رئيس الجمهورية: احتضان الجزائر للمؤتمر الإفريقي للمؤسسات الناشئة وفاء لروح التعاون والتضامن الإفريقي وتجسيد لالتزامها بالعمل الإفريقي المشترك    الجزائر/جنوب إفريقيا: السيد بوخاري يؤكد على ضرورة تعزيز التعاون الثنائي ورفع المبادلات التجارية    أشغال عمومية: التحضير لإجراءات لمعالجة مشكل الحمولة الزائدة على الشاحنات    السيد بللو يشرف بالجزائر العاصمة على لقاء قطاعي توجيهي لمديري الثقافة والفنون    نفط: أوبك+ تمدد تخفيض الانتاج حتى نهاية 2026 و 8 دول تواصل تخفيضاتها الطوعية الى نهاية مارس    طاقة: بحث سبل التعاون بين سونلغاز والشركات المجرية    حوادث المرور: وفاة 10 أشخاص وإصابة 374 آخرين بجروح بالمناطق الحضرية خلال أسبوع    كرة القدم: ''سبل التعاون'' محور لقاء بين رئيس الفاف وجمعية الأندية الافريقية    الشلف: إفتتاح الطبعة الثانية للصالون الدولي للصيدلة و شبه الصيدلة    الذكرى ال172 لمحرقة الأغواط: واحدة من أبشع الجرائم ضد الإنسانية    الكرة الطائرة/ بطولة العالم إناث-2025 (أقل من 21 سنة): المنتخب الجزائري في المجموعة الثالثة    المنيعة: إبراز أهمية الرقمنة في تطوير أداء قطاع التربية    مجلس الأمة يعرب عن رفضه "المطلق" لكل تدخل في الشؤون الداخلية للجزائر    اجتماع رؤساء المجموعات البرلمانية حول المستجدات الوطنية والدور التشريعي للمجلس الشعبي الوطني    المهرجان الثقافي المحلي لموسيقى وأغنية ميزاب بغرداية: تسليط الضوء على الشعر الميزابي بين واقع التدوين وآفاق التلحين    كرة اليد/كان-2024 (سيدات): المنتخب الجزائري يواجه منتخب الكونغو الديموقراطية    المغرب: غليان شعبي وتذمر اجتماعي في ظل تفشي الفساد    "العفو الدولية" تؤكد أن بحوزتها أدلة وافية تثبت ارتكاب الكيان الصهيوني جريمة إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في غزة    ألمانيا وانتخاباتها المبكرة... اليمين المتطرف قادم!    الاحتلال المغربي يمعن في القمع وانتهاك حقوق الأسرى    ورشة بالجزائر حول مراجعة المفهوم الاستراتيجي    حملة توعوية من مخاطر الغاز    لصوص يستعملون طرقاً غريبة للسطو على المواطنين    عرقاب يعد بتعويض المواطنين بصفة عادلة    المُستوطنون يُصعِّدون اعتداءاتهم في الضفّة    ملف جزائري جديد في قائمة التراث العالمي    كيف نحبب الصلاة إلى أبنائنا؟    اتحاد العاصمة يحلّ بالسنغال    فايد يتابع تنفيذ خطة الطريق    تكريم رئاسي للنُخب الرياضية العسكرية    إحباط محاولات إدخال 19 قنطاراً من الكيف    أطباء بلا حدود تدعو إلى حماية المرافق الطبية والمرضى في الأراضي الفلسطينية المحتلة    أمنا عائشة رضي الله عنها..!؟    "تأميم" الأملاك المصادرة من قضايا الفساد    آيت نوري وحاج موسى ومازة يلهبون الميركاتو في "البريميرليغ"    مسرحية تعكس قدرات أطفال "متلازمة داون"    كتابي عن بلماضي .. كشف حقائق مغيبة    دورة دولية بالجزائر هذا الشهر    قادرون على تحقيق مشوار إيجابي    تطور متسارع للعلاقات الجزائرية الموريتانية على مختلف الأصعدة    هدفنا الوصول إلى مليون مؤسّسة منتجة    إنتاج 18 مليون قنطار من الحمضيات هذا العام    دعوة إلى تعميم استعمال الذكاء الاصطناعي    مرافعة دولية عن قضية عادلة    غرباء يصولون ويجولون داخل الحرم... والمخدرات مشكل أخطر    الإطاحة بمحتالين    ضبط 6884 كبسولة مهلوسات    في الذكرى ال30 لوفاته..إبراز بطولات المجاهد الراحل العقيد محمدي السعيد    البويرة تضيء على زاوية الشيخ الحمامي في ذكرى مظاهرات 11 ديسمبر    تنظيم المهرجان الدولي الثالث للفيلم الوثائقي " سيدي امحمد بن عودة" في ديسمبر بغليزان    وزير الصناعة والإنتاج الصيدلاني يعقد اجتماعا بمجمع صيدال    الجزائر تعمل لبلوغ الحظر التام على التجارب النووية    نحو إعادة هيكلة مجمع "صيدال"    نسوا الله فنسيهم    تطعيم المرأة الحامل ضد "الأنفلونزا" آمن    إنتاج صيدلاني: دراسة إمكانية إعادة تنظيم وهيكلة مجمع صيدال    الصلاة هي أحب الأعمال إلى الله والسجود وأفضل أفعالها    المسؤولية..تكليف أم تشريف ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أعراس مستغانم.. من المداحات إلى الطواف بأضرحة الشيوخ
مدينة سيدي لخضر بن خلوف مازالت وفية لتقاليدها
نشر في الفجر يوم 15 - 06 - 2014

مدينة محايدة، مسالمة وهادئة.. لن تعطيك أي انطباع وأنت تربط أول اتصال معها، تتركك على راحتك وسجيتك إلى أن تحدد أنت شكل العلاقة مع أرصفتها وشوارعها. تلك هي مدينة مستغانم أو”مسك الغنايم”، التي تلقب بمدينة الأولياء لكثر القباب وأضرحة أولياء الله الصالحين بها.. ميزة يعتبرها أهل مستغانم اختيارا من الله لمدينتهم وتفضليها ببركة الصالحين.
يروي العارفون بالتراث الصوفي الكثير من الكرامات لمدينة سيدي لخضر بن خلوف، حيث يقول الأستاذ الحاج مولاي بن تونس، أحد أتباع الزاوية العلوية، أن المدينة يحرسها الأولياء سواء دخلتها برا أو بحرا، فحيث وليت وجهك تستقبلك قبة من سيدي المجذوب إلى وسيدي منصور إلى سيدي بلقاسم إلى سيدي لخضر بن خلوف إلى سيدي السعيد مول البلاد، كما يسميه.
من هذه المدينة خرجت أصوات المداحين والصوفية، حيث نجد مثلا الفرق النسوية التي تحيي حفلات الزواج مازالت تسمى بفرق المداحات، رغم أن الطابع الغنائي اليوم تغير من المديح إلى أغاني الراي.. وهنا يروي الحاج مولاي بن تونس أن هذا التراث تعرض للتشويه، فقصيدة ”عبد القادر يا بوعلام” لم تتعرض فقط للتشويه لكن للتحريف أيضا، فهذه القصيدة لصاحبها الحاج عبد القادر بن طوبجي وقد دونها الشيخ غرام الله عبد القادر، ويذكر فيها بن طوبجي أحوال مستغانم ويصف المدينة ويذكر خصال أوليائها الصاحين.. حيث يقول الحاج مولاي بن تونس أن المدينة يوجد بها 44 شاشية أو ولي صالح، وكان يدعوها سيدي لخضر بن خلوف بمدينة السعود. كما يقول بعض المستشرقين أن سكان غريس من معسكر يوجهون مواليدهم الجدد صوب مستغانم حتى يأخذوا بركة الأولياء من نسيم الريح الذي يهب من هذه المدينة.
يعتبر مؤسس الزاوية العلوية أن اختيار الحق تبارك وتعالى المغرب العربي لتشريفه ببركة الأولياء الصالحين، كان لحكمة معينة.. ربما بغرض فرض التوازن بين المشرق الذي خصه الله بالأنبياء، ويكفي أن يكون الاسم القديم لهذه المدينة ”مسك الغنايم”، أي اجتماع المسك، أطيب العطور مع الغنائم التي كانت تؤخذ من هنا. لهذا يعزو البعض طيبة أهل مستغانم إلى هذا التراث العريق من حسن الضيافة والكرم، فعلى مر تاريخ عمل الشيوخ والعلماء والصوفيون الذين عبروا هذه الأرض على ترسيخ هذا التراث والإرث في تلاميذهم ومريديهم.
وقد حافظ أهل المدينة على تقاليدهم الصوفية، حيث يمجدون الأولياء ليس بغرض العبادة، كما يقول الأستاذ الحاج مولاي العلوي، لكن بغرض البركة. وحتى يثبت أن تمجيد الأولياء ليس بدعة قال إن تحية التشهد في الصلاة تحتوي على عبارة ”علينا وعلى عباده الصالحين”، معتبرا أن الله قال {اذكروا الله يذكركم}، وقد ذكر عباده الصالحين على لسان خلقه. هكذا يرى أتباع الزاوية العلوية مسإلة احترام وإعلاء شأن الأولياء الصالحين، حيث يقوم أهل المدينة بأخذ العروس لزيارة ولي صالح يسمى سيدي بلقاسم بعد مرورها على مول البلاد ”سيدي سعيد”، وهو تقليد يجب أن تلتزم به كل العرائس، سواء تلك التي تخرج من مستغانم أوتلك الداخلة إليها. وحسب الروايات الشعبية فإن هذا الولي يغار من كل عروس جميلة، لهذا يقومون بأخذها إليه لمباركتها.. بينما تقول إحدى العجائز الخبيرة بتقاليد المدينة أن الولي الصالح سيدي بلقاسم كان ”زهواني” غير متشدد، وكان يعشق حضرات المدائح العيساوية ولهذا تتبرك به العرائس. بينما الباحث الدكتور مولاي العلوي يرى أن الغرض من التقليد الشعبي هو مباركة الزواج حتى لا يبقى بدون نسب، لا أكثر ولا أقل، وهذا لأن رباط الزواج مقدس.
وعلى ذكر أعراس مستغانم، تقول الحاجة الهوارية، إحدى العجائز المعاصرات للتراث المستغانمي، إنها مازالت تحن إلى الزمن الجميل حيث أعراس مستغانم كانت تسودها القعدات الأصيلة من ”المراكنة” إلى”ذبيحة الكبش” إلى أن تبرز العروس والمداحات. تتحدث الحاجة الهوارية فتقول ”في زماننا لم يكن ثمة مجال لعلاقة بين الرجل والمرأة، الزواج كان يتم بطريقة تقليدية، حيث تقوم أم العريس رفقة قريباته بزيارة بيت العروس، حيث تطلب من أهلها وعندما يتم القبول يأتي يوم الشرط، وعادة ما يتم الاتفاق على ”البريم” أو”الخلخال” والحبل. وترجع الحاجة الهوارية ارتفاع وغلاء المهور إلى كون الأولياء كانوا يعتقدون أنها الطريقة الوحيدة لحماية البنت في حال طلاقها من التشرد والضياع، حيث يمكن للذهب أن يقيها ولو نسبيا من عوز الزمن.
ويوم العرس لا تحلو قعدة العرس إلا بالمداحات والمجالس التي يذكر فيها اسم الله ورسوله. وحسب الحاجة الهوارية فإن المداحات يومها كانت تحيل إلى الغناء الشعبي النسوي الذي يخلو من فحش الكلام.. تلك الفرق التي خرجت من الزوايا وحلقات الغناء الصوفي، قبل أن يجرها الزمن - للأسف - إلى كباريهات الراي، على غرار مختلف الطبوع الغنائية التي عرفتها الجزائر.
الحاجة الهوارية مازالت تحن إلى تلك الأيام الخوالي، حيث كانت الجلسة تتم بحضور شيوخ الأغنية وسدة الورد وسلال الحلوى. تروي الحاجة الهوارية بعض تقاليد أعراس مستغانم فتقول:”في صبيحة اليوم الثاني للعرس تخرج العروس إلى حوش البيت، حيث تسلم على كافة الحضور وتلبس الشدة التقليدية وتجلس وسط الحضور، حيث تحضر والدتها ”القصعة”، ويشترط أن تكون العروس أول من يفتح تلك القصعة قبل توزيع محتواها على كافة أهل الدار، ثم تعود العروس إلى غرفتها وهي في كامل زينتها التقليدية، ويدخل والد زوجها ويعطيها هدية غالبا ما تكون قطعة ذهبية، وجرت العادة أن تكون حبتين من ”الويز” أو سوارين. ولا تنزع العروس زيتنها قبل عودة زوجها. وبعد أيام يأتي يوم الترويح، وهو اليوم الذي تذهب فيه العروس إلى الحمام، وتتم هذه العملية مثل محضر العرس بالمداحات أيضا، وتستعرض فيها العروس جهازها الذي جلبته من بيت أهلها بما في ذلك الحلي والذهب. وبعد مرور أسبوع، تحضر أم العريس ما يعرف بال”طعيم” أي وليمة قوامها قصاع كسكسي مع لحم الغنم، حيث تستعرض هي أيضا الجهاز الذي أحضرته لكنتها، هذا قبل أن تقوم عائلة العروسة بدعوة كافة أهل العريس في وليمة كبيرة في بيت أهل العروسة..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.