كشف المخرج سفيان عطية الستار عن ثلة من الظواهر التي تنتشر في المجتمع الجزائري والعربي يتقدمها غياب الاتصال والتواصل بين أفراده وإطلاق الاتهامات والأحكام الخاطئة على الغير دون التأكد من صحة الفعل، وذلك في مسرحيته الموسومة ب”ليلة إعدام” التي قدّم عرضها الشرفي أول أمس، على ركح محي الدين بشطارزي، بالعاصمة الجزائر. قال المخرج المسرحي سفيان عطية في تصريح ل”الفجر” على هامش عرض مسرحية ”ليلة إعدام”، الذي سجلّ حضور جمهور معتبر وكذا ثلة من الوجوه الفنية على غرار عبد الحميد رابية، المسرحي إبراهيم نوال وآخرين، بأنّ الفكرة التي يتضمنها العمل تأتي انطلاقا من إطلاق أفكار وأحكام خاطئة من قبل الناس سواء في المجتمع الجزائري أو العربي وحتى في باقي مختلف دول العالم، دون صحة ودليل يثبت ذلك، وهو ما نراه علانية وجهرا ويوميا، وبالتالي كانت معالجتها من هذا الجانب بهدف تصحيح المفهوم وتوضيح الرؤية. من خلال فقصة تراجيدية بطلها سجين محكوم عليه بالإعدام وسجّان. وأضاف في السياق سفيان عطية بأنّ هذه الإشكالية قد نخرت جسد المجتمعات العربية بكثرتها واتساع رقعتها يوما بعد يوم وهو ما استدعى منّه العمل لتغيير الأوضاع ولو بالقليل عبر هذا النص المسرحي التراجيدي في ظل غياب ثقافة التواصل والاتصال ومعالجة القضايا وحلّ الأزمات بالعنف والخشونة، التي لا تولد في نظره إلا العنف والتوتر والهروب من الحقيقة، بحيث تتخذ شكلا أخر من الحقائق. وأشار عطية في السياق ذاته بأنّ الحقيقة قد تدرك بعد فوات الأوان، سيما إذا كانت الفرصة تأتي لأخر مرّة. وبخصوص محتوى العمل وديكوره على الركح، أوضح عطية بأنّه يميل إلى الخطاب المباشر من خلال الحوار الذي كان كثيفا بين الممثلين، مع احتوائه بشكل قليل على الرمزية والدلالية، ودافع عن التوظيف للمضمون والديكور الذي جاء عاديا نوعا ما، حيث ضم زنزانة ومقعدين ولباس السجين والسجان، بأنّه اختيار منه مقصود فكان باستطاعته استعمال عناصر أخرى توحي بالحركة وتقدم لغة بصرية أكثر للجمهور وتشوقه، لكنه فضل الاختيار الأول إيمانا بأنّ طريقة التقديم هذه هي المناسبة في رأيه، إلى جانب استخدام توظيف موسيقي رائع زاد من جمالية المسرحيةّ حيث تنوع بين موسيقى الفلامينكو الغجرية ومعزوفات من الفن الجزائري وكذا من الطرب العربي الأصيل. وفي السياق تروي مسرحية ”ليلة إعدام” الذي جسد أدوارها الممثلان إدريس بن شرنين وسليم العربي ساسي، قصة سجين، تحكم عليه العدالة بالإعدام، بعد أن قتل مغتصب حبيبته في ليلة زفافها، حيث يجد نفسه في السجن منتظرا فقط تنفيذ الحكم عليه، وهنا داخل الزنزانة، يجري حوار وجدال مطول بين السجين والسجّان حول من هم القتلة الحقيقيون؟ ومن هم الجهلة ومن من؟ إنّها أسئلة كثيرة طرحت أول، أمس، على ركح بشطارزي، ومع توالي الأحداث يكتشف في النهاية السجّان أنّه والد السجين، ففي حالة ضعف ولا مبالاة تركه يوما وعمره أربع سنوات، حيث يعيش طوال حياته متألما على فراقه، لكن الغريب أنّه لم يكلّف نفسه عناء البحث عنه، وهو ما أثار حفيظة ابنه ”السجين” الذي قال له ”أنت أب ضال وما ذنبي أنا حتى أعيش محروم الحنان من والدي وأمي اللذين هما على قيد الحياة؟”. يذكر أنّ ”ليلة إعدام” أنتجتها تعاونية ”كانفا” المسرحية، وعرضت باللغة العربية الفصحى، جاء في ملخصها ”الاقتراب من النهاية شيء مريع ومخيف، الموت قضاء وقدر ومحنة يمرّ بها الإنسان مهما عمر وحينما تدركه لا تبقى له الخيارات فكل الأوراق قد لعبت.. ماذا لو أنك تفاجأت لأخر مرّة، لحظات كفيلة بتغيير أمور عدّة وعاجزة أمام أخرى”. وقد سبقتها حسب ما صرّح به المخرج تدريبات وتمرينات لأعضاء الفرقة على العمل بقصد تقديمه في شكل جميل، جرت في المركب الجواري الإخوة مجدوب ببرج بوعريريج، ثم انتقلت إلى المعهد العالي لمهن فنون العرض والسمعي البصري برج الكيفان والمسرح الوطني بحر هذا الأسبوع.