نزل في المكتبات الجزائرية، مؤخرا، للكاتب والصحفي الفلسطيني كفاح جرار المقيم بالجزائر. كتاب جديد أصدره عن منشورات الأنيس تحت عنوان ”زوايا ثائرة من اللوحة إلى البندقية”. العمل الذي جاء من الحجم المتوسط يتناول قصة الزوايا الجزائرية ودورها في محاربة الإستعمار الذي حاول طمس الهوية الجزائرية وعروبتها وتاريخها منذ بداية الاحتلال سنة 1830 الى غاية الاستقلال في 1962 بدءا من اللوحة إلى البندقية. جاء في غلاف الكتاب أنّ الزوايا لها حضور مميز في المقاومات التي عرفتها الجزائر تاريخيا، وثار الإشكال حولها فيما بعد فهل كانت الزوايا محرضة أم مندحرة؟ وهل لعبت دورا إيجابيا في الثورة أو غير ذلك؟. غير أنّ الرأي السائد كما قال كفاح جرار إنّ المعروف عن الزوايا بأنّها كانت في البدء قاعدة ثورية متينة وأصيلة. وربما لهذا السبب وضعت السلطات الاستعمارية نصب أعينها هذه الهيئة وتحطيم وتقزيم دورها في حياة المواطن والفرد الجزائري، وهي إن نجحت في ذلك إبان الثورة إلا أنّها ساهمت في تنشئة الفرد وتوعيته من كل تطرف فرنسي ومحاولة لطمس هويته. كما ساهمت من جهة أخرى بالدفع في عملية الوعي بالثورة وتقبلها كونها أساس التغلب على الاستعمار إلى جانب الحوار السياسي. ويضيف الكاتب أنّ الزوايا حافظت بعد إخضاعها على تعليم أسس الدين والشريعة للناس البسطاء، كما أنّها أبقت جذوة العربية مضيئة وإن علاها بعض الشحوب، باعتبارها على الأقل بعض مقاومة لسياسة التجميل الاستعمارية واحتكارها للعلم بلغة المستعمر. وينتقل في هذا الصدد كفاح جرار عبر صفحات العمل إلى الحديث عن ثورة التحرير وموقع الزوايا فيها من خلال الصراع الحاصل بين التيار الخانع المسالم الذي روّج لمقولة قدرية الاستعمار والتيار الآخر الجهادي المقاوم.. دون أن يفصلها الموضوع عن جمعية المسلمين الجزائريين التي ساهمت بأفكارها منذ ثلاثينيات القرن الماضي بالتحريض على الزوايا ذات التقليدي الدراويشي نسبة إلى الدروشة. مركزا في السياق على أنّ معظم الزوايا المنتشرة عبر ربوع الوطن آنذاك تم تدميرها وتشريد أتباعها و العاملين فيها وروادها، على غرار زاوية العوفية بولاية المدية التي قدمت مجاهدين وكانت مددا حقيقيا للثورة التحريرية الكبرى، إلى جانب زوايا أخرى.