أبدع الجوق الملكي ”والوني” من بلجيكا أمام جمهور غفير في السهرة الأولى لفعاليات المهرجان الدولي السادس للموسيقى السيمفونية، رفقة أركسترا بيتسبورغ الروسية والجوق السوري ممثلا العرب في هذا الحفل، بقيادة المايسترو ميساك باغبودريان الذي اعتاد الوقوف على مسارح الجزائر. السهرة التي احتضنها ركح المسرح الوطني محي الدين بشطارزي، كانت متميزة بتميز الموسيقى الكلاسيكية المعزوفة التي امتزجت بين الروح المشرقية والجزائرية والطابع الأوربي الخالص الراقي، وسط حضور شخصيات فنية ومسرحية ووفود دبلوماسية أجنبية. بدأ الحفل ببصمة بلجيكية من خلال جوق غرفة والوني الملكي الذي قاده المايسترو جون فرانسوا شيمبرلان الذي سيرّ حتى نهاية أداء الجوق بذكاء وخبرة في التعامل مع الموسيقيين السبعة الذين رافقهم جزائريون في العزق، مقدمين لوحة عن حوارا الثقافات باللون الموسيقي، فقدمّ الجوق مقطوعات عالمية كلاسيكية لأشهر العازفين فأدّى معزوفة ”دوفارك” الشهيرة ذات الرقم 77 وكونترباس اكستري، وسط تفاعل جمهور بشطارزي من مختلف الشرائح فصفق تارة وصمت تارة أخرى، متتبعا بانتباه ما تصنعه الأنامل وتصدره الآلات الموسيقية البلجيكية فوق الركح، وتماشيا كذلك مع تطور وانتقالات النغمة حسب الريتم. وقد ولدت أوركسترا فالوني الملكية لموسيقى الحجرة من رحم التقاليد الكلاسيكية العظيمة، وقد تأسست عام 1958 على يد لولا بوبيسكو. وقد قاد الفرقة موسيقيون عريقون ترعرعوا على هذه التقاليد، وموسيقيون من الجيل الجديد أيضاً مثل روبن تيتشياتي وجيريمين روهرر. ودائما بالنكهة الأوربية، قدمت الأركسترا السيمفونية الروسية بقيادة قائد الكامن سارجي ستالدار باقة من معزوفات عالمية لكبار هذا الفن في العالم على غرار تشايكوفيسكي، وبالتالي لم يفارق اللحن العذب أذهان المتلقي طوال نصف ساعة من الزمن، أين استطاع سارجي أن يبحر به عبر مجموعته التي تضم عديد الموسيقيين والعازفين على آلات متعددة في عالم لامتناهي من الأمل والحب والخيال، صانعين لوحات فنية من مقطوعات ”سيمفونية” تشايكوفيسكي ومواطنه سترافينسكي، أدخلت الحضور في سكون رهيب بجماليتها ودقتها. أنامل الروس لم تتوقف عن العزف وأدت ”ابولو وأبولو ميزاتجات”، كما أدت روائع ”شوستاكوفيتش” من خلال معزوفة ”شيزيرو”. في السياق أسدل الستار على السهرة الأولى بعزف عربي سوري خاص طاف حول التراث العربي المشرقي والجزائري. وأعاد أشهر المقاطع العالمية على خشبة بشطارزي التي احتضنت الأمل والحب معا، فأدت أوركسترا سوريا رغم جراح بلدها معزوفات جميلة كما عودت الجمهور العاصمي والجزائري الذي ألفها في خرجاتها الفنية ومشاركتها بالجزائر، وتألق كعادته ميساك باغبودريان الذي كرّم الفن الجزائري من خلال تأدية الجوق لأغنية الراحل دحمان الحراشي العالمية بعنوان ”يا الرايح وين مسافر”. الأداء تفاعل معه الحضور بقوة وتفاعلو بحماس معه، ولم تنس الفرقة التراث الفني المشرقي حينما عزفت إحدى الروائع ”يا محلى الفسحة”، إضافة إلى مقاطع عالمية لمؤلفين مشاهير. تجدر الإشارة أنّ المهرجان السادس للموسيقى السيمفونية يتواصل إلى غاية ال19 من الشهر الجاري بالمسرح الوطني بالعاصمة، بمشاركة بلجيكا ضيفة الشرف و18 دولة أخرى.