هل سيكون مصير الطائفة الكركرية هذه التي خرجت علينا من حيث لم نكن ننتظر، كمصير الأحمدية التي قوبلت بالتضييق، رغم مظهر أصحابها المسالم، خلافا للتيار السلفي الخطير الذي يغزو المجتمع؟ أم أن السلطة ستتساهل معها، وقد تعتبرها مجرد حركة بهلوانية، ليس فقط من حيث التسمية، بل أيضا من حيث ألوان قوس قزح التي يرتديها أتباعها، وهو منظر مضحك، وعلى الأقل يضفي شيئا من البهجة مقارنة بألوان داعش السوداء المرعبة. ظهور هذه الحركة الصوفية في الوقت الراهن، وقبلها الأحمدية التي بدأت تبحث لها على مكان تزاحم فيه وسوء تحصينه فكريا ودينيا ضدها، وهو الدور الذي من المفروض أن تقوم به وزارة الشؤون الدينية، التي تركت المساجد مفتوحة أمام كل من هب ودب، مع أن الوزير صرح كذا مرة أن وزارته تدعم مذهبنا المالكي، وإسلام قرطبة الذي كان دائما مرجعيتنا. الحرب على الإرهاب التي خاضها الجيش طوال السنوات الماضية بشجاعة وتفان، لم تعد كافية لحماية الجزائر من مخاطر هذه التيارات الدخيلة، التي تخفي بين طياتها ما هو أخطر من طرق عبادة وشعائر دينية مختلفة بقدر ما تخفي علاقات بمخابر أجنبية، وأجندات ليست بريئة بالمرة. فالأحمدية ومثلها الإخوان كلها حركات دينية ولدت في أحضان المخابرات البريطانية وجعلت منها وسيلة للتحكم في وجدان شعوب مستعمراتها السابقة، وبقيت هذه التيارات سلاحا في يديها وفي أيدي المخابرات الغربية والأمريكية لاحقا، تتحكم بواسطته في شعوب المنطقة وتقلبها حسب مخططاتها ومصالحها، وأكثر من ذلك جعلت منها ومن مفهومها للدين حاجزا يعرقل هذه المجتمعات ويقف في طريقها نحو الرقي والتطور، ومن هنا جاءت رغبتها دائما في السيطرة على المدرسة وعلى المناهج التربوية لصياغة عقول النشء وفق أهداف من يقف وراءها، كما أنها شيطنت المرأة وعملت على إبعادها عن الحياة العامة أو حددت من دورها لأنها تعرف أن المرأة هي الركيزة الأساسية في المجتمع، وفي الأسرة تحديدا، وجعلت من دورها ثانويا في الحركة التنموية، وتحاول سجنها في الخرافة، وتقنعها بأن لا دور لها إلا الإنجاب وخدمة الرجل، ومن هنا جاءت الانتكاسة والتراجع المسجل في البلدان العربية والإسلامية التي عرفت سنوات السبعينيات وما قبلها مرحلة من الأمل والتحرر الفكري، كان للمراة فيه المكانة الهامة، لكن سرعان ما أصيبت بخيبة أمل بمجرد تنامي التيارات الإخوانية والسلفية. لن تكون الكركرية هذه آخر الخرافات التي ستضرب المجتمع الجزائري في معتقداته، ما دامت الوزارة الوصية لا تتصدى بجدية لهذه الأفكار الغريبة، والمسؤولية ليست فقط على الوزارة بل أيضا على مجلس غلام الله الذي عليه أن يكثف من نشاطه الميداني للتصدي لهذه الحركات الغريبة.