يستهل وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، اليوم، زيارة رسمية لإسبانيا في بادرة أولى تهدف إلى تعزيز التعاون بين مدريدوواشنطن في مجالي الدفاع والأمن. ويشار إلى أن غياب الزيارات الرسمية بشكل ملحوظ إلى إسبانيا مقارنة بدول أوروبية، حيث زار كيري فرنسا 20 مرة وبريطانيا 18 مرة وإيطاليا سبع مرات وبلجيكا خمسا والدنمارك وبولندا مرتين. ومن المقرر أن يلتقي كيري خلال يومين ملك إسبانيا فيليبي ورئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي، ونظيره الإسباني خوسيه مانويل غارثيا مارغايو. وسيتم خلال هذه الزيارة انهاء بروتوكول تعديل الاتفاقية الثنائية التي وقعها البلدان في مجال الدفاع في عام 1988 بهدف جعل قاعدة (مورون دي لا فرونتيرا) العسكرية في محافظة (إشبيلية) الأندلسية قاعدة عسكرية دائمة للولايات المتحدة ومركزا للرد السريع على الأزمات في القارة الإفريقية. وأفادت صحيفة ”الباييس” في عددالأربعاء، وجود محادثات بين مدريدوواشنطن لتوقيع الطرفين، اليوم، اتفاقية تجعل قاعدة مورون دي لفرونتيرا العسكرية قاعدة لقوات ”أفريكوم”، ومصادقة البرلمان عليها ليكون التواجد العسكري الأمريكي دائما وليس رهينا بوجود رخصة يتم تجديدها كل سنة. ويذكر أنّ البعثة العسكرية الأمريكية استهلت بإرسال 500 جندي من البحرية الأمريكية وثماني طائرات عسكرية من طراز ”إم في - 22 أوسبري”، غداة الهجوم على القنصلية الأمريكية في مدينة بنغازي في سبتمبر 2012 ولدعم القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم) المتواجد مقرها في شتوتغارت الألمانية. وفي 7 مارس عام 2014 سمحت الحكومة الإسبانية بتمديد البعثة الأمريكية في (مورون) لمدة عام آخر مع السماح بزيادة عدد مشاة البحرية الأمريكية إلى 850 جنديا (1100 في حالات الازمات) و17 طائرة عسكرية. وعقب ذلك، طلبت واشنطن من إسبانيا في ديسمبر من العام نفسه جعل (مورون) قاعدة عسكرية دائمة للولايات المتحدة، وتكثيف الوجود العسكري فيها إلى 3500 جندي في حالات الأزمات، مع الحفاظ في الحالات العادية على نحو 900 جندي، ليأتي رد إسبانيا بالموافقة على التفاوض بذلك الشأن في 23 يناير الماضي. وأعلنت حينها نائب رئيس الوزراء الإسبانية، سوريا ساينث دي سانتاماريا، في مؤتمر صحافي، أن إسبانيا وافقت على بدء المفاوضات مع الولاياتالمتحدة بشأن تعزيز وجود قواتها بشكل دائم في (مورون). واعتبرت سانتاماريا أن ذلك يأتي للتصدي ”للإرهاب الجهادي” والأزمات الأمنية في المنطقة وتعزيز عمليات الرقابة والردع وتعزيز سرعة الاستجابة لضمان سلامة البلاد وسلامة الدول المجاورة، فضلا عن الحفاظ على الاستقرار وضمان الأمن وحماية مصالح الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (ناتو) في إفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط، وحماية المرافق والأفراد والمواطنين الأمريكيين في شمال إفريقيا وغربها. ويعتبر البنتاغون إفريقيا مرشحة لمزيد من التوتر نتيجة النزاعات الدينية التي تتخذ أشكالا إرهابية، وكذلك المواجهات بين الدول والانقلابات، ومنها منطقة المغرب العربي، الأمر الذي يتطلب منه تواجدا مكثفا بالقرب من القارة السمراء، خاصة في وقت تكتسب فيه هذه القارة أهمية قصوى للدول الكبرى بسبب مواردها الطبيعية الضخمة. ورغم أن الزيارة تتسم بطابع ثنائي، إلا أن الملاحظين يرونها سعيا من الولاياتالمتحدة لتوسيع رقعة قدمها في إفريقيا عموما وبلاد المغرب على وجه الخصوص. كما يرى الخبراء أنّ منح واشنطنتونس صفة الشريك الحليف خارج حلف الأطلسي خلال الزيارة الأخيرة للرّئيس التونسي الباجي قايد السبسي إلى البيت الأبيض، إنما هو حل للمآزق الأخلاقية التي تعاني منها الولاياتالمتحدة في دعم الديمقراطيات في منطقة الشرق الأوسط، كما أبدوا قلقهم من فرض أمريكا اشتراطات عسكرية كإقامة قواعد أمريكية على الأراضي التونسية تقربها أكثر من النفط اللّيبي.