تميزت أجواء السهرة الثانية من فعاليات مهرجان الموسيقى السيمفونية الدولي في طبعته الخامسة، بفن راق صنعته أنامل موسيقية أوربية وعربية اتحدت لتقول كلمة ولغة الموسيقى الواحدة التي يفهمها الجميع، واجتمعت على الحب والسلام في ليلة باردة ميزها دفء العزف وتجاوب جمهور قصر الثقافة مفدي زكريا مع وصلات سيمفونية سافرت به إلى عبق التراث الراقي. كانت الموعد أوّل، أمس، ب”شابيتو” قصر الثقافة، الذي يحتضن الفعالية حتى ال19 من الشهر الجاري، مع ثلاث فرق موسيقية ضاربة جذورها في أعماق التاريخ الموسيقي الراقي من سوريا والتشيك ضيفة شرف الدورة الخامسة وسويسرا. فبعد العرض الذي قدمه الجوق السويسري، اعتلى المنصة أبناء سوريا ممثلين في الأركسترا السورية التي قادها بنجاح إلى التألق والإبهار والإمتاع، المايسترو ميساك باغبودريان. فسوريا الجريحة والحزينة على ما يحدث داخل أرضها الطاهرة أبت إلا أن تقدم البارحة أجمل وأحلى ما تتغنى به في الحب والسلام، عبر أنامل شباب راقية صنعت جوا باهرا داخل ”الشابيتو” الكبير الذي عرف حضورا معتبرا، فعزفوا ثلة من المقاطع الشهيرة أبرزها مقطوعة للموسيقيى ”غوماز” تحت عنوان ”أيقوراني”، والتي تتفرع إلى عدة قطع موسيقية أخرى، وكذا معزوفة للشهير ”تشايكوفيسكي” من خلال تأدية مقطع من أوبرا ”أوجان أونجان”، التي وزع موسسيقاها العازف أتشيغونسيلاي”، لتحمل الحضور إلى أرض الشام عبر أجنحة موسيقية ووصلات شرقية غاية في الروعة، إنّها ”ميدلي سورية” التي تناغمت فيها آلات الساكسو والفيولون والكمان والترومبيت صانعة إيقاعا مختلفا ومميزا كشف عمّا لهذا البلد الجريج اليوم من ثراء موسيقي راقي. وفي السياق قال المايسترو ميساك باغبورديان إنّه يجب على سوريا أن تكون موجودة في هذا المهرجان رغم كل شيء.. ليعرب عن هديته للجزائر وجمهورها الذواق، حينما عزفت الأوركسترا السورية رائعتي ”عليك مني السلام” و”الحمد لله ما بقاش استعمار في بلادنا”، وهو ما جعل الجمهور الجزائري يهتف طويلا لسوريا بالسلام والحياة. المتعة لم تتوقف هنا بل دشنها السداسي السويسري ”لي دليس دوسوزي”، حيث قدموا 9 مقاطع لموسيقى غربية مختلفة منها ”ايديال” لدارلاي، و”الأندلسية” ل ربونوا، عانقت عبرها تراث الإسلام وحضارتهم. كما عزفت وسط تناغم الألحان متبوعة برقصات خفيفة في بعض المقاطع على غرار ”رقص التونيا” و”آه جميل الغير معروف”، وشهيرتها التي تحمل اسم الفرقة ”لي دليس دوسوزي”. أمّا ضيفة الشرف تشيكا فلم تخيب، حينما أمتع جوقها ”شوك شامبر” لمكون من 13 عازفا، الجمهور بباقة وصلات موسيقية أنيقة، 6 مقاطع رائعة لأشهر الموسيقيين في أوروبا أبرزهم غزافي ريتشر، كلريسلر، بوبر، بول غودارد، بيازولا، وآخرون، أضفت على ختام السهرة لحنا عطرا وعبقا موسيقيا لم يفارق الأذهان إلى حين.