من الغباء أن نعتقد أن العلاقات الجزائرية-الفرنسية تمر بأزمة، لمجرد أن وزير الخارجية رمطان لعمامرة استدعى الأربعاء السفير الفرنسي بالجزائر، احتجاجا على ما أسماه بالحملة المغرضة التي يشنها الإعلام الفرنسي على مسؤولين جزائريين من خلال تسريبات ”باناما بايبرز”، لأن فرنسا تدري جيدا أنه مهما عمل إعلامها على تلطيخ الجزائر أو مسؤوليها، فإن حبل ”الود” بين بلدينا لن ينقطع أبدا، بل زاد متانة في السنوات الأخيرة. ستتحجج فرنسا بحرية الصحافة وبحرية التعبير وأن الصحافة مستقلة، لكن لا يخفى على عاقل، أن كل هذه الحملة مهما كانت مصداقيتها ستصب في حقيبة الزيارة التي يقوم بها اليوم وزيرها الأول مانويل فالس، هي مجرد ضغط على الطرف الجزائري حتى تحقق الزيارة المزيد من المكاسب. وقد يكون هذا أحد أسباب ذكر اسم وزير الصناعة عبد السلام بوشوارب، لأنه من بيده حقيبة الاستثمارات وبالتالي سيرضخ لإملاءات الأطراف الفرنسية وينزل عند كل رغباتها، حتى نشر صورة الرئيس بوتفليقة تحت عنوان ”تورط رؤساء دول في باناما بايبرز” الأسبوع الماضي والذي احتجت بشأنه الجزائر، يدخل في هذا السياق، فلوموند لا تفتقر للمهنية إلى هذا الحد لتضع صورة دون أن يكون صاحبها مذكورا في الخبر، إن لم يكن من أجل الإبتزاز وإيهام الطرف الجزائري أن هناك معلومات عن الرئيس وأن باب المساومة مفتوح. ثم لماذا لم تذكر لوموند والتسريبات رؤساء من البلدان الغربية ومسؤولين أمريكيين، هل كلهم بهذه النزاهة؟ أم أن مغلوبتي يا جارتي، ولوموند مثل السلطات الفرنسية، تعتقد أن الجزائر ”حائطها واطي”، على حد المثل العربي وبإمكانها الدوس عليها، وهم متأكدون مسبقا أن المسؤولين الجزائريين لن يجرؤوا على معاداة فرنسا، ولأسباب كثيرة، لا يكفي المكان لسردها، ولذلك ففرنسا وإعلامها يتصرف بأريحية قبيل هذه الزيارة التي ما كان ليسمع بتعكير الأجواء قبيلها لو كان لديهم أدنى شك بأنها ستنغص على سيرها أو تعرقل تحقيق المكاسب المنتظر افتكاكها هذين اليومين، بل الزيارة مجرد تحصيل حاصل لا غير. اللوم ليس على لوموند ولا على الدبلوماسية الفرنسية التي تدري أن مصالحها في الجزائر بين أيد أمينة وهناك جزائريين وفي كل المؤسسات لا شغل لهم إلا رعاية المصالح الفرنسية، اللوم على مسؤولينا، فكم مرة أغرقت إكرامياتهم الصحافة الفرنسية، وملف لوفيغارو السنة الماضية الذي كسبت من ورائه الصحيفة ذهبا شاهد على ما أقول، خيرنا لغيرنا كان وما يزال كذلك، وكلها زوبعة في فنجان!