كفاح ضد الاستعمار بالأمس واليوم: نكون أو لا نكون    رئيس الجمهورية يعود الى أرض الوطن قادما من نواكشوط    تيارت: تسجيل تحسن واضح في تزويد السكان بالماء الشروب    الذكرى ال76 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان : دعوة لحماية حقوق الإنسان في فلسطين ووقف حرب الإبادة الصهيونية    الاتحادية الجزائرية للرياضة المدرسية: "لجنة مختصة لمتابعة الرياضات الجماعية وإلزام المدارس بإنشاء فرق رياضية"    الفريق أول السعيد شنقريحة يشرف على افتتاح ندوة تاريخية حول الذكرى ال70 لاندلاع الثورة التحريرية    طاقة: سونلغاز وسيمنس الألمانية يتفقان على تشكيل فريق عمل لبحث محاور جديدة للشراكة    برحيل خالف محيي الدين, كرة القدم الجزائرية تفقد أحد صناع أمجادها    الصحراء الغربية : دعوة إلى استغلال وسائل الإعلام للتعريف بكفاح الشعب الصحراوي وقضيته العادلة    ملتقى "السينما والذاكرة": جامعيون وباحثون يبرزون أهمية السينما كأداة للمقاومة وحفظ الذاكرة    جثمان الفنان عبد القادر الخالدي يوارى الثرى بمستغانم    السيد بلمهدي يشرف على انطلاق التصفيات الوطنية لجائزة الجزائر لحفظ القرآن الكريم    سكة حديدية: الانتهاء من إعداد دراسات إنجاز 1048 كلم ضمن خط الجزائر العاصمة- تمنراست    رئيس الجمهورية يعزي في وفاة المدرب الوطني الأسبق محي الدين خالف    اتفاقية شراكة بين الجوية الجزائرية ونظيرتها التركية لفتح وجهات سفر جديدة    قوجيل: الجزائر كرست في دستورها صون كرامة المواطن وتكافؤ الفرص    وزير الصحة يستقبل ممثلة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لدى الجزائر    هزة أرضية بشدة 0 ر4 درجات على سلم ريشتر بولاية تيبازة    العرب اليوم لا صديق لهم..!؟    إستراتيجية متكاملة لتخفيف الاستيراد    خبراء ومِهنيون يشيدون بالزيادة المعتبرة    تحقيق في أحداث مباراة الاتحاد بالسنغال    شتم الأمهّات.. إلى متى؟    عطاف يُحادث نظيريه السوداني والكويتي    عهدة جديدة لمجلس ذوي الاحتياجات الخاصة    اهتمام بجناح الجزائر في نيامي    المجلس الأعلى للشباب ينظم لقاء وطنيا بالعاصمة    الشرطة والدرك يُحسّسان    كلية الإعلام تحتفل بستّينية التكوين الصحفي    الجزائر تواصل تعزيز الشفافية والوقاية من الفساد    تنصيب لجنة تسوية العقار الفلاحي    إدانة جزائرية جنوب إفريقية    فتح الترشح للالتحاق بثلاث دورات تكوينية    افتتاح الترشح للالتحاق بثلاثة دورات تكوينية عالية    افتتاح الملتقى الدولي السينما والذاكرة نافذة على الماضي ورؤية للمستقبل    مواهب واعدة تزاحم رياض محرز في مركز الجناح الأيمن..    رسائل مطمئنة من المعارضة للشعب السوري    اعتراف البنك العالمي نتاج تخطيط محكم من الرئيس تبون    المجتمع الدولي فشل في حلّ القضية الفلسطينية    نقاش حول دور الأسرة الجزائرية في ترسيخ قيم المواطنة    ''الكناري" و"الحمراوة" يحققان الأهم    "السياسي" يطيح بسيمبا التنزاني ويمهّد الطريق إلى ربع النهائي    نحو إنشاء مؤسسات مصغرة لخرّيجي المعاهد بوهران    ملتقى دولي حول ترجمة معاني القرآن الكريم    يوم دراسي لفائدة متمدرسات محو الأمية    نجاح عملية توليد داخل سيارة إسعاف    العثور على جثتين    جمعت بين الوطنيّة والإنسانيّة وبين الإيمان والعقلانية .. عميد جامع الجزائر يدعو إلى الاستلهام من حياة الأمير عبد القادر    أمرنا بمرافقة مهرجان "بن عودة" وتنظيمه في أقرب الآجال    عدة جمعيات تثمن قرار رئيس الجمهورية برفع قيمة منحة الحج    ممثلا الجزائر يتألّقان    الصلاة تقي من المحرّمات وتحفظ الدماء والأعراض    دراما نفسية وصراعات داخلية في ظلّ الثورة التحريرية    الشلف: إفتتاح الطبعة الثانية للصالون الدولي للصيدلة و شبه الصيدلة    كيف نحبب الصلاة إلى أبنائنا؟    أمنا عائشة رضي الله عنها..!؟    الصلاة هي أحب الأعمال إلى الله والسجود وأفضل أفعالها    المسؤولية..تكليف أم تشريف ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أعراس مستغانم.. من المداحات إلى الطواف بأضرحة الشيوخ
مدينة سيدي لخضر بن خلوف مازالت وفية لتقاليدها
نشر في الفجر يوم 15 - 06 - 2014

مدينة محايدة، مسالمة وهادئة.. لن تعطيك أي انطباع وأنت تربط أول اتصال معها، تتركك على راحتك وسجيتك إلى أن تحدد أنت شكل العلاقة مع أرصفتها وشوارعها. تلك هي مدينة مستغانم أو”مسك الغنايم”، التي تلقب بمدينة الأولياء لكثر القباب وأضرحة أولياء الله الصالحين بها.. ميزة يعتبرها أهل مستغانم اختيارا من الله لمدينتهم وتفضليها ببركة الصالحين.
يروي العارفون بالتراث الصوفي الكثير من الكرامات لمدينة سيدي لخضر بن خلوف، حيث يقول الأستاذ الحاج مولاي بن تونس، أحد أتباع الزاوية العلوية، أن المدينة يحرسها الأولياء سواء دخلتها برا أو بحرا، فحيث وليت وجهك تستقبلك قبة من سيدي المجذوب إلى وسيدي منصور إلى سيدي بلقاسم إلى سيدي لخضر بن خلوف إلى سيدي السعيد مول البلاد، كما يسميه.
من هذه المدينة خرجت أصوات المداحين والصوفية، حيث نجد مثلا الفرق النسوية التي تحيي حفلات الزواج مازالت تسمى بفرق المداحات، رغم أن الطابع الغنائي اليوم تغير من المديح إلى أغاني الراي.. وهنا يروي الحاج مولاي بن تونس أن هذا التراث تعرض للتشويه، فقصيدة ”عبد القادر يا بوعلام” لم تتعرض فقط للتشويه لكن للتحريف أيضا، فهذه القصيدة لصاحبها الحاج عبد القادر بن طوبجي وقد دونها الشيخ غرام الله عبد القادر، ويذكر فيها بن طوبجي أحوال مستغانم ويصف المدينة ويذكر خصال أوليائها الصاحين.. حيث يقول الحاج مولاي بن تونس أن المدينة يوجد بها 44 شاشية أو ولي صالح، وكان يدعوها سيدي لخضر بن خلوف بمدينة السعود. كما يقول بعض المستشرقين أن سكان غريس من معسكر يوجهون مواليدهم الجدد صوب مستغانم حتى يأخذوا بركة الأولياء من نسيم الريح الذي يهب من هذه المدينة.
يعتبر مؤسس الزاوية العلوية أن اختيار الحق تبارك وتعالى المغرب العربي لتشريفه ببركة الأولياء الصالحين، كان لحكمة معينة.. ربما بغرض فرض التوازن بين المشرق الذي خصه الله بالأنبياء، ويكفي أن يكون الاسم القديم لهذه المدينة ”مسك الغنايم”، أي اجتماع المسك، أطيب العطور مع الغنائم التي كانت تؤخذ من هنا. لهذا يعزو البعض طيبة أهل مستغانم إلى هذا التراث العريق من حسن الضيافة والكرم، فعلى مر تاريخ عمل الشيوخ والعلماء والصوفيون الذين عبروا هذه الأرض على ترسيخ هذا التراث والإرث في تلاميذهم ومريديهم.
وقد حافظ أهل المدينة على تقاليدهم الصوفية، حيث يمجدون الأولياء ليس بغرض العبادة، كما يقول الأستاذ الحاج مولاي العلوي، لكن بغرض البركة. وحتى يثبت أن تمجيد الأولياء ليس بدعة قال إن تحية التشهد في الصلاة تحتوي على عبارة ”علينا وعلى عباده الصالحين”، معتبرا أن الله قال {اذكروا الله يذكركم}، وقد ذكر عباده الصالحين على لسان خلقه. هكذا يرى أتباع الزاوية العلوية مسإلة احترام وإعلاء شأن الأولياء الصالحين، حيث يقوم أهل المدينة بأخذ العروس لزيارة ولي صالح يسمى سيدي بلقاسم بعد مرورها على مول البلاد ”سيدي سعيد”، وهو تقليد يجب أن تلتزم به كل العرائس، سواء تلك التي تخرج من مستغانم أوتلك الداخلة إليها. وحسب الروايات الشعبية فإن هذا الولي يغار من كل عروس جميلة، لهذا يقومون بأخذها إليه لمباركتها.. بينما تقول إحدى العجائز الخبيرة بتقاليد المدينة أن الولي الصالح سيدي بلقاسم كان ”زهواني” غير متشدد، وكان يعشق حضرات المدائح العيساوية ولهذا تتبرك به العرائس. بينما الباحث الدكتور مولاي العلوي يرى أن الغرض من التقليد الشعبي هو مباركة الزواج حتى لا يبقى بدون نسب، لا أكثر ولا أقل، وهذا لأن رباط الزواج مقدس.
وعلى ذكر أعراس مستغانم، تقول الحاجة الهوارية، إحدى العجائز المعاصرات للتراث المستغانمي، إنها مازالت تحن إلى الزمن الجميل حيث أعراس مستغانم كانت تسودها القعدات الأصيلة من ”المراكنة” إلى”ذبيحة الكبش” إلى أن تبرز العروس والمداحات. تتحدث الحاجة الهوارية فتقول ”في زماننا لم يكن ثمة مجال لعلاقة بين الرجل والمرأة، الزواج كان يتم بطريقة تقليدية، حيث تقوم أم العريس رفقة قريباته بزيارة بيت العروس، حيث تطلب من أهلها وعندما يتم القبول يأتي يوم الشرط، وعادة ما يتم الاتفاق على ”البريم” أو”الخلخال” والحبل. وترجع الحاجة الهوارية ارتفاع وغلاء المهور إلى كون الأولياء كانوا يعتقدون أنها الطريقة الوحيدة لحماية البنت في حال طلاقها من التشرد والضياع، حيث يمكن للذهب أن يقيها ولو نسبيا من عوز الزمن.
ويوم العرس لا تحلو قعدة العرس إلا بالمداحات والمجالس التي يذكر فيها اسم الله ورسوله. وحسب الحاجة الهوارية فإن المداحات يومها كانت تحيل إلى الغناء الشعبي النسوي الذي يخلو من فحش الكلام.. تلك الفرق التي خرجت من الزوايا وحلقات الغناء الصوفي، قبل أن يجرها الزمن - للأسف - إلى كباريهات الراي، على غرار مختلف الطبوع الغنائية التي عرفتها الجزائر.
الحاجة الهوارية مازالت تحن إلى تلك الأيام الخوالي، حيث كانت الجلسة تتم بحضور شيوخ الأغنية وسدة الورد وسلال الحلوى. تروي الحاجة الهوارية بعض تقاليد أعراس مستغانم فتقول:”في صبيحة اليوم الثاني للعرس تخرج العروس إلى حوش البيت، حيث تسلم على كافة الحضور وتلبس الشدة التقليدية وتجلس وسط الحضور، حيث تحضر والدتها ”القصعة”، ويشترط أن تكون العروس أول من يفتح تلك القصعة قبل توزيع محتواها على كافة أهل الدار، ثم تعود العروس إلى غرفتها وهي في كامل زينتها التقليدية، ويدخل والد زوجها ويعطيها هدية غالبا ما تكون قطعة ذهبية، وجرت العادة أن تكون حبتين من ”الويز” أو سوارين. ولا تنزع العروس زيتنها قبل عودة زوجها. وبعد أيام يأتي يوم الترويح، وهو اليوم الذي تذهب فيه العروس إلى الحمام، وتتم هذه العملية مثل محضر العرس بالمداحات أيضا، وتستعرض فيها العروس جهازها الذي جلبته من بيت أهلها بما في ذلك الحلي والذهب. وبعد مرور أسبوع، تحضر أم العريس ما يعرف بال”طعيم” أي وليمة قوامها قصاع كسكسي مع لحم الغنم، حيث تستعرض هي أيضا الجهاز الذي أحضرته لكنتها، هذا قبل أن تقوم عائلة العروسة بدعوة كافة أهل العريس في وليمة كبيرة في بيت أهل العروسة..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.