يقول المثل الشعبي ”الصادق يغلب السابق”، فمن قال إن الاحترافية تتطلب سنوات للظفر بها؟ باعتبار أن شخصيات معنوية لم يتجاوز وجودها أصابع اليد الواحدة فرضت وجودها للسواد الأعظم، ليس من منطلق أنها عنوان يضيف زحمة في الأكشاك، ولكن بصفتها مادة إعلامية دسمة أثارت الذوق الذي كان الجزائريون متعطشين له. تعرف الساحة الإعلامية تغيرات في مختلف الأصعدة، ومن بينها بروز عناوين مطبوعات وإطلاق قنوات تلفزيونية خاصة تعنى بالفن المطبخي، هذا الأخير الذي كان لا يتجاوز صفحة أواثنتين في الجرائد اليومية شهر رمضان أوبعض من المناسبات الدينية خاصة. أما برامج الطبخ عبر التلفزيون فكانت محتشمة جدا، لتأخذ القنوات التلفزيونية الخاصة التي تعتبر حديثة العهد بمجتمعنا الجزائري مسارا أحاديا بتركيزها على البرامج السياسية الحوارية والرياضية في ذات الأسلوب. من جهتها انبثقت في عز الاهتمامات التي افترض القانون الاعلامي أنها الأجدر للترويج الصحفي، قنوات إعلامية موضوعاتية متعلقة بجزء من الإعلام السياحي، وهو فن المطبخ. وحسب تصريحات عدد من النسوة ل”الفجر”، فإنها أصبحت واحدة من المستلزمات التي يوفرن من أجلها المال لشرائها مع كل عدد جديد، حيث قالت فريدة، 35 سنة، أنها تملك حبا عجيبا تجاه المطبخ، وتهتم كثيرا بالأكل التقليدي والعصري، لتطور اهتمامها بالتكوين في فن الطبخ في عدة مركز التكوين المهني والتمهين التابع للبلدية المقيمة فيها، إضافة إلى تحصلها على عدة شهادة كفاءة في هذا المجال، مضيفة أن المجلات الخاصة بالطبخ أساس في تنويع الأفكار وتطوير الوصفات التي كانت معقدة نوعا ما وتتطلب زمنا طويلا في إعداد الطبخة. والجدير بالذكر أن التقنيات والحيل الذكية المقترحة في التدابير المنزلية، والتي قد تبدو هينة في البداية، لكنها تساعد المرأة في مطبخها بدرجة كبيرة، كطرق حفظ الطعام المتبقي والوصفات المعدة من بقايا خضار الثلاجة. ومن بين العناوين التي تعتمد عليها فريدة كمرجعية لتنمية موهبتها في الطبخ، مجلة ”مايدة” التي اعتبرتها ”مبهرة” فعلا، فهي شاملة وعرفت كيف تسوق مطبخ جميع الأجناس، فالوصفات الأجنبية المقدمة تراعي في مقاديرها ما هو متوفر في سوق الخضر والفواكه بالجزائر، في حين أشادت ب”الفجر” لما عرضته من وصفات في إطار شهر رمضان الفارط، فهي شهية المذاق واقتصادية بعد عديد الوصفات التي قامت بتحضيرها استنادا لها. ”دزيريات” كل صبع بصنعة.. مع ”مايدة” أصيلة جابت التنوع الحضاري أكثر ما يميز القنوات الإعلامية المكتوبة وكذا السمعية البصرية، مراعاتها لإبراز ”التنوع” في هذا المجال وترويجه باللغات التي يعتمد عليها الجزائريون مصدرا للمعلومة، بل واعتبرتهما ركيزتين في عملها، وهو الأمر الذي شد اليها الانتباه من قبل المواطن الجزائري، الذي حقق لقناة ”سميرة تي في” نسبة عالية من المشاهدة منذ بداية انطلاقها مقارنة بقنوات سبقتها في البث بكثير، حيث أن برامجها تنطق بجميع لهجات المجتمع الجزائري دون استثناء، إضافة إلى نفاد مجلتي ”دزيريات” و”مايدة” باللغتين العربية والفرنسية في الأكشاك، بتأكيد من عدد من أصحاب المحلات. صرح أحد الناشطين بمجلة ”مايدة” ل”الفجر” أن الأجانب في الجزائر يبحثون بشغف عن معرفة هوية المجتمع المغاربي الجزائري، والمطبخ مجال واسع وصورة عن نمط تفكير أهله، مضيفا أن فكرة إنشاء المجلة جاءت للمساهمة في تقديم صورة عن الجزائر تليق بمقام بلد يتوفر على كل الامتيازات ليستقطب الأجانب للاستقرار في إطار العمل أو الزيارات السياحية، كما أنها مساهمة لدحض الصورة الذهنية التي تشكلت عن بلدنا بعد سنوات ضللت الإنسان الجزائري عن وطنه قبل الأجنبي، لينبهر هؤلاء بالتنوع الثقافي الذي نملكه من خلال مجلتنا، بعد عديد الحوارات التي أجريناها مع سفراء بالجزائر على سبيل المثال حول مطبخ بلدانهم، فنحن - يضيف ذات المتحدث - نهتم كثيرا بجمالية الشكل وعمق المضمون، ونوفر لطاقم العمل ظروف عمل مريحة بعد أن يتم اختيارهم بعناية، حتى نضمن عملا متقنا بلمسة ابداع مع كل عدد نصدره. كما أن المجلة تمرر رسالة ضمنية للشباب بهدف الاستثمار في عالم المطبخ الذي أكد المنخرطون فيه أنه مشروع مربح ومتميز الآفاق.