سمعنا عنه كثيرا فشققنا طريقنا لاكتشافه.. إنه شلال مسلمون بتيبازة، قصدناه قبل أن يعكر صفوه اهتراء الطريق المليء بالمنعرجات غير المهيئة أوالمعبدة، لكن البيئة والهواء النقي الذي يملأ منطقة قلاوشة المتواجد فيها الشلال، سرعان ما شدت انتباهنا وأنستنا مشكل الطريق والحديث عن مساوئه.. عند الوصول للمكان يقابلك منظر طبيعي خلاب لصورة شلال مياهه في طريقها للجفاف، وصوت خرير المياه يملأ المكان، ونسمات الهواء العليلة تنعش الروح. وحديث العائلات ولعب الأطفال وأصواتهم المتعالية الممزوجة بالضحكات البريئة، أعطت للمكان جمالا خاصا. ”الفجر” تقربت من العائلات ودردشت معهم حول هذا المورد السياحي غير المعروف مقارنة بحجم جماله، حيث قالت عائلة قدمت من بلدية شرشال، إنهم تعرفوا على روعة المكان عن طريق قريب لهم يقطن ببلدية مسلمون. وتضيف ربة العائلة:”الحمد لله بلادنا جميلة جدا، ولكن للأسف لم نكتشف الكثير من مناطقها الساحرة”. في حين تصف عائلة أخرى من بلدية سيدي غيلاس المكان ب”الرائع جدا والدليل يتراءى أمامنا، وهي فرصة رائعة للذين يذهبون إلى شفة لزيارة هذا الشلال”. قبل أن تتدخل امرأة من بلدية مسلمون وتضيف أن المكان تعرفه منذ مدة طويلة، لكن خلال تدهور الأوضاع الأمنية ”انقطعنا عن زيارة المكان، لكن منذ سنة ونصف عادت الحياة للمكان، حيث تزداد روعته ورونقه خلال فصلي الشتاء والربيع، أين يكون منسوب مياهه مرتفعا”. وقال شاب يقطن بولاية الجزائر، أنه تعرف على روعة المكان بعد قدومه لزيارة صديقه في بلدية مسلمون، ”أحضرني لهذا المكان الذي حدثني عنه كثيرا، لكن روعة المكان فاقت وصفه له، لأن هذا المكان لا مثيل له”. والتقت مطالب زوار المنطقة ممن تحدثت إليهم ”الفجر”، في ضرورة صيانة وتعبيد الطريق المؤدي إلى الشلال على مسافة 3 كلم، لأنهم يجدون صعوبات في الصعود بسبب خوفهم على سياراتهم، كما طالبوا بتهيئة المكان لأن كثرة الحجار بمختلف أحجامها تعيق تحركهم بسهولة، خاصة لدى فئة الأطفال، بالإضافة إلى مطلب تخصيص أماكن للجلوس، وكذا تخصيص مرافق بسيطة للترفيه خاصة بالأطفال حتى يصبح المكان جميلا كمنطقة الشفة المعروفة. رئيس ديوان السياحة لمسلمون: نرجو استغلال الشلال إلى أقصى درجة أفاد رئيس ديوان السياحة لبلدية مسلمون، رشيد بسكري، في دردشته مع ”الفجر”، أن شلال منطقة قلاوشة يعد الشلال الوحيد بالولاية، حيث يكثر زواره بدءا من شهر أكتوبر إلى غاية شهر مارس أين يكون منسوب المياه كثيفا، قبل أن تبدأ مياهه في الإنحسار تدريجيا حتى يصل إلى آخر مستوياته مع حلول فصل الصيف، ولكن رغم ذلك تبقى المنطقة منعشة جدا خلال فصل الصيف لطبيعة المنطقة الجبلية الغابية، حيث -يضيف محدثنا - تتحدث بعض الروايات أن أهل المنطقة قديما خلال موسم الحصاد كانوا يجلبون ثيرانهم بعد عملية الحصد، حيث يدخلونهم في مجرى الشلال لتنظيفهم قبل معاودة عملية الحصاد، وهذا دليل على وفرة مياه الشلال حتى في فصل الصيف، لكن الآن السبب مرجعه أن الغابة تعرضت لبعض التلف بسبب الحرائق، لذلك فمياه الشلال مع هذا الموسم تنحسر بسبب عوامل طبيعية”. وأشار بخصوص الشلال أنه يعد في حالة استغلاله الجيد موردا سياحيا هاما للبلدية، يعود بالفائدة على الزوار وسكان المنطقة على حد سواء، خاصة أن المنطقة معروفة بالصناعة التقليدية وبحرفيين في النحت وفي الأواني الفخارية وبالقفة التقليدية وبخبز المطلوع، وبالتالي تهيئة المكان ستوفر مناصب شغل لشبان المنطقة وفرصة أيضا لتسويق منتجاتهم الحرفية من خلال تهيئة فضاء تجاري حرفي للزائرين تمكنهم من اقتناء منتوجات تذكارية خاصة بالمنطقة. وكشف محدثنا أنه في إطار الحفاظ على نظافة المكان، تتم توعية وحث العائلات الزائرة على المحافظة على المحيط من خلال عدم رمي القمامة في مجرى الشلال والحفاظ على الغابة المحيطة به من خلال إبقائها نظيفة، مؤكدا أنه يجب استغلاله إلى أقصى درجة من خلال تهيئته وإزالة الصخور المختلفة الأحجام والمتراكمة وتهيئة الطريق على مسافة 3كلم، وتوفير الإنارة العمومية حتى يجد الزائر راحته. كما اقترح إدخال بعض الحيوانات بالإضافة إلى ألعاب ترفيهية لفائدة الأطفال كالأرجوحات. وعندما هممنا بمغادرة المكان صادفنا مجموعة من شبان صنعوا جوا خاصا بهم بالدربوكة، حيث تفنن شاب في مقتبل العمر بالغناء باللهجة الشنوية وسط تصفيقات الحاضرين ورقصات الأطفال، حيث أكدوا ل”الفجر” أنهم يأتون لهذا المكان بحثا عن الفرجة وللترويج عن أنفسهم بسبب الفراغ والضغط الحاصل في المجتمع. تركناهم وهم يستمتعون بالأجواء التي صنعوها وزادها صوت خرير المياه ونسمات الهواء النقي جمالا خاصا، غادرنا المكان وكلنا رغبة في العودة إليه من جديد مع دخول موسم الشتاء، لأنه سيكون أجمل مع هذا الفصل.