عقّد ناخبون جزائريون من مهمة السلطة التي استخدمت عديد الأساليب في إقناعهم بضرورة المشاركة في تشريعيات الرابع من ماي، من خلال مشاركتهم عبر أصوات ملغاة عبروا من خلالها عن واقعهم من جهة، كان بطلها أكياس حليب وكلمات ”منسوطيش”، ألعاب ورقية وصور مختلفة نقلت المعاناة الاجتماعية للجزائريين، وهو ما يعكس رفضهم للساسة والسياسة من جهة أخرى. رغم تحفظ وزير الداخلية والجماعات المحلية نور الدين بدوي خلال عرضه نتائج تشريعيات 2017 عن ذكر عدد الأصوات الملغاة، إلا أن الصور الملتقطة عقب عملية الفرز التي تمت أمس وتناقلتها وسائل إعلام ومختلف وسائط التواصل كشفت عن وجود عدد معتبر من الأوراق الملغاة. استجاب الناخبون الجزائريون يوم الرابع من ماي لنداء السلطة والأحزاب السياسية التي دعت إلى ضرورة المشاركة في الانتخابات بعد أن استعملت العديد من الأوراق في مقدمتها الحملة الإشهارية التي أطلقتها من خلال عبارة ”سمع صوتك” والوضع الأمني وأهمية الحفاظ على وحدة واستقرار الوطن، ورغم أن نتيجة التصويت المتدنية والتي بلغت نسبة 38 بالمئة إلا أن عدد معتبر من الجزائريين قصدوا مراكز الاقتراع للمشاركة على طريقتهم الخاصة. كيس حليب و”مانسوطيش” ووصفات طبية داخل أظرفة التصويت وشهدت عملية فرز أصوات الناخبين عبر مختلف مراكز التصويت، العثور على صور ومنشورات غريبة وجدت داخل الأظرف، وعبر كل ناخب بطريقته الخاصة، فالبعض كتب قصاصات ووضعها داخل الأظرفة، يطلب فيها الحصول على سكن، ولجأ البعض الآخر إلى وضع صور للمشاهير بدل اختيار المرشحين، فيما عبر ناخبون عن وضعيتهم الاجتماعية المتدنية بفعل إجراءات التقشف المفروضة من طرف الحكومة، حيث أخرج المشرفون على عملية الفرز كيس حليب من داخل ظرف التصويت في رسالة واضحة إلى الأزمة التي يتخبط فيها الجزائريون على خلفية الندرة التي عرفتها عملية تزويد المواطنين وكذا الجرائم التي هزت المجتمع الجزائري بسبب كيس الحليب على غرار ما وقع مؤخرا في ولاية سطيف. هذا واستلهم العديد من الناخبين عبارات مستقاة من فيديوهات أطلقها ممثلون ناشطون على الشبكة العنكبوتية على غرار ”نجم البودكاست” شمس الدين العمراني، المعروف ”بشمسو” ”دي زاد جوكر”، الذي قدم في ”مانسوطيش” الجزائر العميقة بكل تناقضاتها في تشريح للعديد من القضايا: الحرڤة، مستوى التعليم في الجزائر، مشكل السكن، الألعاب الأولمبية، البطالة، منحة المتقاعدين وصولا لإضراب الصيادلة والفنانين، إلى جانب فيديو ”الرسالة” للفنان أنس تينا والذي حصد قرابة مليون مشاهدة، فتفنن الجزائريون في كتابة عبارات مستوحاة من تلك الفيديوهات على غرار ” مانسوطيش” ”1.2.3” فيفيا لالجيري و”لن أصوت على السراقين”، فيما لجأ آخرون إلى وضع وصفات طبية والألعاب الورقية. هذا ولم يتوقف إبداع الجزائريين عند هذا الحد، بل كان لخطاب الوزير الأول عبد المالك سلال الأخير خلال تجمعه النسوي الصدى القوي أين دعا فيه النساء إلى التدخل بقوة والتأثير على أزواجهن، ودفعهم إلى المشاركة في الانتخابات، حيث وضع مترشحون صور كاريكاتورية وضعت فيها صورة المشرفة على حفل التجمع النسوي ”سامية” وصور أخرى لزوجات يضربن أزواجهن. جزائريون ”سمّعوا صوتهم” خوفا من العراقيل الإدارية بالمقابل، فضل ناخبون التصويت عبر الورقة البيضاء التي مثلت نسبة كبيرة في ظاهرة تعكس تخوف الجزائريين من مقاطعتهم لهذا الموعد الانتخابي لعدة اعتبارات سواء كان من منطلق عدم قناعتهم بالمترشحين أو المشاركة حفاظا على استقرار الوطن، إلا أن الأغرب من ذلك هو رغبة العديد من الناخبين الهروب من العراقيل الإدارية خاصة الشباب الذين ينتظرون الحصول على سكنهم أو من وضعوا ملفات إدارية، ورغم تطمينات العديد من المسؤولين، إلا أن الخطابات التي أطلقها البعض بشأن حرمان ناخبين من بعض حقوقهم على غرار العبارة التي قالها ”لي مايفوطيش ما يسكنش” وهو الأمر الذي دفع بالعديد منهم إلى التصويت بالورقة البيضاء بهدف ”المصادقة الإدارية على بطاقة الناخب”.