وقد زالت مخاوفي، في مقال أمس، حول تسريبات باناما بايبرز، بعد أن شملت هذه الأخيرة أسماء مسؤولين كبار من دول غربية، وتبين أن أمرها مختلف عما عرفناه مع تسريبات ويكيليكس. لا أدري بماذا سيرد عمار سعداني على تورط مسؤولين جزائريين في هذه الفضيحة العالمية، ومنهم شكيب خليل، هل سينسب التحقيق فيها أيضا إلى المخابرات ويتهمها بفبركة التهم؟! ثم كم زاوية سيكونون في حاجة إليها لتبييض المتورطين الذين تبدو قائمتهم طويلة. وهو السبب الحقيقي وراء الاحتجاج الرسمي الذي رفعته الجزائر، أمس، إلى فرنسا. فالخوف هو على الأسماء التي لم يكشف عنها بعد وقد تكون أسماء أثقل من شكيب خليل ومن رضا همش وفريد بجاوي، فهذه أسماء تعود عليها الجزائريون في تورطها في قضايا فساد دولية وهم مطلوبون من قبل العدالة الإيطالية. الخوف إذاً على ما لم يكشف عنه. والاحتجاج الرسمي هو محاولة لإبعاد أسماء بعينها من التسريبات في الصحف. ولكن إذا امتنعت صحيفة لوموند مثلا تحت أوامر الحكومة الفرنسية وهو أمر مستبعد، فكيف سيتم إسكات 108 صحيفة أخرى موزعة على 70 دولة؟ هل ستتخلى الخارجية الجزائرية عن كل مشاغلها وهي كثيرة في هذا الوضع المتأزم في الساحل، وتتفرغ لمتابعة التسريبات للرد عليها ورفع برقيات احتجاج؟! هذه المرة ليست المخابرات الجزائرية التي تقف وراء الفضيحة، ولن يقول عمار سعداني ولا جمال ولد عباس ولا غول إن ”توفيق” هو من فبرك لهم الملفات. ولن تكفي التكذيبات عبر وكالة الأنباء والتلفزيونات، لتبييض صحائف المتورطين. ولا حتى الزوايا بمشعوذيها قادرة على الوقوف في وجه طوفان التسريبات. لا أدري كيف سيكون تأثير هذه الفضيحة على زيارة الوزير الأول الفرنسي مانويل فالس، الأسبوع المقبل، بعد الغضب الذي أبدته الجزائر حيال ما جاء في ”لوموند” الفرنسية خاصة. فهل سيلتقي بوزير الصناعة الغاضب من تلطيخ اسمه بهذه الفضيحة؟! هذ امتحان آخر أمام عدالة الطيب لوح. فهل سيأمر النائب العام لدى مجلس الجزائر بفتح تحقيق في حقيقة التسريبات، أم سيكون مصيرها مصير القضايا الأخرى، تخمد نارها في مهدها، ولا يبقى منها إلا الرماد؟! الخوف أن تدفع التسريبات بالجزائريين إلى شارع الغضب، ويحدث ما لا تحمد عقباه - لا قدر الله - خاصة وأن مسيرة الأساتذة المتعاقدين ما زالت متواصلة وتقترب من مشارف العاصمة رغم قمعها من طرف الأمن.