لاتزال البداوة بكل مظاهرها تصبغ الحياة اليومية لقاطني قرية مشاط، الواقعة شمالي بلدية الميلية بجيجل، بسبب تهميش المنطقة على مر السنين، حيث تبدلت المجالس الشعبية دون أن تتطور أوضاع مواطني هذه المنطقة الغابية، الذين يرون في تحسين الخدمات والحصول على إمتيازات الدعم الفلاحي، وكذا في شروع طريق الكورنيش بجيجل وسكيكدة، إن تجسد، الحل الأمثل لتطليق العزلة وتحقيق النهضة. كشف عدد من مواطني القرية، التي كانت معقلا للثورة والثوار أيام الاستعمار ل”الفجر” عن حاجة عائلات المنطقة للكثير من الخدمات والدعم الفلاحي وكذا السكن الريفي، طالما أن المنطقة تعد جبلية وريفية وامتياز، لأن ما تحصل عليه سكان القرية كما قيل لنا لايرقى لمستوى التخلف والمعاناة التي يحيونها، حيث يتوجهون للسلطات المعنية بالدعم الفلاحي والسكن الريفي الالتفات إليهم أكثر لتحقيق الإستقرار وتشجيع المهاجرين على العودة لخدمة أراضيهم وتربية الحيوانات، وتخفيف الضغط على مدينة الميلية، التي خنقت بهجرة سكان القرى التابعة لها خلال أزمة المأساة الوطنية، مما أدى إلى تراكم المشاكل بها على كافة الأصعدة، وأوضح مواطنو القرية بأن معضلة الماء تبقى تلاحقهم في عز الربيع، إذ يتزودون بمياه غير معالجة الأمر الذي جعل معظم أرباب العائلات يتنقلون مسافات طويلة لجلبها من ينابيع وعيون يثقون في نوعيتها بواسطة السيارات والأحمرة ضمانا لتزويد عائلاتهم بمياه صافية ونقية، وفي هذا السياق يطالب مواطنو القرية المجلس الشعبي الحالي بحل معضلة المياه وهذا بإنشاء شبكة خاصة بالقرية، مبرزين بأنهم أوصلوا انشغالهم هذا في الكثير من الأحيان للسلطات المحلية، التي لم تستجب لهم لحد الآن. وفي ذات الوجهة تأسف سكان مشاط لغياب فرع بلدي يخلصهم من معاناة التنقل اليومي إلى مدينة الميلية لاستخراج مختلف الوثائق الإدارية، سيما في ظل تدهور الطريق على مستوى منطقة تانفدور، الذي لم يعد يصلح حتى للمشاة، كما أن افتقار المنطقة لعيادة قد زاد من تعقد وضعهم الاجتماعي وتردي وضعهم الصحي الذي يحتم عليهم التنقل اليومي لعيادات ومستشفى المدينة إذ يكلفهم ذلك أعباء مالية إضافية هم في غنى عنها. ومن جانب آخر، كشف لنا عضو بالمجلس الشعبي لبلدية الميلية عن برنامج لتزويد مشاتي البلدية انطلاقا من سد بوسيابة، موضحا بأن الأزمة ستنتهي ريثما يتم الإنتهاء من مد القنوات وإقامة الشبكات التي ستسمح بربط البيوت وتزويدها بالمياه بشكل كاف ونوعي، وعلاوة على ذلك أوضح مصدرنا بأن سكان مشاط محظوظون لكونهم أستفادوا من مشروع هام يتعلق بتعبيد الطريق الذي يربط قريتهم بمركز البلدية إذ يعود إليه الفضل في تخلصهم من العزلة التي صارت من الماضي، لاسيما مع عودة مئات المواطنين إلى بيوتهم وأراضيهم التي هجروها في العشرية السوداء، وفي نفس السياق أكد مصدرنا على تمكن البلدية من إدخال الكهرباء لكل بيوت القرية دون استثناء وقد سمح إستتباب الأمن بالمنطقة في العقد الأخير من عودة بعض سكان القرية لخدمة الأرض، وبعث النشاط الفلاحي، الذي يرتكز على جني الزيتون وتربية الحيوانات. ونفى مصدرنا أن تكون البلدية قد قصرت في حق سكان القرية وأبنائها ضاربا مثالا بفتح مدرسة ومطعم في إحد ى جهاتها لأجل تمدرس بضعة تلاميذ فقط، وسيكون لها مستقبلا زاهرا في حال تحقيق حلم سكان المنطقة المتمثل في مشروع إنشاء طريق جديد يربط بين ولايتي جيجل وسكيكدة على الساحل، الذي ينتظر منه مواطنو القرية الكثير لإخراجهم من العزلة بشكل نهائي، بل تتحول في حال تجسيد المشروع المذكور الواجهة البحرية للمدينة، كما أن هناك نية لدى السلطات المحلية لأجل برمجة عديد المشاريع التنموية مستقبلا في إقليم قرية مشاط، جراء نفاذ الجيوب العقارية على مستوى مركز بلدية الميلية.