الطبعة ال3 للمؤتمر الإفريقي للمؤسسات الناشئة: عرض النسخة الأولى للاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي    رئيس الجمهورية يقلد رئيس جمهورية جنوب إفريقيا الشقيقة وسام الاستحقاق برتبة أثير    ملتقى الأمير عبد القادر: ربيقة يبرز تقدير واهتمام رئيس الجمهورية برموز الجزائر وقادتها    الطبعة ال3 للمؤتمر الإفريقي للمؤسسات الناشئة: حركية كبيرة للمؤسسات لإبرام شراكات دولية    وهران.. الملتقى الدولي الثاني لجراحة الوجه والفك من 11 إلى 13 ديسمبر    أمطار رعدية ورياح قوية على عدد من ولايات الوطن    ملتقى دولي حول السينما والذاكرة بمناسبة سبعينية الثورة بداية من الاثنين القادم    الكيان الصهيوني يواصل استهداف المنازل في قرى وبلدات جنوب لبنان    مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان يطالب بتحقيقات مستقلة في الهجمات الصهيونية على خيام النازحين في غزة    غزة: يجب وقف "الوحشية" الصهيونية المستمرة في القطاع    مقرمان يستقبل نظيره الكونغولي    شراكة استراتيجية بين الجزائر وجنوب إفريقيا    سعداوي يؤكّد قناعته    الجزائر مُلتزمة بدعم القضية الفلسطينية    بن ناصر يقترب من العودة    صادي يلتقي علي سعيد    الجزائر وفية لروح التعاون والتضامن الإفريقي    تعاون جزائري تونسي    رخروخ يعلن عن التحضير لإجراءات جديدة    برنامج مكثف دعماً للفئات الاجتماعية الهشة    مقاربة مدمجة لترقية ذوي الاحتياجات الخاصة    رحلتان إضافيتان    رئيس جمهورية جنوب افريقيا يشيد بدور الجزائر في مجلس الأمن الأممي    الجزائر جسر ممدود بين إفريقيا والعالم العربي وأمريكا اللاتينية    الجزائر تواصل بناء بيئة أعمال متكاملة لدعم المؤسّسات الناشئة    التزام ثابت للجزائر إزاء القضيتين الفلسطينية والصحراوية    الفيفا" يفشل مناورة المخزن لتمرير خريطته المزوّرة"    شهادة جديدة توثّق جرائم وانتهاكات المخزن بحقّ المهاجرين الأفارقة    "طاسيلي للعمل الجوي" تعزّز أسطولها بسادس طائرة    وفد الاتحادية الجزائرية للرياضات المدرسية بقسنطينة لمعاينة المنشآت    صدام قوي بين اتحاد خنشلة ووفاق سطيف    بلايلي وتوغاي وبن سبعيني في مونديال الأندية    إشاعات البق في الثانويات ضرب لاستقرار القطاع    480 شخص كشفوا عن سرطان البروستاتا    إقبال على مدار السنة بحاجة لدعم أكبر    فرص الاستثمار في منجم غار أجبيلات محور ملتقى وطني    أدعو الجميع لقراءة مقتطفات من مسرحيتي بالقصبة    الأمن الثقافي لا يجب أن يكون شعارا عابرا    منجز حضاري للجزائر فيه باع وصاع    ضبط 12750 أورو بمطار وهران    الرابطة الأولى موبيليس:اتحاد خنشلة يتطلع للالتحاق بالرائد ومولودية وهران مطالبة بالتدارك    وهران..مؤتمر و ندوة علميين دوليين من 9 إلى 11 ديسمبر تخليدا للذكرى السبعين لثورة الفاتح نوفمبر المجيدة    وهران: مؤتمروندوة علميين دوليين من 9 إلى 11 ديسمبر تخليدا للذكرى السبعين لثورة الفاتح نوفمبر المجيدة    الشلف: إفتتاح الطبعة الثانية للصالون الدولي للصيدلة و شبه الصيدلة    المهرجان الثقافي المحلي لموسيقى وأغنية ميزاب بغرداية: تسليط الضوء على الشعر الميزابي بين واقع التدوين وآفاق التلحين    كرة اليد/كان-2024 (سيدات): المنتخب الجزائري يواجه منتخب الكونغو الديموقراطية    ملف جزائري جديد في قائمة التراث العالمي    كيف نحبب الصلاة إلى أبنائنا؟    المُستوطنون يُصعِّدون اعتداءاتهم في الضفّة    أمنا عائشة رضي الله عنها..!؟    إمعان في الجريمة وإصرار على حرب الإبادة    وزير الصناعة والإنتاج الصيدلاني يعقد اجتماعا بمجمع صيدال    نحو إعادة هيكلة مجمع "صيدال"    نسوا الله فنسيهم    تطعيم المرأة الحامل ضد "الأنفلونزا" آمن    إنتاج صيدلاني: دراسة إمكانية إعادة تنظيم وهيكلة مجمع صيدال    الصلاة هي أحب الأعمال إلى الله والسجود وأفضل أفعالها    المسؤولية..تكليف أم تشريف ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أعراس مستغانم.. من المداحات إلى الطواف بأضرحة الشيوخ
مدينة سيدي لخضر بن خلوف مازالت وفية لتقاليدها
نشر في الفجر يوم 15 - 06 - 2014

مدينة محايدة، مسالمة وهادئة.. لن تعطيك أي انطباع وأنت تربط أول اتصال معها، تتركك على راحتك وسجيتك إلى أن تحدد أنت شكل العلاقة مع أرصفتها وشوارعها. تلك هي مدينة مستغانم أو”مسك الغنايم”، التي تلقب بمدينة الأولياء لكثر القباب وأضرحة أولياء الله الصالحين بها.. ميزة يعتبرها أهل مستغانم اختيارا من الله لمدينتهم وتفضليها ببركة الصالحين.
يروي العارفون بالتراث الصوفي الكثير من الكرامات لمدينة سيدي لخضر بن خلوف، حيث يقول الأستاذ الحاج مولاي بن تونس، أحد أتباع الزاوية العلوية، أن المدينة يحرسها الأولياء سواء دخلتها برا أو بحرا، فحيث وليت وجهك تستقبلك قبة من سيدي المجذوب إلى وسيدي منصور إلى سيدي بلقاسم إلى سيدي لخضر بن خلوف إلى سيدي السعيد مول البلاد، كما يسميه.
من هذه المدينة خرجت أصوات المداحين والصوفية، حيث نجد مثلا الفرق النسوية التي تحيي حفلات الزواج مازالت تسمى بفرق المداحات، رغم أن الطابع الغنائي اليوم تغير من المديح إلى أغاني الراي.. وهنا يروي الحاج مولاي بن تونس أن هذا التراث تعرض للتشويه، فقصيدة ”عبد القادر يا بوعلام” لم تتعرض فقط للتشويه لكن للتحريف أيضا، فهذه القصيدة لصاحبها الحاج عبد القادر بن طوبجي وقد دونها الشيخ غرام الله عبد القادر، ويذكر فيها بن طوبجي أحوال مستغانم ويصف المدينة ويذكر خصال أوليائها الصاحين.. حيث يقول الحاج مولاي بن تونس أن المدينة يوجد بها 44 شاشية أو ولي صالح، وكان يدعوها سيدي لخضر بن خلوف بمدينة السعود. كما يقول بعض المستشرقين أن سكان غريس من معسكر يوجهون مواليدهم الجدد صوب مستغانم حتى يأخذوا بركة الأولياء من نسيم الريح الذي يهب من هذه المدينة.
يعتبر مؤسس الزاوية العلوية أن اختيار الحق تبارك وتعالى المغرب العربي لتشريفه ببركة الأولياء الصالحين، كان لحكمة معينة.. ربما بغرض فرض التوازن بين المشرق الذي خصه الله بالأنبياء، ويكفي أن يكون الاسم القديم لهذه المدينة ”مسك الغنايم”، أي اجتماع المسك، أطيب العطور مع الغنائم التي كانت تؤخذ من هنا. لهذا يعزو البعض طيبة أهل مستغانم إلى هذا التراث العريق من حسن الضيافة والكرم، فعلى مر تاريخ عمل الشيوخ والعلماء والصوفيون الذين عبروا هذه الأرض على ترسيخ هذا التراث والإرث في تلاميذهم ومريديهم.
وقد حافظ أهل المدينة على تقاليدهم الصوفية، حيث يمجدون الأولياء ليس بغرض العبادة، كما يقول الأستاذ الحاج مولاي العلوي، لكن بغرض البركة. وحتى يثبت أن تمجيد الأولياء ليس بدعة قال إن تحية التشهد في الصلاة تحتوي على عبارة ”علينا وعلى عباده الصالحين”، معتبرا أن الله قال {اذكروا الله يذكركم}، وقد ذكر عباده الصالحين على لسان خلقه. هكذا يرى أتباع الزاوية العلوية مسإلة احترام وإعلاء شأن الأولياء الصالحين، حيث يقوم أهل المدينة بأخذ العروس لزيارة ولي صالح يسمى سيدي بلقاسم بعد مرورها على مول البلاد ”سيدي سعيد”، وهو تقليد يجب أن تلتزم به كل العرائس، سواء تلك التي تخرج من مستغانم أوتلك الداخلة إليها. وحسب الروايات الشعبية فإن هذا الولي يغار من كل عروس جميلة، لهذا يقومون بأخذها إليه لمباركتها.. بينما تقول إحدى العجائز الخبيرة بتقاليد المدينة أن الولي الصالح سيدي بلقاسم كان ”زهواني” غير متشدد، وكان يعشق حضرات المدائح العيساوية ولهذا تتبرك به العرائس. بينما الباحث الدكتور مولاي العلوي يرى أن الغرض من التقليد الشعبي هو مباركة الزواج حتى لا يبقى بدون نسب، لا أكثر ولا أقل، وهذا لأن رباط الزواج مقدس.
وعلى ذكر أعراس مستغانم، تقول الحاجة الهوارية، إحدى العجائز المعاصرات للتراث المستغانمي، إنها مازالت تحن إلى الزمن الجميل حيث أعراس مستغانم كانت تسودها القعدات الأصيلة من ”المراكنة” إلى”ذبيحة الكبش” إلى أن تبرز العروس والمداحات. تتحدث الحاجة الهوارية فتقول ”في زماننا لم يكن ثمة مجال لعلاقة بين الرجل والمرأة، الزواج كان يتم بطريقة تقليدية، حيث تقوم أم العريس رفقة قريباته بزيارة بيت العروس، حيث تطلب من أهلها وعندما يتم القبول يأتي يوم الشرط، وعادة ما يتم الاتفاق على ”البريم” أو”الخلخال” والحبل. وترجع الحاجة الهوارية ارتفاع وغلاء المهور إلى كون الأولياء كانوا يعتقدون أنها الطريقة الوحيدة لحماية البنت في حال طلاقها من التشرد والضياع، حيث يمكن للذهب أن يقيها ولو نسبيا من عوز الزمن.
ويوم العرس لا تحلو قعدة العرس إلا بالمداحات والمجالس التي يذكر فيها اسم الله ورسوله. وحسب الحاجة الهوارية فإن المداحات يومها كانت تحيل إلى الغناء الشعبي النسوي الذي يخلو من فحش الكلام.. تلك الفرق التي خرجت من الزوايا وحلقات الغناء الصوفي، قبل أن يجرها الزمن - للأسف - إلى كباريهات الراي، على غرار مختلف الطبوع الغنائية التي عرفتها الجزائر.
الحاجة الهوارية مازالت تحن إلى تلك الأيام الخوالي، حيث كانت الجلسة تتم بحضور شيوخ الأغنية وسدة الورد وسلال الحلوى. تروي الحاجة الهوارية بعض تقاليد أعراس مستغانم فتقول:”في صبيحة اليوم الثاني للعرس تخرج العروس إلى حوش البيت، حيث تسلم على كافة الحضور وتلبس الشدة التقليدية وتجلس وسط الحضور، حيث تحضر والدتها ”القصعة”، ويشترط أن تكون العروس أول من يفتح تلك القصعة قبل توزيع محتواها على كافة أهل الدار، ثم تعود العروس إلى غرفتها وهي في كامل زينتها التقليدية، ويدخل والد زوجها ويعطيها هدية غالبا ما تكون قطعة ذهبية، وجرت العادة أن تكون حبتين من ”الويز” أو سوارين. ولا تنزع العروس زيتنها قبل عودة زوجها. وبعد أيام يأتي يوم الترويح، وهو اليوم الذي تذهب فيه العروس إلى الحمام، وتتم هذه العملية مثل محضر العرس بالمداحات أيضا، وتستعرض فيها العروس جهازها الذي جلبته من بيت أهلها بما في ذلك الحلي والذهب. وبعد مرور أسبوع، تحضر أم العريس ما يعرف بال”طعيم” أي وليمة قوامها قصاع كسكسي مع لحم الغنم، حيث تستعرض هي أيضا الجهاز الذي أحضرته لكنتها، هذا قبل أن تقوم عائلة العروسة بدعوة كافة أهل العريس في وليمة كبيرة في بيت أهل العروسة..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.