيئا عن الأحداث، رغم أن هذا الأخير كان في مقدمة قائمة الشخصيات السياسية المغضوب عليها شعبيا قبل وبعد الأحداث. ومن الذين ظلوا صامتين على 5 أكتوبر 1988، قاصدي مرباح الذي تولى منصب رئيس أول حكومة تشكلت بعد الأحداث، حيث كان الرجل بطابع تكوينه في جهاز الأمن العسكري يعرف بعض كواليس خيوط هذه الأحداث، لكنه لم يدل بشيء للرأي العام إلى أن وافته المنية غدرا بالرصاص سنة 1993، كما لم نسمع عن وزير الداخلية آنذاك الهادي لخذيري، أن خرج عن صمته في الملف، حيث تكلم المرحوم كثيرا عن أحداث الربيع الأمازيغي سنة 1980، باعتباره كان مديرا للأمن الوطني آنذاك، لكنه لم يدلى بالمقابل بأي شيئا عن أحداث أكتوبر 1988، رغم الاتهامات التي وجهت لسلك الأمن الوطني بالاعتقالات العشوائية وبعض الاغتيالات في صفوف المتظاهرين، كما لم يخوض المرحوم عبد الحميد مهري، أول أمين عام لحزب جبهة التحرير الوطني بعد الانفتاح الديمقراطي في القضية. وما أصاب الذين رحلوا من الشخصيات الوطنية الفعالة في المشهد السياسي سنة 1988، يقال عن الأحياء منهم، وفي مقدمتهم الوزير الأول الأسبق الإبراهيمي، الذي سبقه محمد الميلي إلى جانب اللواء خالد نزار الذي كان يومها قائدا للقوات البرية، غير أن الجنرال خالد نزار تكلم في عموميات من بعض جوانب الحدث عبر بعض المنابر الإعلامية ومن منطق مسؤولياته كمكلف بضمان الأمن على مستوى العاصمة. وبهذا الصمت تبقى أحداث 5 أكتوبر1988، في طي الكتمان هي الأخرى، رغم بروزها في السنوات الأخيرة كورقة في صالح الجزائر مع موجات ما يسمى بالربيع العربي الذي اجتاح ويجتاح دول عربية.