لحد كتابة هذه الأسطر لم يعرض بعد فيلم ”أغسطينوس ابن دموعها” للمخرج المصري سمير سيف وهو إنتاج مشترك تونسي جزائري، وأدى دوري البطولة فيه أحمد بن سعد عائشة بن أحمد، وكان عرضه الأول على هامش أيام قرطاج السينمائية نهاية شهر أكتوبر الماضي، ثم عرض بعدها في مهرجان ”أيام صفاقس السينمائية”. تطرح الكثير من الأسئلة عن تأخر عرض فيلم ”أغسطينوس ابن دموعها” في الجزائر رغم مرور خمسة أشهر عن عرضه الأول في تونس، وما يزيد من الغموض حول هذا الفيلم هو كلام وزير الثقافة عز الدين ميهوبي الذي قال في تصريح سابق أن الفيلم سيعرض في أوبيرا الجزائر شهر جانفي، ولكن مر جانفي وفيفري والفيلم غير متاح بعد أمام الجمهور الجزائري، فما هو السبب وراء هذا التأخير في عرض الفيلم، وهل يتعلق الأمر بأمور إنتاجية أم أشياء تتعلق بمحتوى الفيلم، خصوصا وأن بعض المصادر تتحدث بأن الجزائر غير راضية عن الفيلم لأن الجزائر لم تظهر بالصورة التي كان ينتظرها المنتج الجزائري، ما يعزز الكلام حول مطالبة الجانب الجزائري من الشريط التونسي إعادة التركيب، وهو الأمر الذي أخر عرض الفيلم في الجزائر. ”أغسطينوس ابن دموعها” شارك فيه من الجزائر الممثل عماد بن شني والفنانة بهية راشدي، التي أثارت الجدل بسبب ما حدث لها على هامش عرض الفيلم في مهرجان قرطاج الدولي للسينما، وما صاحب تلك الحادثة تطورات وصلت لحد دخل وزير الشؤون الثقافية التونسي من أجل الاعتذار لبهية راشدي التي تحدثت عن تهميشها من طرق منظمي المهرجان. عدم عرض الفيلم لحد الآن يجعلنا نتوجه بالسؤال إلى المركز الجزائري لتطوير السينما، وهو الشريك المنتج من الجزائر، حيث لم يكلف المسؤولون في المركز أنفسهم عناء توضيح تأجيل عرض الفيلم ويلتزمون الصمت رغم أنهم طرف في الإنتاج. ويتناول الفيلم ومدته 120 دقيقة قصة مخرج جزائري يعمل في قناة تلفزيونية كُلف بتصوير فيلم وثائقي عن حياة الفيلسوف أوغسطينوس منذ ولادته في الجزائر ثم تابع رحلته إلى قرطاج وروما وميلانو. وقدم سمير سيف العرض الأول لفيلمه وهو من تأليف عماد دبّور وسامي سامح وإنتاج مشترك بين تونسوالجزائر، ويشارك في بطولته عدد من الممثلين التونسيينوالجزائريين مثل أحمد أمين بن سعد وعائشة بن أحمد وخالد هويسة وعلي بنور ويوسف مارس وغيرهم، وتؤدي أغنية شارة الفيلم الفنانة اللبنانية ماجدة الرومي. ويرصد الفيلم مراحل حياة القديس الروماني ”أغسطينوس” المتمثلة في فترات الطفولة والشباب وصولا إلى مرحلة بلوغ الشخصية سن الخامسة والثلاثين، حيث ولد في الجزائر وتابع دراسته في تونس، لتمتد بعدها بعض المشاهد إلى عملية إعادة افتتاح كاتدرائية ”أغسطينوس” في مدينة عنابة، ويشير عنوان الفيلم ”أغسطينوس ابن دموعها” إلى معاناة أم ”أغسطينوس” التي بقيت تذرف الدموع على امتداد عشرين سنة وتتضرّع الى الله علّه يبعد ابنها عن ”المانوية” ويعيده إلى ديانته الأولى المسيحية. وولد القديس أوغستين في 13 نوفمبر 354 م في سوق أهراس وتوفي 28 أوت 430 م في عنابة وتأثر أوغستين بكثير من التيارات الفكرية في عصره وكتب عن تجربته في مؤلفه ”الاعترافات”، ويعتبر القديس من أهم وأقوى الشخصيات التي كان لها تأثير في تاريخ الكنيسة. يقول مخرج الفيلم سمير سيف أنه يعتبر الفيلم علامة فارقة في مسيرته المهنية، لا فقط لأنه تطرق إلى حياة شخصية هامة بل كذلك لأنه جمع فريق عمل من بلدين شقيقين هما تونسوالجزائر. للإشارة، سمير سيف مخرج مصري، من مواليد 23 أكتوبر 1947 في القاهرة، تخرج من المعهد العالي للسينما قسم إخراج عام 1969 بتقدير امتياز، عمل بعد تخرجه في النقد السينمائي، كما عمل مساعداً لعدد من المخرجين الكبار في عصره، مثل شادي عبد السلام، يوسف شاهين، حسن الإمام وغيرهم، أخرج أول أفلامه ”دائرة الانتقام” عام 1976، بعدها توالت أفلامه، والتي تميزت بغلبة الجانب التجاري على الفني وإن كانت تجمع بين الرضا النقدي والجماهيري، مثل”المشبوه” 1981، ”احترس من الخط” 1984، ”النمر والأنثى” 1987، ”شمس الزناتي” 1990، ”سوق المتعة” 2000 ، ”معالي الوزير” 2002 وغيرها.