لم تتوقف القنوات الفضائية المصرية عن السب والشتم منذ فوز الخضر على الفراعنة في أرض السودان،هذا ما لم تتحمله هذه الأخيرة وما جعلها تطلق تصريحاتها النارية وقصصها المزيفة على المباشر رافضة أن تصبح في يوم من الأيام عجوز الدنيا. لقد أحدث فوز منتخبنا الوطني الجزائري مقابل نظيره المصري في 18 نوفمبر المنصرم هزة إعلامية لم يعرف حتى الآن لما حدثت، فالمسألة ليست حربا اندلعت بين دولتين، وإنما هي مجرد لعبة كرة أو بالأحرى جلد منفوخ ينط هنا وهناك خلقت كل هذا الانشقاق والتفرق، ولكن يجدر القول أن الإعلام كان له دور كبير في تضخيم الأمور وتزييف الحقائق، فالمصريون لم يرضوا أبدا بالهزيمة وللتستر عليها ابتدعوا كل الوسائل، وألفوا دراما مضحكة ولا منطقية. فضائيات تحكم على نفسها بالسخرية مباشرة بعد فوز الجزائر مقابل مصر بهدف مقابل لاشيء، لم تنفك القنوات الفضائية المصرية عن تصريحاتها المسيئة للجزائر شعبا ودولة، وكذا تهجماتها الهمجية ونعتها للجزائريين ودولتهم بأقبح المواصفات، وكأنها تخرج حقدا دفينا كان ينمو منذ زمن لتفرغه في أول فرصة سنحت لها سواء كانت مناسبة أو لم تكن وعبر رد الفعل هذا عن الكراهية التي يحملها المصريون للجزائر. فضائيات كاذبة تقوم بتمثيل دور الضحية من أجل تغطية خسارتها على أرض السودان ومن أجل تنغيص فرحة الجزائريين التي لم تصل إليها ولم تحققها أبدا لأن هؤلاء احتفلوا بأجمل عرس كروي اهتزت له الأوساط الرياضية، هذه الفضائيات التي يقودها إعلاميون يزرعون الفتنة والكراهية ويزيّفون الحقائق ويصنعون أزمة أخرى في العالم العربي. ورغم كل الضجيج والجلبة التي أحدثها الإعلام الفرعوني، تحوّل هذا الأخير إلى مهرّج يقوم بدوره الهزلي لإضحاك وترفيه الجزائريين،فالمنشطون قاموا بالدور على أحسن وجه، وجعلوا أنفسهم ووطنهم أضحوكة بعد كل السيناريوهات المفبركة التي تزيد من تفاهتهم وسخفهم. لقد اتّحدت "المحور"، "دريم" و"الحياة" وغيرها من الفضائيات الفرعونية الأخرى من أجل شن هجومها وحملتها ضد الجزائر، حملة كان أبطالها مذيعون كبار تفننوا في السب والشتم حتى وصل بهم الأمر إلى سب شهدائنا الأبرار الذين حرّروا وطننا ودفعوا خلال الحرب التحريرية النفس والنفيس وراح مليون ونصف مليون شهيد فداء لأرضنا الطيبة، ناهيك عن سبهم لسلطاتنا الجزائرية على المباشر ودون احتساب إلى أنها ليست حربا. ولكن وان كانت هذه الفضائيات تعرض كل هذه التهجمات والتصريحات الساخنة قد أثارت غضب الجزائريين في بادئ الأمر إلا أنها سرعان ما تحولت إلى برامج مضحكة خاصة عندما أدخلت بها حبال سياسية، والأكثر من ذلك وصل بهم الحد إلى عرض تمثيليات مختلفة عبر الهاتف مثل تمثيلية "مروى" التي اتصلت بشوبير من خلال حصته وروت له قصة لا تحدث إلا في أفلام الأكشن، ولكنه سرعان ما اكتشف كذبها بعدما عجزت عن الإجابة عن أسئلته وكذا التناقض في الأحداث التي روتها وأصيب بدوره بالإحراج على المباشر. تحدثنا إلى" كريم" موظف بالبنك فأخبرنا بأنه كان يطالع الأخبار أولا بأول سواء عن طريق الصحف الوطنية الجزائرية أو على الفضائيات ففي البداية كان يشعر بالغضب كلما رأى أو شاهد ردود المصريين على قنواتهم التي منحتهم كل الحرية لذلك، ولكنه سرعان ما تعود عليهم بل وأصبحوا يضحكونه، ويسخر من كل واحد منهم، وجعلهم حصة ترفيهية يشاهدها بشكل يومي كلما خرج من العمل، وكثيرا ما تضحكه الأكاذيب الواضحة الملفقة. ذات الرأي لمسناه عند"كريمة" محامية معتمدة لدى الدولة فقد أكدت بأن الجزائر فازت عن استحقاق ولكن المصريين يرفضون فكرة أن تقصيهم هذه الأخيرة في أهم محطة من اجل التأهل إلى المونديال ، وكل ما تقوم به الفضائيات المصرية، وكل ما يحاول الإعلام الفرعوني إثباته من خلال تزييفه للحقائق وعرض سيناريوهات درامية وكأنهم بصدد التحضير لمهرجان سينمائي ولكن هذا ما هو إلا ضلال هم وحدهم الذين سيتجرعون نتائجه، وتصنيف كريمة أن مصر حققت انتصارا آخر للجزائر على المستوى الجماهيري، بينما فقدت هي هبتها ووقارها اللذان صنعا لها اسم "أم الدنيا" ولكنها سرعان ما تهاوت. المغرب العربي يواجه مصر بعد كل الذي جرى بين دولتي الجزائر ومصر، كانت هناك فرصة أخرى لتلاحم المغرب العربي الذي وقف جنبا إلى جنب مع الجزائر في هذه الأزمة وكانت الفرصة أكبر في عرض هذا الاتحاد من خلال قناة"نسمة" التي عبرت مباشرة عن أفكارها ولم تستعمل سياسة اللف والدوران وعرضت كل أوراقها في حصة " ناس نسمة "التي خصصت حلقة خاصة لمناصرة الخضر الجزائريين، فاحتضنت بعض الرياضيين، الفنانين وكذلك الصحفيين وحققوا بذلك التلاحم والتضامن من خلال فرحتهم بفوز الجزائر، كما لم يفوتوا الفرصة في الرد على الهجمات الفرعونية، وبذلك وقفت الشقيقات إلى جانب شقيقتهم التي لطالما اعتبرتها مصر دولة لا مكانة لها بحيث نعتتها بالأمازيغ وكأنها تسب بذلك "طارق بن زياد" وغيره من الأبطال الأمازيغ الذين فعلوا ما لم يستطع فعله العرب وكذلك المسلمون. هذا وقد لاقت الجزائر مواقف دول عربية وأخرى غربية ايجابية، فلم يكن أحد يتوقع مثل هذا القدر الذي تحصلت عليه الجزائر.من باب الصدفة ولحسن حظنا تحدثنا إلى "سمير" 28 سنة تاجر مغربي يعيش بالجزائر والذي أعرب لنا عن سعادته الكبيرة لفوز المنتخب الوطني الجزائري والذي قهر بذلك الفراعنة وكسّر أنوفهم المتعالية، وأضاف سمير أن المغرب والجزائر بلدان شقيقان رغم كل الظروف، وكان هذا الهجوم الذي تعرّضت له الجزائر فرصة لتلاحم بلدان المغرب العربي، وتعبيرها عن استعدادها لمساعدة بعضها البعض. نخبة المثقفين توصم نفسها بعار لن يمحى أبدا هذا وقد تطاولت مجموعة من المحامين المصريين الذين يمثلون نقابة المحامين المصريين على الجزائر وذلك عند قيامها بحرق العلم الجزائري في الشوارع وأمام السفارة الجزائرية بمصر أثناء احتجاجهم على أحداث السودان، وقد استاء سفير الجزائر في القاهرة وممثلها الدائم لدى الجامعة العربية عبد القادر حجار من أفعال هذه الشريحة التي تمثل النخبة المثقفة والتي سمحت لنفسها بالتدني والقيام بأعمال وأفعال غاب عنها صوت الحكمة، هذه الأفعال التي لا تشرّف أصحاب هذه المهنة، كما استاء ذات المسؤول من الضرب الهمجي الذي تعرض له شباب جزائريون من قبل آخرين مصريين. فمن بين هذه النخبة المثقفة التي قامت بمثل هذه الأفعال الشنيعة والمسيئة نتساءل عن المفكرين الحقيقيين أين هي النخبة المثقفة الحقيقية ؟ حتى تكون حكما عادلا ولتتحدث بضمير ولتفصل المصلحات الشخصية لتحل المصلحة العامة لجميع الدول العربية. الفنانون المصريون يتطاولون على الجزائر ويقاطعونها، فمرحبا بالمقاطعة أما الفنانون فحدث ولا حرج فقد شنوا حملة مسعورة لم تتوقف بمجرد أن فاز فريقنا الوطني وكأنه ليس من حقنا أن نفوز، وكأننا لسنا شعب يستحق أن يكرم، وكأن أم الدنيا رفضت أن تصبح جدة ورفضت أن تموت يوما ولكنها بما قامت به أصبحت تحت الدنيا وتحت كل القيم والضمائر الحية. وانهال فنانو أم الدنيا الذين تمتلكهم النرجسية وأرهقتهم عقدة التعالي وتناسوا مراكزهم وراحوا يتفننون في سب وشتم الجزائريين فكيف يمكن أن نتصور أن "الهام شاهين" تصف الجزائريين بالأقزام تلك التي كنا نتابع أفلامها ومسلسلاتها ،وتسارع قناتنا الوطنية إلى بثها وأكملت هذه الغريبة عن عاداتها العربية والإسلامية سبها في أن الجزائر لا يمكن أن تكون أبدا في مرتبة متساوية مع مصر وكأنها تتحدث عن الفرق بين الولاياتالمتحدة وإثيوبيا، وتناست أننا بلدان لا أحد أفضل من الآخر باعتبارنا بلدان من العالم الثالث، برّرت هذه الأخيرة رأيها بأنه لا وجود لنا في المحافل الدولية وتناست الفيلم الجزائري الذي فاق كل الأعمال السينمائية الأخرى وهو "مسخرة" لمرزاق علواش. أما عادل إمام فقد نسي الأموال التي دفعتها الجزائر له مقابل عرض مسرحية "بودي قارد"، وراح يسب ويشتم ويصف المناصرين الجزائريين بخريجي السجون، ويمن بمساعدة مصر للجزائر إبان حرب التحرير متجاهلا مساعدة الجزائر لهم في حرب 1967 وحرب1973 وشيك بومدين على بياض. ومن جهتهم رحب الفنانون الجزائريون بالمقاطعة الفنية المصرية، وأكدوا في مجملهم بأن الفن المصري لا يعتبر كل شيء في العالم العربي كما أنهم لا يرغبون في التواصل مع من يعتبرون أنفسهم محور العالم، ورحب هؤلاء بالمقاطعة الفنية التي أعلنها الفنانون المصريون في اليوم الموالي من فوز أشبال سعدان على كهول شحاتة، وأقيمت الدنيا وأقعدت ولم يتوقف الفنانون عن السب والشتم يترأسهم في ذلك نقيب الفنانين أحمد زكي. يقول "مصطفى" إطار بإحدى المؤسسات الخاصة بأنه سعيد بالمقاطعة الفنية بين الجزائر ومصر، وأكد انه لطالما أرادها لأنه لا يؤمن بالفن المصري الذي يتجاوز الحدود والذي لا يعبر أبدا عن الفن النبيل بل هو مجرد فن قليل الأدب خاصة في السينما من خلال الأفلام البذيئة التي يعرضها على كل القنوات الفضائية والتي لا يمكن مشاركتها مع الأهل. وأعربت"سميرة" سكرتيرة عن استيائها لما حصل من المصريين الذين لطالما أحيتهم ولكنها أكدت أنها انقلبت بمجرد ما فعلوه ضد الجزائر كما رحبت بالقاطعة الفنية فهي لا تعتبرهم فنانين بل مجرد فضائيات تزرع الفتنة ولا تركز على الفن بل على الإغراء في مجمل أفلامها خاصة السينمائية التي لا يمكن مشاركتها مع الأهل نظرا لما تحويه من مشاهد ساقطة تقوم بها نساء لا حياء لهن والمصيبة الكبيرة أن هؤلاء الفنانين مسلمون. الشارع الجزائري لا يأبه بالمصريينبعد هذه الحوصلة التي قمنا بها كانت لنا بعض الآراء للجزائريين الذين أفقدتهم الفرحة صوابهم، فأكد لنا "حسين" بائع بان الجزائر لا تأبه بالمصريين بل استغلت كل دقيقة من اجل الاستمتاع بالاحتفال الذي صنعه الخضر في 18 نوفمبر المنصرم والذي كان ممر عبور إلى المونديال الذي تنتظره الجزائر منذ أكثر من عشرين سنة. ونفس الفرحة لمسناها عند "الزهرة" التي قالت بان هذا الانتصار الكروي كان هدية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة وأضافت بان العلم الجزائري رفع يوم الاستقلال ولكنه رفع مرة ثانية وكأنه يوم استقلال آخر تعيشه الجزائر،ومهما فعل المصريون فإنهم لن يشعروا بما شعر به الجزائريون لأنهم فعلا أذوا هؤلاء واستمروا في الأكاذيب وألاعيب من خلال أعلامهم الذي ضخم المشكلة وزاد من حدة التوتر بين البلدين. لقد استعمل المصريون كل أنواع الحيل والألاعيب وكذلك الأكاذيب من خلال فبركة سيناريوهات لا يمكن أن يصدقها أحد سوى هم، ولكن الجزائر من رئيسها إلى أصغر شخص فيها لم ترد على الهجمات الفرعونية بل فضّلت الاستمتاع بعيد الفوز الذي حققه أشبال سعدان، وما زاد من فرحتها هو استقبال عيد الأضحى المبارك الذي كان أول أمس متجاهلين الحملات الفرعونية المسعورة.