كل إجراء بيروقراطي وراءه محاولة للفساد أمهل الوزير الأول عبد المالك سلال أعضاء حكومته من الوزراء ثلاثة أشهر كأقصى تقدير لظهور أول المؤشرات الواقعية لتوصيات الثلاثية الاقتصادية، وتجسيدها ميدانيا على مستوى مختلف القطاعات الاقتصادية، بالتنسيق مع الشركاء من أرباب العمل وممثلي الجبهة الاجتماعية في الاتحاد العام للعمال الجزائريين. كشف الوزير، في ختام أشغال الثلاثية، أن أبرز ما خرجت به الأطراف من اقتراحات، تشكيل خمسة فرق عمل مهمتها الأساسية إعطاء نفس جديد للاقتصاد الوطني عبر تبني توجه جديد، وأشار المتحدث إلى أن فريق العمل الأول يكلف بإعداد العقد الاقتصادي والاجتماعي حول النمو، يعمل تحت إشراف وزير التنمية الصناعية وترقية الاستثمار. ويتعلق فريق العمل الثاني الذي يترأسه وزير المالية باقتراح كيفيات مساهمة صندوق الوطني للاستثمار في تمويل النشاط الاقتصادي الوطني العمومي والخاص على حد سواء، أما فوج العمل الثالث الذي يشرف عليه وزير البناء والتعمير والمدينة، فيكلف بتشجيع الإنتاج الوطني، بما فيه القرض الاستهلاكي بالنسبة للمنتجات المحلية، وتشير التوصيات إلى تكليف فوج العمل الرابع بتأطير عمليات التسيير يشرف عليها مدير الديوان لدى الوزير الأول، وفريق العمل الأخير مكلف باقتراح كيفيات تسهيل مشاركة المؤسسات الوطنية للبناء والأشغال العمومية والمياه لإنجاز البرنامج الوطني للتجهيز تحت إشراف وزير التجارة. وراء كل إجراء بيروقراطي محاولة للفساد أشار الوزير الأول عبد المالك سلال إلى أن الموظفين الفاسدين يختبئون وراء الإجراءات البيروقراطية التي تقوم عليها الإدارة الجزائرية، لاسيما في المجال المتعلق بتنظيم النشاط الاقتصادي، وقال ”وراء كل إجراء بيروقراطي محاولة للفساد”، وهي الممارسة التي أكد على ضرورة عدم السماح بالمواصلة فيها.وذكر سلال أن الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار تحولت إلى شباك للبيروقراطية يعرقل النشاطات الاقتصادية، قبل أن يضيف بأن الحكومة تعمل على مراجعة القانون الأساسي للوكالة لمنحها مهام أخرى تتجاوز مجرد التأكد من الحصول على الوثائق الإدارية الضرورية بالنسبة للمستثمرين إلى مرافقة المؤسسات والمتعاملين الاقتصاديين في إنجاز مشاريعهم على المستوى الميداني. تجريم فعل التسيير لا يهدف إلى معاقبة الإطارات تحفظ سلال عن طلب الشركاء في الثلاثية بمنع تجريم فعل التسيير، وقال ردا على ذلك بأن هذا القانون لا يرمي إلى معاقبة اطارات الدولة وإنما إضفاء صرامة في تسيير العام، مصيفا بأن الخطأ في التسيير يمكن التغاضي عنه ولكن لا يمكننا، على حد تعبيره، التسامح امام التعمد في تبذيذ واستغلال الاموال العمومية. وذكر المتحدث في السياق ذاته بأن السلطات العمومية تعكف على إنشاء لجنة لدراسة هذه القضية، قبيل أن يضيق بأن الأمر يتعلق بعمل الجهاز القضائي وجملة من القوانين ترتبط بالنشاط التجاري والاقتصادي، بينما برّر هذا التوجه بضرورة أن تسيّر المؤسسات العمومية على غرار نظيراتها الخاصة، في اشارة إلى تحقيق القيمة المضافة والمساهمة في الإنتاج المحلي نوعا وكما. منع الاستيراد بقرارات سياسية غير مقبول استبعد الوزير الأول إمكانية اللجوء إلى القرارات السياسية لمنع استيراد المنتجات الأجنبية، في سياق إيجاد الحل لارتفاع فاتورة الواردات ومنافسة المواد المستوردة للمنتوج المحلي. وأوضح أن أصل الإشكال هنا اقتصادي، لذا لابد من البحث عن حلول اقتصادية كفيلة بحماية المواد المصنع محاليا والمؤسسات الوطنية تبعا لذلك، مشيرا إلى وضع ما عبر عنه بالحلول الاقتصادية الذكية، كما هو الشأن بالنسبة لاستيراد الوكالات للسيارات وإلزامهم عن الطريق التشريع بضرورة تصنيع قطع الغيار محليا، لتفادي تحول الجزائر إلى مجرد سوق، بينما أكد على ضرورة إعطاء الأولوية للمؤسسات المحلية وجعلها أكثر تنافسية، لاسيما قطاع الصناعة الغذائية والنسيج، ليذكر بأن ولاية غليزان ستضم مصنعا للنسيج بشراكة مع متعامل تركي من شأنه فتح 25 ألف منصب شغل عند انطلاق المشروع، على أن 50 بالمائة من الإنتاج سيوجه للتصدير في إشارة إلى أن النوعية ستكون على المقياس العالمي. 35 بالمائة من الأوعية العقارية الصناعية غير مستغلة اعترف الوزير الأول عبد المالك سلال أن العقار الصناعي يبقى من بين أبرز العراقيل التي تواجه بعث الاقتصاد الوطني والنشاط الصناعي على وجه الخصوص، على اعتبار أن حصول المؤسسات الصناعية على هذه الأوعية يظل غير متاح على الرغم من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لتأهيل وإنشاء المناطق الصناعية، مضيفا بأنه من 30 إلى 35 بالمائة من الأوعية العقارية غير مستغلة وغير مؤهلة، وأكد الوزير على إيجاد الحلول لهذا الإشكال، خاصة في مناطق معينة من ولايات الوطن على غرار الهضاب العليا والجنوب. وذكر سلال من ناحية أخرى بأن الاقتصاد الوطني لا يكون خارج نطاق المحروقات وإنما اقتصاد انطلاقا من الإمكانيات التي تتوفرها على الجزائر في مختلف المجالات على غرار الثروات النفطية، في حين أشار إلى أن التطور الاقتصادي الذي تهدف الجزائر إلى تحقيقه بعيد عما أسماه ب”النظرة الليبرالية المتوحشة”، مشددا على أن الحكومة لن تتخلى عن الجانب الاجتماعي وكل فئات المجتمع دون استثناء. ملف الثلاثية من إعداد: سعيد بشار
أصداء من الثلاثية سلال والأفلام الهندية! ”هذا فيلم هندي” هو الوصف الذي أطلقه الوزير الأول عبد المالك سلال على اقتراحات بعض المشاركين في لقاء الثلاثية، في إشارة إلى طولها، حيث احتوت على ما يفوق 200 توصية، قبل أن يؤكد على ضرورة التحلي بالبراغماتية في التعامل مع القضايا الاقتصادية عبر طرح اقتراحات عملية ومحددة. سلال: ”سياستنا واضحة” اقتبس الوزير الأول عبد المالك سلال من خطاب الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد ومقولته الشهيرة ”سياستنا واضحة”، ليعلن بها افتتاح أشغال ومناقشات الثلاثية بحضور لأول مرة الأسرة الإعلامية، حيث كانت تتم خلال الطبعات السابقة ضمن أطر مغلقة بين الأطراف المشاركين دون سواهم. بن بادة لقراءة الفاتحة في تلميح منه بأن وزير التجارة مصطفى بن بادة خريج ”مدرسة” المرحوم الشيخ نحناح وحركة مجتمع السلم، قال الوزير الأول عند منحه الكلمة له ”بن بادة يقرانا الفاتحة”، على أن مداخلة وزير التجارة كانت الأخيرة ليضيف بأنها ستكون مسك الختام. سيدي سعيد والطماطم ؟! لم يتوان الأمين العام للمركزية النقابية عبد المجيد سيدي سعيد عن إقامة الإشهار للمؤسسات والمصانع الوطنية المنتجة للطماطم المصبرة، خلال دعوته لعدم التمادي في استيراد المواد الغذائية التي تنافس المنتوج الوطني، وقال ”إن مصانع عنابة تنتج طماطم جيدة فلماذا الاستيراد؟”.