على بعد 700 كلم من تمنراست تقع عين صالح بصحراء الجزائر ، منطقة تستقبلك عند دخولها إليها بلوحة إبداعية جميلة من صنع الخالق ، هي صورة امتزجت فيها الرمال الذهبية بأشجار النخيل و هي تعانق بعضها البعض تحت زرقة سماء زادت من بهاءها شمس تبلغ قمة روعتها عند الغروب ، هناك كانت الجزائرالجديدة حاضرة في ضيافة أهل الجود و الكرم أين شاركتهم أفراحهم ، فمن بيت العروس إلى بيت العريس ، و من العرس الانفرادي إلى الجماعي ، نقلت لكم عادات جميلة ضاربة في جذور تاريخ عين صالح ، فرضها الأجداد و حافظت عليها الأجيال لتنقلها لبعضها البعض من دون تفريط في إحداها ، فعلى من لا يعرف عادة الشامية ، لباس الجوالي ، طبق السفوف ، فرقة البردة و غير ذلك من العادات و التقاليد المتأصلة لدى أهل المنطقة سوى متابعتنا في هذا الروبرتاج . تغطية و تصوير : مريم والي كانت الساعة تشير إلى تمام الرابعة و النصف مساء عند انطلاق الحافلة من محطة الخروبة بالعاصمة متخذة وجهتها مدينة تمنراست ، فمرورا بالبليدة ، المدية ، عين وسارة ، الأغواط ، حاسي بحبح ، غرداية ، النعامة و غير ذلك من المحطات ، نزلنا برحالنا في حدود الساعة الحادي عشر صباحا بمدينة عين صالح ، أين كنا في ضيافة عائلة تقيم حفل زفاف لأحد أبناءها بدعوة منها ، و لبينا أيضا دعوة جمعية الرحمة الخيرية ممثلة في رئيسها السيد يارو عبد الرحمان من أجل مشاركتها احتفالها بعيدها الثاني و العشرين الذي نظمت بشأنه حفل زفاف جماعي .
أعراس عين صالح .. أفراح تصنع البهجة لأيام
هناك علمنا أن العائلة التي قصدناها تقيم أفراحا مزدوجة ، احتفالا بابن رب العائلة و ابنة شقيقه و ابنة شقيقته ، و ابن شقيق رئيس الجمعية ، إلى جانب 10 عرسان منضوين تحت لواء هذه الأخيرة ، فكانت فرصة للوقوف على التقاليد و العادات التي لا يتخلى عنها أهالي عين صالح في إقامة أعراسهم ، و مما كان مثيرا للانتباه أن أفراح أهالي المنطقة في إقامة حفل زفافهم أنها تدوم لأيام متتاليات و على مدى أسبوع بالتقريب ، ليخصص كل يوم منها في إحياء بعض العادات الأصيلة و الجميلة النابعة من عمق المنطقة ، و مما شد انتباهنا أيضا ، أن يخصص كل يوم على حدى في توجيه الدعوة للأحباب و الأقارب ، فللعروس يوم مخصص لها و للعريس ووالدته يوم لكل واحد منهما هما الآخران ، ما يستدعي أن تكون عملية النحر للجمال و الكباش بصفة يومية ، و ما يستلزم حضور عدد هائل من المدعوين ، قد يصل في كثير من الأحيان إلى الألف شخص . " العطرية " .. دعوة فردية لآلاف المدعوين تنطلق مراسيم الزواج في بيت العروس من يوم الإثنين ، حيث يخصص هذا اليوم لدعوة الأحباب و الأقارب من أجل حضور " حنة " العروس التي تعرف عندهم ب " السهرية " ، و في اليوم الموالي يجلب للعروس إلى بيتها حلاقة تتكفل بتزيينها إلى أن تجعلها في أبهى حلة ، و في هذا اليوم أيضا تقيم العروس " التصديرة " ، و تكون الدعوة موجهة حصريا للفتيات و النسوة ممن يقاربنها في السن ، و في المساء تركب العروس سيارتها المزينة بالورود ، و تنطلق في موكب بهيج ينطق فرحا بزفافها لتعود إلى بيتها أين يكون في انتظارها المدعوات لحضور " التصديرة " ، فتدخل على إيقاعات " الزمار " ، و هي فرقة شبانية ترافقها إلى المكان الذي تجلس فيه وسط النسوة ، و تبقى تعزف ألحانها لفترة من الزمن ، و لا تخلو القعدة بعد ذهابهم من تواجد " الطبالات" ، و هي فرقة نسوية لا تغادر مكانها إلا بعد انقضاء السهرة ، فيما لا تخلو هذه الأخيرة من تقديم المشروبات للحاضرين ، و إطعامهم طبق " العيش " و هو عبارة عن كسكس بلحم الجمل أو الغنم ، و هذا ما يعرف لدى أهل عين صالح ب " العطرية " التي تقيمها أيضا أم العروس يوم الخميس على مائدة الغداء ، و تقيمها أم العريس يوم الأحد على إيقاعات " الطبل " بحضور جمع هائل من المدعوين على مائدة العشاء ، و هما اليومان اللذان تختتم فيهما أيام الفرح في بيتي العريس و العروس على حد سواء. " القبول " .. أساور الذهب رمز الرضا و فتح لباب المصاهرة
تزف العروس إلى البيت الزوجية يوم الخميس و هذا ما يعرف عندهم ب " المروح " ، و قبله بيوم تأتي إليها 10 نساء من كبيرات عائلة العريس ، إلى جانب بعض الرجال ممن يتميزون بالحنكة و الخبرة في الحياة محملين بالخيرات ، بما في ذلك السميد ، الفرينة ، السمن ، السكر ، الطماطم ، الشاي إلى غير ذلك ، إلى جانب كبش العروس ، و هذا ما يعرف ب " الدفوع "، و الكل يدخل بيت العروس من أجل تطبيق عادة " القبول " التي ينطق حرف القاف فيها عندهم بنقطة زائدة ، و فيما يجتمع الرجال لقراءة الفاتحة التي يشترط الإمام قبل قراءتها توفر العقد بين الزوجين ، تجتمع النسوة أيضا في غرفة أخرى في بيت العروس ، ينتظرن بشغف رجوع الأساور التي أحضرنها معهن في جهاز العروس من عند الرجال بعد الاتفاق ، و هذا يعتبر رمزا للرضا من طرف جميع الأطراف و مباركة لهذا الزواج من الأولياء ، تواجدنا ببيت العروس التي تقطن بمنطقة " أولف" التابعة إقليميا لمدينة أدرار و التي تبعد عن عين صالح ب 168 كلم جعلنا نشهد هذه العادة ، حيث استقبلت النسوة من أهل العريس بحفاوة و أكرمن باللبن و التمر ، و من ثم بقين جالسات ينتظرن على أحر من الجمر الخبر السار ، إلى أن دخلت عليهن امرأة تقرب العروس ممسكة في يديها بالأساور التي تعرف عندهم ب " الحدايد" بعد تسلمها من مجلس الرجال و قالت " مبروك مبروك .. راه خلق القبول " ، و هنا ارتسمت معالم الفرحة على وجوه النسوة الحاضرات اللواتي أطلقن زغاريدهن ، و هنأن بعضهن البعض بعبارات مباركة ، ثم اجتمعن على طبق " العيش " بلحم الجمل ، ليخرجن من بيت العروس والفرحة بادية على وجوههن.
" الجوالي " .. ثوب عروس عين صالح في ليلة العمر تخص كل عروس من الوطن بثوب زفافها الذي يضل حلما يروادها إلى أن ترتديه في ليلة عمرها ، كما أنه يختلف من منطقة إلى أخرى و غالبا ما يرتكز على الثوب الأبيض في العديد من مناطق الوطن ، غير أن عروس عين صالح لا تستغني عن لباس " الجوالي " الذي يحضره لها أهل العريس مع جهازها ، أثناء تواجدنا بمنطقة " تحت لقصر " بعين صالح في حفل زفاف ابن شقيق جمعية الرحمة الخيرية ، عرفتنا إحدى العجائز على لباس "الجوالي" الذي جلب لعروسهم ، و الذي تجري العادة عندهم بوضعه فوق " مهراز " كبير يستعمل في دق التمر في ساحة البيت كفأل خير ، و إلى جانبه الحنبل " الزربية " و الحدايد " الأساور " ، و يتكون " الجوالي" من الحايك ، الشربية و هي عبارة عن قطعة قماش بيضاء ، إلى جانب الحرام ، حزام أخضر و حذاء ، هذا الثوب ترتديه العروس صبيحة الجمعة و تستقلبها به حماتها عند قدومها ، كما تلبسه العديد من المتزوجات حينما تلبسه العروس أيضا، هذا و لا يستغني عريس عين صالح عن اللباس العربي التقليدي المتكون من العمامة ، القميص الأبيض و العباءة ، ليزيد حمل السيف بين يديه و هو بهذه الحلة أصالة و عراقة .
عروس عين صالح تدخل في الظلمات و لا يكشف عن وجهها خشية " سرقة زينها "
تزف العروس إلى بيت زوجها عشية الخميس في موكب بهيج معبر عن فرحة الجميع ، و تستقبل بعادات جميلة يتمسك بها أهل عين صالح ، رغم أن الغرابة تطبع البعض منها ، فقبل أن تدخل العروس بيت زوجها يمسك بيدها ولي أمرها ، سواء أكان والدها أو شقيقها أو حتى عمها ، و يضع يده اليمين فوق يدها في أعلى بوابة البيت من الجهة اليمنى ، و كل النسوة تطلقن زغاريدهن و تقلن " بسم الله .. ما شاء الله ، يا ربي أتمَر و تعمر " ، " انشاء الله بالتمر " ، بسم الله و الصلاة على النبي محمد .. يعمرّلها الدار و تربي لأولاد " ، و غير ذلك من العبارات الجميلة التي تتمنين بها الخير و حياة السعادة للزوجين ، بعدها يعطى للعروس كأس الحليب لتشرب منه ثلاث مرات ، ثم تسكب ما تبقى منه على ثوبها ، و من ثم تمسك بسكين و يطلب منها الضرب به أعلى البوابة ،ثم تلقي بكومة من الرمل خلفها بعد إمساكها بيدها ، و في الوقت ذاته يمسك ولي أمرها برأسها و يتلو عليها آية الكرسي ، و من ثم تجتاز عتبة البيت برجلها اليمين ، و لعل الغريب في دخول العروس إلى البيت الزوجية في عين صالح ، إطفاء أهل البيت لجميع الأضواء و دخول العروس إليه في الظلمات ، تقول إحدى النسوة في استفسارنا عن الأمر " حنا فالنا كي يموت الضو " ، و بعد إدخال العروس إلى قاعة البيت و جلوسها على كرسي في إحدى أركانه ، ترقص النسوة فرحا على أغاني محتشمة تغنى على إيقاعات الدف و الطبل ، فيما تقبع العروس من دون الكشف عن وجهها إلا في صبيحة الغد بعد أن يراها زوجها ، هي عادة يستحيل كسرها لدى أهل عين صالح ، تتحملها العروس رغم مشقتها حتى و إن عرفت الأجواء درجة حرارة مرتفعة ، و قولهم فيها " ما تعرو العروس .. يسرقولها زينها " .
"السفوف" .. طبق التمر الذي يكرم به الضيوف في عين صالح يعبر الطبخ في عين صالح عن أصالة أهل المنطقة ، و يعكس عاداتهم و تقاليدهم ، و من الأطباق الأكثر شهرة هناك ، طبق العيش " الكسكس" ، و هو طبق رئيسي ليست له مناسبة محددة ، ولكنه يقدم كوجبة في الأعراس و الولائم في قصعة للأكل الجماعي ، هذا و يكرم أهل عين صالح ضيوفهم بطبق "السفوف" ، وهو عبارة عن تمر يابس مكسر في مهراز كبير بواسطة مدقة ، و يتم إعداده في صبيحة مبكرة ، و من ثم يخزن و يقدم مع اللبن في رمضان ، و في الوقت الذي لم تنضج فيه ثمار التمر بعد ، كما يقدم أيام العرس للمدعوين ، فكان أول ما تذوقناه في ضيافة أهل عين صالح .
الأعراس الجماعية .. قمة الهمة و التلاحم لعل أكثر التقاليد التي عرفت زوالا في العديد من مناطق الوطن ، لا تزال قائمة في عين صالح ، نذكر منها الزواج الجماعي ، الذي يبقى رمزا للهمة و التلاحم بين أفراد المجتمع الواحد ، و في مدينة عين صالح تعمل 4 جمعيات خيرية على تسهيل درب الزواج لكل من يرغب في الميثاق الغليظ ، و بهذا أقامت الجمعية الخيرية بأولاد قاسم بعين صالح حفلا اختتاميا لدورتها الثانية و العشرين ، و أقامت بالمناسبة عرسا جماعيا لجمع من العرسان بحفرة الركب وسط المدينة ، و افتتح الحفل بخطبة تتحدث عن أصول المعاشرة و المعاملة الزوجية ، و تخلل الحفل كلمة ألقاها رئيس جمعية الرحمة الخيرية بالمناسبة ، نوه فيها إلى أهداف الجمعية من وراء تأسيسها ، و تشكر فيها الجزائرالجديدة عن حضورها و تلبيتها دعوة تغطيتها الحفل ، هذا و لم تغب المشروبات و الحلويات ، و طبق العيش عن هذه القعدة التي شهدها أزيد من 500 شخص . الشامية.. أجمل عادة يقوم بها العروسان في فرحهما تزخر أفراح عين صالح بالكثير من العادات الجميلة ، و لعل أبرزها و أحلاها عادة " الشامية" التي يطبقها العريس على عروسه في فرحهما ، و هي عادة تستلزم على العريس و جماعته التنقل إلى سبع " جناين " و نزع منها ما أرادوا من خضر و حشائش و عراجين التمر ، لكنهم يكتفون بعرجون واحد على حسب قول إحدى السيدات ، فحتى و إن كانت المساحات المغروسة ملكا لغيرهم فلا أحد يعارض تصرفهم ، لأنهم يعلمون أنها عادة يطبقها العريس و جماعته في عين صالح، و بعد رجوع الجماعة إلى بيت العريس محملين بما جنوه ، يصعد هذا الأخير إلى سطح البيت ، فيما تجلس العروس في ساحته و تضع النسوة فوقها " الحايك " الذي تمسكن بأطرافه الأربعة حتى يتمكن العريس و جماعته من إلقاء ما جنوه عليه وسط زغاريد النسوة و دعوات الخير و عادة مفعمة بالتفاؤل ، حتى أن بعض الحشائش التي يرميها العريس على عروسه يمنح البعض منها للمعزاة كفأل خير من أجل ولادة توأمها ، و تطبق عادة الشامية لدى البعض من أهل عين صالح يوم " القبول " في بيت العروس ، فيما يطبقها البعض الآخر بعد قدوم هذه الأخيرة إلى منزل الزوجية ، و غالبا ما تكون في صبيحة يوم الجمعة ، و هو يوم تطبق فيه أيضا عادة " الكرامة " ، و يقصد بها تجمع الرجال في بيت العريس لتلاوة ما تيسر من كتاب الله العزيز . البردة ، البارود و الموسيقى .. فرق تصنع الزهو و تضفي أجواء البهجة لا تخلو أفراح عين صالح من تواجد فرق تضفي على أجواء العرس بهجة و متعة و بلمسة خاصة ، و من أهمها فرقة " البردة " التي تجتمع أمام بيت العريس في أول ليلة لإنشاد قصيدة الإمام البوصيري في مدح سيد الخلق محمد صلوات الله و سلامه عليه ، و التي كتبها بعد رؤيته له في المنام يلبسه " البردة " بمعنى العباءة ، و التي يقول المادحين فيها : مولاي صلي وسلم دائماً أبدا على حبيبك خير الخلق كلهم أمن تذكر جيرانٍ بذى سلم مزجت دمعا جَرَى من مقلةٍ بدم
إلى غير ذلك من أبيات القصيدة التي تختم ب : وهذه بُردةُ المُختار قد خُتمت والحمد لله في بدء وفي ختم أبياتها قد أتت ستين مع مائةٍ فرِّج بها كربنا يا واسع الكرم
هذا و لا تغيب فرقة البارود عن ثاني ليلة أمام بيت العريس لتصنع الفرجة ، و تخلفها فرقة الموسيقى في اليوم الموالي ، فدامت أفراح عين صالح قائمة ، و دام أهلها رمزا للضيافة و الكرم ، و مجدا عريقا للعادات و التقاليد النابعة من تاريخ منطقتهم المجيدة .
رئيس جمعية الرحمة الخيرية بعين صالح للجزائر الجديدة : " منحنا 394 عريس هدية العمر بإمكانيات خاصة و نتلهف لمساعدة من الدولة من أجل مضاعفة العدد " احتفلت جمعية الرحمة الخيرية الكائن مقرها بعين صالح التابعة إقليميا لمدينة تمنراست بعيدها الثاني و العشرين، و أقامت بالمناسبة عرسا جماعيا في حدود الساعة الثامنة و النصف مساء بحفرة الركب وسط المدينة ، و لأن للجمعية أهداف سامية من وراء تأسيسها ، جمعنا قبل انطلاق الحفل بيومين ، حوار مع رئيسها السيد يارو عبد الرحمان الذي فتح لنا أبواب بيته واستضافنا فيه بصدر رحب . حاورته في عين صالح : مريم والي الجزائرالجديدة : نحن في ضيافة السيد يارو عبد الرحمان، رئيس جمعية الرحمة الخيرية بمدينة عين صالح ، هل لكم سيدي أن تعطوننا نبذة تاريخية مختصرة عن تأسيس جمعيتكم ؟ رئيس الجمعية : أهلاو سهلا بكم في عين صالح و في ضيافة جمعية الرحمة ، أنشأت جمعيتنا بتاريخ الرابع عشر جوان سنة 1992 و لا تزال تنشط إلى يومنا هذا، من أهم انجازاتها تنظيم 21 دورة للأعراس الجماعية ، من ضمنهم ذوي الحاجات الخاصة ، إذ أن هذه الأخيرة عرسها على نفقة الجمعية التي تقوم أيضا بإعانتها في استكمال بناء منازلها ، و من ضمن نشاطات الجمعية تنظيم دورة تثقيفية دينية علمية للمقبلين على العرس سواء كانوا تحت المنضوين تحت الجمعية أو خارجها للرجال ، تحت إشراف أساتذة و أئمة ، و النساء تحت إشراف مرشدات دينيات ، إلى جانب تنظيم دورات تطبيقية للمعتمرين و الحجاج ، و تنظيم دروس تدعيمية لأقسام الإمتحانات الأهلية و الباكلوريا .
الجزائرالجديدة : إلى ما تهدف جمعية الرحمة من وراء تأسيسها ؟ رئيس الجمعية : تهدف جمعيتنا إلى امتصاص ظاهرة العنوسة و العزوبية خصوصا لدى فئة الحاجات الخاصة ، هذا و تسعى جمعيتنا إلى إصلاح ذات البين ، و تقريب وجهة النظر إلى تطابقها بين الأسر المتنافرة التي يرغب أحد أبنائها من التزويج من الأسر الأخرى ، هذا ما نجده لدى بعض القبائل المتميزين بالعنصرية و القبلية ، و قد تمكنا بحمد الله من تذليل 18 حالة استعصت لدى أصحابها ، فيما عجزنا عن حالتين رغم كل الجهود المبذولة لكونهما من القبائل الخارجة عن منطقتنا .
الجزائرالجديدة : جمعية الرحمة الخيرية حسب الدعوة الموجهة إلينا ستحتفل بعد غد بعيدها الثاني و العشرين ، كيف انطلقت فكرة تأسيسها ؟ رئيس الجمعية :كانت الفكرة في بادئ الأمر لمجموعة من الشبان ، كانوا يجمعون مبالغ مالية ، و كل واحد منهم يدفع 100 دينار جزائري ، إلى أن يصل المبلغ إلى 10 آلاف دينار جزائري ليمنح للعريس كإعانة ، و من ثم تبلورت الفكرة إلى ما هو أفضل ، و هذا بإنشاء جمعية أعضاءها من متوسطي التعليم و المستوى التعليمي العالي ،و الكل يسخر خدماته ، و كوني محاسبا أسخر خدمتي في حساب كل التكاليف المتعلقة بما يجب توفره في العرس .
الجزائرالجديدة : من ضمن الأهداف التي سطرتها الجمعية مساعدة ذوي الحاجات و الاحتياجات الخاصة ، كيف يمكن مساعدة هذين الفئتين ؟ رئيس الجمعية : نساعدهم في إتمام مراسيم الزواج بإمكانيات و اعتمادات خاصة من دون سنتيم واحد من الدولة ، و بالخصوص فئة الحاجات الخاصة كالمكفوفين و المعوقين ، فنحن نتكفل بكل صغيرة و كبيرة تتعلق بزواجهم ، معتمدين في التقاطهم على أسباب معينة ، و تقوم الجمعية بحملة تطوع من أجل مساعدتهم في إتمام مراسيم الزواج و حتى في ترميم منازلهم ، و يساهم في الحملة أعضاء الجمعية أيضا ، نحن نحمد الله لكونهم مرتاحين ماديا . الجزائرالجديدة : هل يمكن لغير هذين الفئتين الاستفادة من الخدمات التي تقدمها الجمعية ؟ رئيس الجمعية : نعم بالفعل ، نحن نشجع الزواج الجماعي ، و ننشر كل عام إعلانا لمن يرغب في الانضمام إلى صفه ، كما نوجه دعوتنا إلى أثرياء المنطقة حتى يساعدوننا بما توفر لديهم ، و نعمد كجمعية إلى تعزيز فكرة الزواج الجماعي و إبعادها عن كونها تخص الفقراء و المعوزين ، و قد لقينا تجاوبا كبيرا من عدة فئات ، حيث انظم إلينا مهندسون و أطباء و جمركيون و غيرهم . الجزائرالجديدة : هل هذا يعني أنكم لا تطالبون بشروط لابد من توفرها في الشخص المستفيد ؟ رئيس الجمعية : نحن لا نطالب بأية شروط ، ما عدى شرط القبول ، فاليوم يوم فرح ، و لا نريد أن يكون هناك تعارض بين الإبن ووالده ، و لهذا نمنحهما استمارة مباركة معبرة عن رضا الطرفين ، كما نشترط توفر عقد الزواج . الجزائرالجديدة : تأسست الجمعية سنة 1992 ، كم بلغ عدد المستفيدين إلى يومنا هذا ؟ رئيس الجمعية : بلغ عدد المستفيدين منها 394 عريس . الجزائرالجديدة: 394 شخص مستفيد من خدمات الجمعية عدد لابأس به، هل يطمح أعضاء الجمعية إلى تحطيم رقم ما ؟ رئيس الجمعية : أكيد نحن نطمح إلى تحطيم رقم قياسي ، إمكانياتنا خاصة و نأمل في مساعدة من أثرياء المنطقة بما فيهم التجار ، في مدينة عين صالح هناك 4 جمعيات خيرية متعلقة بالزواج الجماعي ، حاولنا جاهدين من أجل ضمها تحت اسم واحد ، و لكننا لم نتمكن بعد من كسر هذا الحاجز ، أنا أعمل ل 4 سنوات في هذا المجال ، فنحن نزوج 200 عريس سنويا و نطمح لأن يكون عرس عين صالح موحدا . الجزائرالجديدة : قلتم أن إمكانياتكم خاصة من دون سنتيم من الدولة ، هل هذا يعني أنكم تطمحون إلى مساعدة من الجهات الحكومية ؟ رئيس الجمعية : بل نتلهف لذلك ، حتى نتمكن من تشجيع الناس على الزواج الجماعي ، و بوَدي أن نصل و نقول " مرحبا بكل من يريد أن يتزوج ، و لهذا نرجو من وزارة الشؤون الاجتماعية مساعدتنا بتقديم اللباس التقليدي العربي الذي يلبسه العريس يوم زفافه ، و منحنا مصاحف من طرف وزارة الشؤون الخارجية كأقل ما يمكن مساعدتنا به .
الجزائرالجديدة: تزامنا مع احتفال جمعيتكم بعيدها الثاني و العشرين سطرت حفلا اختتاميا للدورة التكوينية للعرسان ، كيف يتم تكوين هذه الفئة ؟ رئيس الجمعية : يقول الرسول صلى الله عليه و سلم " إن مباهي بكم الأمم يوم القيامة " ، و كل علم أفضل من جهله ، و لم يسمي الله سبحانه و تعالى أي شيئ بالميثاق الغليظ إلا الزواج ، لهذا كان حتميا أن يكون الزوجان على بينة من الأمر ، للزوجات لهن تكوين خاص من طرف مرشدات دينيات متزوجات يعرفن خبايا الحياة ، أما الأزواج فيشرف عليهن أساتذة في الميدان ، متخصصين في أصول الشريعة و الاقتصاد و علم الاجتماع ، هذا و سنعمل على تذكرتهم يوم الخميس قبل الدخول بالنصائح الموجهة إليهم سابقا ، في كتيب يلخص آداب المعاشرة الزوجية و كيفية المعاملة للطرف الآخر كحوصلة للدروس التكوينية ، و هذا ما نسميه بهدية العمر التي نمنحها لكل عريس . الجزائرالجديدة : ما هي الظروف التي وفرتموها لإقامة العرس الجماعي ؟ رئيس الجمعية : حاولنا أن نهيئ ما أمكن اعتمادا على خبرتنا المتواضعة ، بعض الأشياء لا يمكننا فعلها إلا في اللحظات الأخيرة مثل الديكور و نصب الخيمة ، و تهيئة المكان الذي يحوي في كثير من الأحيان 500 شخص ، و يستوعب أزيد من 1000 شخص . الجزائرالجديدة : سؤال أخير و خاص ، أدخلتم العديد من العرسان المنحدرين من القرى المجاورة قفصهم الذهبي و كنتم لهم نعم السند ، ماذا لو قصدكم شاب قاطعا آلاف الكيلومترات من ولاية مغايرة راغبا في الانضمام إلى موكب العرس الجماعي ، هل سيرحب به لدى جمعيتكم ؟ رئيس الجمعية : حتما ستستقبله بصدر رحب ، و كأنك ذهبت إلى آخر شخص انظم إلينا ، فالأخ محمد مثال حي عن ذلك ، فلا هو و لا زوجته من عين صالح ، أصله من مناظرة و يعيش في ورقلة و زوجته من الجنوب ، بعث لنا منذ قليل بفاكس عن عقد الزواج ، و عباءته تخاط من أجل أن يبدو عريسا في أبهى حلة بعد انضمامه إلى جمعيتنا . الجزائرالجديدة : نشكركم سيدي على كرم الضيافة ، نتمنى لجمعيتكم الخيرية عمرا أبديا ، و هل لكم بكلمة أخيرة . رئيس الجمعية : طلبي من كل الآباء أن يعجلوا بزواج أبنائهم ، و أن يخففوا من شروط و مهور بناتهم ، حتى يسهلوا للراغبين في الزواج ، لأن المرء كلما تزوج مبكرا كلما حصد فائدة أكبر ، فرجائي الوحيد تفهم الأبناء لآبائهم و تزوجهم مبكرا حتى يخففوا عنهم المشقة عند كبرهم .