قرر أمس رئيس محكمة الجنايات بمجلس قضاء العاصمة، مرة أخرى، تاجيل النظر في ملف ”سوناطراك 1” للدورة الجنائية القادمة لغياب 29 شاهدا من أصل 108 الموجودين في الجدول الخاص بهذه القضية، إلى جانب وفاة أحدهم حيث من المنتظر، حسب محامين على صلة بالملف، إصدار أوامر بالتوقيف في حق الشهود الذين رفضوا الرد بعد إرسال استدعاءات المحكمة ورفض القاضي طلب الإفراج المؤقت الذي تقدمت به هيئة دفاع المتهمين الموقوفين، على الرغم من تقديمهم كافة الضمانات القانونية، وذلك بعدما تطرق الدفاع إلى طول مدة الحبس المؤقت والتي قدرت ب5 سنوات ونصف السنة على خلاف ما ينص عليه القانون الذي حدده بمدة أقصاها 20 شهرا. وشهدت قاعة الجلسات المخصصة للنظر في الملف حضورا مكثفا لمختلف وسائل الإعلام لتغطية الحدث، وأطراف على صلة بقضية الحال أغلبهم شهود كانوا إطارات سابقة بالمجمع البترولي ”سوناطراك” والرئيس المدير العام الجديد للشركة السيد أمين معزوزي الذي تم تعيينه مؤخرا في إطار التغييرات التي شهدتها أهم المؤسسات الاقتصادية مباشرة عقب التعديل الحكومي الأخير، فيما عرف الدفاع غياب عدة محامين لتواجدهم بمحكمة الجنايات لمجلس قضاء البليدة للمرافعة في حق موكليهم المتابعين في ملف ”الخليفة بنك”. وانطلقت الجلسة بمناداة القاضي محمد رقاد على المتهمين ال19 في الملف بينهم سبعة موقوفون و12 غير موقوفين يتقدمهم ”محمد مزيان رضا”، الرئيس المدير العام السابق لشركة سوناطراك وابنه ”م.ب.ف”، والمدير العام السابق للقرض الشعبي الجزائري ”م. م” وابنه والمتهم ”ا.ب” وكل من الشركات: ”سايبام كونتراكتينغ ألجيري” الإيطالية و”كونتال ألجيريا” و”فونكوارك بليتاك” الألمانية ومجمع ”كونتال فونكوارك”. وبمناداته للشهود ال108 تبين غياب 29 منهم أحدهم متوفى، فاستفسر الأستاذ شايب صادق، محام متأسس في حق متهمين في قضية الحال، رئيس الجلسة إن ”كانت النيابة العامة قد سعت مثلما أكدتم عليه في جلسة ال15 مارس المنصرم إلى استصدار أوامر بإحضار الشهود الغائبين حتى ولو باستعمال القوة العمومية”، لترد النيابة العام بالقول إنها أرسلت استدعاءات لهؤلاء الشهود المعنيين وفقا لعناوينهم الموجودة بالملف القضائي. وأضاف النائب العام بأنه ”لا يمكننا معرفة تحول بعضهم من مقرات عملهم وإقاماتهم ما لم يطلعونا على ذلك، مشيرا إلى أنه ”إذا رأت المحكمة بأن الشهود الغائبين لهم أهمية فسنستدعيهم”. كما بدا من الوهلة الأولى الدفاع متمسكا باستبعاد تأسيس ممثل الخزينة العمومية كطرف مدني في الملف، ليقرر القاضي بعد المداولات تاجيل فتح الملف إلى غاية الدورة الجنائية القادمة، لغياب 29 شاهدا، أحدهم متوفى، عن مجريات المحاكمة، ليكون بذلك ثاني إرجاء لمعالجة القضية بعدما تم تأجيل فتحها في 15 مارس المنصرم للدورة الجنائية الحالية لانسحاب محامي هيئة الدفاع وتمسكها بإحضار ال38 شاهدا الغائبين. وطالب محامون آخرون باستبعاد تأسيس ممثل الخزينة العمومية كطرف مدني في الملف. ردود الدفاع حول قرار المحكمة بتأجيل النظر في الملف لاحظنا من خلال تقربنا من بعض المحامين المتأسسين في قضية الحال أن أغلبهم تفاجأوا لهذا التأجيل الثاني من نوعه ولم يكونوا يتوقعونه على الإطلاق، وذهب محامون إلى القول بأن قرار رئيس الجلسة هذا كان بإيعاز من أطراف في السلطة، فيما اعتبر البعض آخرون الإجراء قانونيا ولا غبار عليه. مقران آيت العربي: قرار التأجيل كان بإيعاز من أطراف في السلطة شدد المحامي مقران آيت العربي، دفاع المتهمين ”م. الهاشمي”، إطار مالي بالدولة، وابنه ”م. يزيد”، على أنه لم يتم استدعاء الشهود في الملف مثلما أكد عليه رئيس المحكمة في جلسة 15 مارس المنصرم، وذلك ولو باستعمال القوة العمومية إن اقتضى الأمر، واعتبر المحامي أن تأجيل القضية إلى الدورة الجنائية المقبلة كان بإيعاز من أطراف في السلطة لعدم تزامن سيرها مع ملف ”الخليفة”، لإلهاء الرأي العام ، مشيرا بذلك إلى أن التأجيل جاء بصفة تلقائية من رئيس الجلسة كون الدفاع لم يطالب به، وأن النيابة العامة لم تقم بدورها في استدعاء هؤلاء الشهود في الملف. بوشاشي مصطفى: ”التأجيل جاء في إطاره القانوني” ومن جهته اعتبر المحامي ”بوشاشي مصطفى” دفاع المتهم ”آ. جعفر”، أن هذا التأجيل جاء في إطاره القانوني، حيث أوضح أن الحبس الاحتياطي في قانون العقوبات من 16 إلى 20 شهرا، وموكله هو شاب دون سوابق قضائية موجود رهن الحبس المؤقت مدة 5 سنوات ونصف، وهو ما يطرح تساؤلات عن معنى قانون الإجراءات الجزائية والتطبيق القضائي، مشيرا بذلك إلى أن الحبس المؤقت يؤثر على الأحكام القضائية المستقبلية، وفيما يتعلق بقرار تأجيل القضية أكد أنه قانوني. وصرح بأن الشهود المتغيبين مهمين لدى بعض المحامين. هذا وقد اعتبر دفاع باقي المتهمين الموقوفين أنهم عوقبوا قبل محاكمتهم وقضوا أكثر من نصف العقوبة بالسجن.