التعريف بالكتاب: كان كتاب قاسم أمين ”1863- 1908م” ”تحرير المرأة - 1899” أول كتاب أثار زوبعة، أومعركة فكرية واجتماعية في الثقافة والمجتمع العربيين الحديثين، مما دفع مجموعة من الكتّاب إلى الردّ عليه أهمهم: فهذا النظام الجميل الذي جعل الله أساسه المودة والرحمة بين الزوجين آل أمره-بفضل علمائنا الواسع - إلى أن يكون اليوم آلة استماتع في يدِّ الرجل، وجرى العمل على إهمال كلَّ ما من شأنه أن يوجد المودة والرحمة، وعلى التمسُّك بكل ما يخلُّ بهما. فمن دواعي المودة أن لا يقدم الزوجان على الارتباط بعقد الزواج إلاَ بعد التأكد من ميل كل منهما للآخر، ومن مقتضى الرحمة أن يحسن كلاهما العشرة مع بعضهما. ولكن لمَّا غفلنا عن معنى الزواج الحقيقي الشرعي استخففنا به وتهاونا بواجباته وكان من نتائج ذلك أن يتمَّ عقد الزواج قبل أن يرى كلُّ من الزوجين صاحبه. بينما فيما سبق أن جميع المذاهب في اتفاق على أن نظر المرأة المخطوبة مباح إلى لخاطبها، وذكرنا حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به أحد الأنصار أن ينظر إلى خطيبته وهو قوله:”انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما”. فما بالنا أهملنا هذه النصيحة على ما فيها من الفائدة مع أننا نتمسَّك بغيرها مما يقل عنها في الأهمية؟ ذلك لأن الجاهل من عادته أن يميل إلى ما يضرُّه وينفر مما ينفعه. كيف يمكن لرجل وامرأة سليمي العقل قبل أن يتعارفا أن يرتبطا بعقد يلزمهما أن يعيشا معاً وأن يختلطا كمال الاختلاط؟ أرى الواحد من عامَّة الناس لا يرضى خروفا أو جحشا قبل أن يراه، ويدقِّق النظر في أوصافه، ويكون في أمن من ظهور عيب فيه. وهذا الإنسان العاقل نفسه يقدم على الزواج بخفة وطيش يحار أمامهما الفكر .. يتبع