حلّت الأوركسترا الوطنية للموسيقى السيمفونية التي يرأسها المايسترو عبد القادر بوعزارة، بمدينة الجسور المعلقة، حيث أحييت حفلا فنيا ثانيا بالمسرح الجهوي لقسنطينة، بعد السهرة الأولى التي نشطتها الخميس الفارط بركح المسرح الوطني محيي الدين بشطارزي، بالعاصمة، والتي تندرج في إطار سلسلة جولاتها الفنية لمدن الجزائر. بقيادة المايسترو السوري ميساك باغبودريان وبمشاركة مغنيين ”ليريك”، وعازفة السوبرانو السورية ديرمانجيان تالار والإيطالي المايسترو ” فابيو انديروتي”، عاش جمهور مدينة الجسور المعلقة أول، أمس، لحظات من المتعة ارتقت فيها أصوات وألحان الموسيقى الكلاسيكية الراقية التي امتزجت بالأنغام الشرقية المستوحاة من التراث العربي الأصيل والسوري خصوصا، حيث قدّم الثلاثي رفقة العازف والمايسترو الجزائري رشيد صاولي باقة من أجمل روائع الموسيقى العالمية التي سافرت بالجمهور القسنطيني العاشق لهذا اللون الراقي، والذي كان يوما ما حكرا على الطبقة الأرستقراطية فقط، إلى ”غياهب” المتعة والفرجة. ومن بين المقاطع التي تم تأديتها في هذا الحفل رائعة ”فاردي” التي تحمل عنوان ” لافورسا ديستينو”، وهي المعزوفة التي افتتح بها الحفل وقدمت بكل وفاء وود، لتليها عديد المقاطع والمعزوفات الكلاسيكية الجميلة، كالتي ألفها جيوسيبي فيردي وجياكومو بوتشيني والإخوة رحباني ورشيد صاولي وغيرهم. كما استطاعت مؤدية الأغاني الكلاسيكية الشهيرة، تالار ديكرمانجان، رفقة فابيو أندريوتي، من خلال أداء مقطع ”لا ترافياتا دي فيردي” خطف قلوب الحاضرين والسفر بهم عبر أنغام شرقية بحتة، وذك في أغنية ”أعطني الناي وغني” لقمر لبنان المطربة فيروز.. فقد أبدعت تالار ديكرمانجان بأدائها لهذه الأغنية بعد أن تلهب الركح بقطعة أخرى تحت عنوان ”مادام بيترفاي” للمؤلف الكبير بوتشيني، وفي ثانية عنوانها ”بنات كاديكس” للمؤلف ديليبيس. وحسبما صرّح به مدير الأركسترا الوطنية، عبد القادر بوعزارة ل”الفجر”، فإنّ البرنامج المعدّ في حفل قسنيطينة لا يختلف عما قدم على ركح بشطارزي، وذلك بحضور ميساك باغبودريان والإيطالي فابيو والسورية تلارا، حتى يتذوق الجمهور الجزائري بصفة عامة ما تصنعه أنامل هؤلاء من الموسيقى العالمية. وأضاف بوعزارة أنّ الأوركسترا الوطنية مستمرة في عطائها وعملها وتنفيذ برامجها، حيث ستجوب ولايات الجنوب وتغوص في أعماق الصحراء الجزائرية خلال الأيام القليلة المقبلة. وفي السياق لم تتوقف الفرجة عند هذا الحدّ بل عاش الجمهور لحظات من المتعة صنعتها أنغام الموسيقى الجزائرية ومختارات من تراث وموسيقى المالوف، التي أدخل عليها رشيد صاولي تعديلات وإضافات جميلة كانت متبوعة برائعة ”عاشق ممحون” و”مرحبا بأولاد سيدي” وغيرها.