أن يغضب المصريون من جزائري ناصر الكاميرون ضد فريقهم فهذا أمر عادي جدا، مع أنه خطأ بمفهوم الروح الرياضية والحريات الفردية، عادي لأن الغضب جاء في سياق الخيبة والحسرة. فلو فازوا بالكأس لضاعت صورة ذاك الشاب الجزائري وهو يحتفل بعلم بلاده بهدف كاميروني، في زحمة الأفراح بالتتويج. لكن ولأن مصر خسرت تحولت الأنظار إلى تلك الصورة كأنما لها دور كبير في الخسارة. وتحولت الجزائر إلى مفرغة لشحنة غضبهم وخيبتهم. فشتموا وتنافخوا فخرا بالماضي الفرعوني المجيد والحاضر الذي وضعهم كقاطرة للعروبة… هم هكذا المصريون عموما. الذي لم يكن منتظرا سلوك عدد كبير من الجزائريين اعتبروا ما فعله الشاب جريمة أو كفرا لأنه اختار مناصرة فريق إفريقي غير عربي.. بمعنى آخر فريق بلد يختلف عنا في البشرة واللغة والدين. وملأت صفحات كثير من الجزائريين على موقع فيسبوك خصوصا صور الشاب، ولامه كثيرون لأنه يحمل العلم وكان عليه أن يناصر الكاميرون دون “توريط” الجزائريين بحمل علم البلاد، كما لو أن العلم علمهم يحمله من شاءوا ويحرم من حمله من شاءوا وفي المناسبة التي يشاءون. ففي مدرجات مصر يوجد علم الجزائر ولا أحد تكلم. ووجد في مدرجات البارصا والريال ومرسيليا وليون وباريس سان جيرمان، حيث يعبر الجزائريون عموما عن فرحتهم الرياضية برفع علم بلدهم الذي يظهرهم ويميزهم. هؤلاء عادة غير مشحونين بثقافة الحلقات والأفكار القومية وفئوية العنصرية.. هم شباب يفرحون وكفى. فكرة القدم والرياضة عموما ترفض المشاحنات المذهبية والفئوية والطائفية والدينية والعرقية و.. و.. و.. يمكن أن تجد يهودا ومسيحيين ومسلمين سنة ومسلمين شيعة وبوذيين وأشخاصا لا يعتنقون أي دين أو مذهب يلعبون في ناد واحد، يمررون الكرة بعضهم لبعض كي يحققوا فوزا مشتركا على فريق من نوع آخر ربما يتشكل لاعبيه من الانتماءات نفسها.. الذي لا يفهم هذه الرسالة يخطئ حين يحاول الاهتمام بالكرة. له فقط أن يهتم بالعصبيات والمشاحنات والحروب.