ناقش عدد من الأساتذة الأكاديميين ضمن برنامج” ساعة نقاش” على القناة الثقافية، سيرة وإنجازات المفكر الجزائري الكبير محمد أركون في الذكرى الرابعة لرحيله، مستحضرين ذاكرة الرجل الفكرية وإسهاماته في تجديد الفكر الإسلامي ومساءلة العقل العربي. وفي تدخله قال الأستاذ عمر بوساحة إنّ فكر أركون دفعنا إلى الخوض في أخطر القضايا الشائكة في تاريخ الفكر الإسلامي، بينما لم نكن لنمتلك جرأته وحريته في الحديث عن أفكاره، وأنه يبقى مدرسة كبيرة في الفكر العربي المعاصر رغم الانتقادات التي تعرض إليها لاعتقاد الكثيرين أنه حاد عن بعض الخطوط. وأضاف: ”نجاح أركون يعود إلى اعتماده في بحوثه على الأدوات التي توفرت في العصر الذي عايشه لاستجلاء التراث وإعادة إحيائه والبحث في إيجابيته”، مؤكدا على ضرورة البحث في المنجز الأركوني من خلال قراءته وتأثيره في الدراسات العربية الإسلامية. واسترسل قائلا: ”إن في الجزائر اهتماما كبيرا بإنجازاته وأعماله حيث بات يعتمد عليها الأكاديميون في دراساتهم وبحوثهم، وأن المسألة تتعدى الرؤية الوطنية كونه مفكر جزائري وإنما لأهمية الرجل وكونه قطب من أقطاب الفكر العربي المعاصر”. بينما يرى الأستاذ نورالدين جباب أن أهمية المفكر تبدأ حين يثير سجالا، وهذا ما وصل إليه أركون، كما نجح في افتكاك احترام معارضيه قبل مناصريه ومؤيديه باعتباره قامة فكرية كبيرة. وقال ”إن أركون أثار جدلا في الجزائر أكثر من بقية البلاد العربية وأنه عانى من محاكمة أيديولوجية وليس معرفية، حيث تعرض لتهجم كبير”. وأقول عن دراية - يضيف - أن هؤلاء ليسوا مطلعين على إنتاجه الفكري، حيث كان شديد الحذر ولم يتحدث عن مشروع وإنما رسم معالم نبه من خلالها الفكر العربي إلى جملة من القضايا الأساسية، وهو ما جعل منه صاحب مشروع تجديد العقل والفكر الإسلامي. من جهته، ذكر الأستاذ يمين بن تومي أن إقامة أركون في باريس جعل من الكثيرين يعتبرونه رأس حربة لاختراق العالم الإسلامي، وأن السيناريو الذي يرسم حول هذه الشخصية في مقالات جانبت العلمية في أغلب الأحيان، كانت تأخذ عليه مآخذ أولها تلقيه تعليما ثانويا في مدرسة الآباء البيض بوهران ومن ثمة بجامعة السوربون بباريس. وأنا أقول - يوضح - إن هذه الخلفية ليست دليلا علميا يورط أركون بقدر ما يعلي من شأن هذه الشخصية لأنه مارس فكرا نضاليا وقاوم الحضور الكولونيالي داخل العقل الجزائري واستطاع التحرر من هذا الميكانيزم الذي حاولت بعض الطوائف أن تدينه من خلاله.”النقطة مثار الجدل في سيرة أركون أنه تناول الفكر العربي الإسلامي من مستوى متقدم جدا استفاد من وجوده في الغرب ووظف آخر ما وصلت إليه النظريات في العلوم الاجتماعية، لذلك صعب على الكثيرين فهمه”. وأضاف يمين بن تومي أن النقطة التي يجهلها البعض أن محمد آركون مارس النقد المزدوج ووجه نقدا قويا لكثير من المرجعيات وكان أول من وجه نقدا قويا وفضح الإستشراق بالإضافة إلى نقد العلمانية.