متى تلتفت منتخباتنا وأنديتنا لبعض الجوانب المهملة التي تساعد على بناء طاقة الفريق؟! يتساءل البعض عن السر الذي يقف وراء تفوق بعض فرق كرة القدم التي لا تملك أسماء كبيرة ولا يوجد في صفوفها نجم من الوزن الثقيل. الرأي المقنع أجده عند أحمد فوزي وطارق بدر الدين في ”سيكولوجية الفريق الرياضي”: ”تبدو أهمية ظاهرة التماسك الحركي بوضوح في الفرق التي لا يوجد بها لاعبون مميزون من النواحي البدنية والمهارية ولكنها تتميز بالتماسك بشقيه الحركي والاجتماعي حيث غالبا ما تستطيع هذه الفرق أن تتفوق على فرق أخرى تضم لاعبين على مستوى عال ولكن ينقصهم التماسك”. ومن الواضح أن ثمة تأثيرا للتماسك الاجتماعي على التماسك الحركي وهو الأهم حيث يقول المؤلفان إن مفهوم التماسك هو ميل الجماعة للالتصاق معا والبقاء في وحدة واحدة في سبيل تحقيق الهدف، وهذا الهدف في كرة القدم هو تحقيق الفوز ”ويشير التماسك الحركي للفريق إلى انتماء اللاعبين إلى كيان حركي موحد والاقتناع به والتعاون والتآزر خلال تنفيذه وكذلك يشير إلى الفهم المشترك من اللاعبين للمتطلبات الحركية”. والواقع أن شعور لاعبي الفريق الفقير عناصريا بالنقص هو الذي يقود للتماسك الحركي، لكن ذلك لا يمنع من إمكانية الوصول للتماسك في صفوف فريق زاخر بالنجوم، وما أروع الفريق الذي يملك ترسانة من الأسماء الكبيرة مع قدرة على التماسك الحركي. من هنا يبرز دور الجهازين الإداري والفني في صنع فريق متماسك اجتماعيا وحركيا. بعيدا عن الجوانب البدنية والمهارية والخططية والنفسية، أرى أن المسؤولين ومسيري الفرق لا يولون اهتماما للجانب الذهني الذي يختلف كثيرا عن الجانب النفسي ولا يقل أهمية. استغرب عندما تستعين أنديتنا بأخصائي نفساني مؤقت يحضر لمباراة واحدة وقد يكون حضوره خطوة سلبية وذا تأثير عكسي في حين أن بناء الطاقة الذهنية يحتاج إلى الاستمرارية والاقتناع بضرورة وجود أخصائيين دائمين للإعداد النفسي والذهني. لا يمكن أبدا الاستهانة بالإحساس والإدراك والتذكر والتخيل والتفكير والتصور كما يقول رضا الوقاد في ”التخطيط الحديث في كرة القدم”، وفي ظني أن من يلعب كرة القدم ويسعى للإجادة يدرك مدى أهمية التفكير مثلا، وهل يمكن إنكار تأثير المهارة الجماعية في كرة القدم الحديثة؟! لا شك أن الجاهزية الذهنية ترتبط ارتباطا وثيقا بالتكنيك، واللاعب غير الجاهز ذهنيا لن يكون بمقدوره مجاراة زملائه في القراءة والحركة والتموضع والجري السليم من دون كرة، أما إن كان كل عناصر الفريق خارج ”الفورمة” فقل على الفريق السلام. ما تعانيه أنديتنا ومنتخباتنا فيما يتعلق بالتمريرات المقطوعة لا يعود لنقص التدريب وضعف المهارة الفردية والجماعية فحسب، بل لسوء الإعداد الذهني!