تفاوت رأي الجمهور الذي تابع مسرحية ”بلا مخرج” للمخرج المصري الشاب أحمد فؤاد من فرقة ”صوفي للفنون الأدائية عرض من مصر”، فبين من أعجب بالعرض اعتبر البعض الآخر أن قوة النص طغت على أداء الممثلين ما جعلهم يظهرون بوجه باهت. مسرحية ”بلا مخرج” التي عرضت مساء أول أمس بالقاعة الكبرى بالمسرح الجهوي عبد المالك بوڤرموح ببجاية في إطار الطبعة السابعة من المهرجان الدولي للمسرح، اقتبس نصها من الفيلسوف العالمي جول بول سارتر الذي مهدت نصوصه لفترة لمسرح العبث. العمل المسرحي من بطولة محمد حفظي ونورا عصمت وداليا رمزي ومحمد مبروك، إعداد موسيقى محمد عبد الله وسينوغرافيا أبو بكر الشريف ومساعد إخراج نعمة نجيب ومروة حسن، ومخرج منفذ رحاب بدر ومصحح لغة حمدي التايه، والعرض مأخوذ عن نص ”الجلسة سرية” لجان بول سارتر ترجمة مجاهد عبد المنعم وإعداد وإخراج أحمد فؤاد. وتدور أحداث العرض حول 3 شخصيات محاصرة في غرفة مغلقة انتقلت إلى العالم الآخر، وهم على يقين أنهم في انتظار الجحيم، لكن الحوارات بينهم تكشف كل الخبايا الداخلية وما فعلوه من جرائم في حياتهم فيتحول وجودهم مع بعضهم البعض إلى عذاب حقيقي. ”بلا مخرج” حاصل على أفضل ممثل وجائزة لجنة التحكيم الخاصة لأفضل ممثلة في مهرجان الشباب المبدع في المركز الثقافي الفرنسي بالقاهرة، وشارك في المهرجان القومي للمسرح المصري. وأكد المخرج أحمد فؤاد أنه على نفس الفكرة الفلسفية التي كانت في نص ”جان بول سارتر” والمتمثلة في فكرة الانتظار التي جسدتها الشخصيات الثلاث، مفيدا أنهم لم يستندوا إلى مدرسة معينة أو نوع مسرحي معين وإنما العمل على النص كما هو دون تغيير. وأشار أحمد فؤاد إلى مستوى المسرح التجاري في مصر والذي تنتمي إليه الفرقة مقارنة بالمسرح القومي، وقال أن هناك تحسنا ونوعية من بعض الفرق المستقلة نظرا إلى الاجتهاد والإبداع الفني البارز في المسرحية، منوها في ذات السياق إلى أهمية الاحتكاك بين الجهتين حتى تكتمل المعارف وتتحسن المستويات. وفي النقاش الذي تلا العرض، اعتبر بعض المتابعين أن النص طغى على أداء الممثلين الذي اعتبروه باهتا بعض الشيء، في حين قال أحد المعقبين أن السينوغرافيا التي ميزتها الألوان الكثيرة لا تتقاطع مع النص العبثي. ”بلد بلا كلمات”... محاربة الألم مسرحية ”بلا كلمات” التي تروي قصة فنانة ذهبت إلى مدينة كابول الأفغانية حيث تصادف هناك حياة أخرى ومفاهيم مخالفة للقواعد الإنسانية التي كانت تزرع الخوف والاكتئاب، هي فعلا تجارب أثارت بداخلها مشاعر مجردة جعلتها مترددة عن مواصلة مسيرتها الفنية، وتجمدت أفكارها دون أن تتمكن من ترجمة ما حدث لها وما شاهدته وهي في مدينة ”كابول”. وقد قام بإخراج ”بلد بلا كلمات” التي كانت على شكل مونولوج، ”ليديا زيامك” وسينوغرافيا ”كلار شيرك”، والتي اختارها على شكل ورشة عمل مبعثرة بأشياء كثيرة من أدوات الرسامة، وذلك تعبيرا عن النفسية المتذبذبة بعد عودتها من رحلتها، إلى جانب وجود قارورات ماء والتي ترمز إلى الحياة، إلى جانب كثبان من الرمال الذي يدل على الأرض. في حين كانت تقنية الترجمة الإلكترونية للمسرحية باللغة الفرنسية همزة وصل بين الجمهور والممثلة، ما أدى إلى خلق حلقة تواصل بينهما وتفاعل مع كل حيثيات المسرحية، لتكون بذلك أول فرقة تعتمد على هذه التجربة التي جعلت الحضور تتعالى أصواتهم بتصفيقاتهم الطويلة ووقوفه لفترة لتحية الفرقة، معبرا عن استحسانه لهذه الورشة الجديدة الإبداعية بامتياز. صرحت المخرجة ”ليديا زيامك” في الندوة الصحفية التي عقدت بعد العرض، أن مسرحيتها موجهة للمواطن الألماني بالدرجة الأولى باعتباره عان من الأمر خلال سنوات الحرب العالمية الثانية، ما خلف آثارا نفسية وعقلية على المواطن الألماني، معتبرة أن مهنتها كممثلة أعطى لها الأحقية في الغوص في مثل هذه الأفكار وطرحها للجمهور برؤية إخراجية تلائم البعد الفكري للمشاهد وتقريبه أكثر إلى ما يحصل في العالم وتسليط الضوء إلى ما بين السطور.