قال مصدر في الرئاسة الفرنسية إن رئيس الوزراء اللبناني (المستقيل) سعد الحريري، سيصل إلى باريس اليوم، للقاء الرئيس إيمانويل ماكرون. ودعا ماكرون يوم الأربعاء الحريري وأسرته إلى فرنسا، لتسوية أزمة اندلعت في أعقاب إعلانه عن استقالته من العاصمة السعودية الرياض قبل نحو أسبوعين. والتقى وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الخميس سعد الحريري في الرياض، وقال لودريان في تغريدة على تويتر أرفقها بصور للقائهما إنه ”اجتماع ودي مليء بالثقة مع سعد الحريري الذي سيأتي إلى باريس قريبا تلبية لدعوة من الرئيس”. وخلال اللقاء أجاب الحريري على سؤال أحد الصحفيين حول موعد ذهابه إلى فرنسا: ”أفضّل ألا أجيب الآن”. ويعدّ لودريان أرفع مسؤول غربي يلتقي الحريري في العاصمة السعودية منذ إعلان الأخير استقالته يوم 4 نوفمبر الجاري. وكان رئيس الوزراء الفرنسي إدورد فليب دعا إلى تمكين الحريري من حرية العودة إلى لبنان. وقال فيليب أمام نواب الجمعية الوطنية (البرلمان الفرنسي)، إنّ حكومته منشغلة باستقالة الحريري لأنها تفتح قوس شكّ ينبغي إغلاقه. وكان رئيس اللبناني العماد ميشال عون أكّد في وقت سابق انه لا شيء يبرر عدم عودة الحريري إلى بلاده بعد مضي 12 يوماً، وعليه فإن لبنان يعتبر أنّ رئيس حكومته محتجز وموقوف، في السعودية، ما يعتبر خرقا لاتفاقية فيينا وحقوق الانسان. ولفت عون إلى أن معاهدة فيينا، والأعراف الدبلوماسية تقضي بعدم تقييد حرية أي رئيس حكومة في العالم، وأن ”لدى السلطات اللبنانية معلومات غير مؤكدة على أن من يحرس الحريري هو جهاز ”بلاك ووتر”، وليس الأمن السعودي الرسمي”. وتعهد الرئيس اللبناني بأن لبنان ”سيبذل ما في وسعه للمطالبة بالإفراج عن الحريري. وأبدى استعدادا للتفاوض معه بشأن ما جاء في بيان استقالته. شريطة ”عدم المساس بالسيادة والأمن اللبنانيين”. واكد الرئيس عون في تغريدة على موقعه بتويتر ما قاله لوسائل الاعلام انه ”لا يمكن البت باستقالة قدمت من الخارج، فليعد إلى لبنان لتقديم استقالته او للرجوع عنها او لبحث أسبابها وسبل معالجتها”. وشدد على انه لا يمكننا اطالة الانتظار وخسارة الوقت، اذ لا يمكن إيقاف شؤون الدولة. وأضاف عون أن ” وضع عائلة رئيس الحكومة سعد الحريري مماثل لوضعه ولم نطالب بعودتها في السابق لكننا تأكدنا أنها محتجزة أيضا ويتم تفتيشها عند الدخول والخروج”. ونفى رئيس الوزراء اللبناني المستقيل، في وقت سابق أنباء احتجازه في السعودية، وأكد في لقاء متلفز لفضائية المستقبل اللبنانية أنه بخير. وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير -خلال المؤتمر الصحفي مع نظيره الفرنسي” إن اتهامات الرئيس اللبناني باحتجاز السعودية للحريري باطلة ولا أساس لها. وقال إن الحريري يعيش مع أسرته في السعودية ويستطيع المغادرة وقتما يشاء، وهو أمر يعود له ولتقييمه للأوضاع الأمنية. وقاد الرئيس اللبناني ميشال عون ووزير خارجيته جبران باسيل جهودا داخلية وإقليمية ودولية، وتوّجت بتحرك فرنسي لتسوية الأزمة. قد أعذر من أنذر ! ونقل موقع ”النشرة” اللبناني عن مصادر نيابية كلام الرئيس اللبناني امام مالكي وسائل الاعلام المرئية والمسموعة بأنه ”موقف وطني، ورد مباشر على تجاهل مطالب لبنان التي أبلغها الرئيس ميشال عون للقائم بالأعمال السعودي وليد البخاري، بشأن مصير الحريري وحريته المقيّدة، سواء في العودة إلى بلاده، او التواصل مع كبار المسؤولين اللبنانيين.” وقالت المصادر: ”إذا كانت المملكة التي يبدو أن ممثلها في بيروت تفاجأ بموقف بعبدا، لا تعرف أسباب هذا الموقف فعليها أن ترد على التوضيحات اللبنانية حول مصير رئيس حكومة اللبنانيين.” ولفتت المصادر إلى أن ”المعلومات المتوفّرة لديها تشير إلى أن الحريري يقيم في جناح داخل منزله، بعيدا عن عائلته، وانه يتم تفتيش أولاده وحتى زوجته في كل مرة يريدون الخروج من المنزل او العودة اليه، وكما يتم تفتيش زواره بمن فيهم الدبلوماسيين الأجانب.” وأكدت المصادر انه ”لم يحصل اي تواصل بين الحريري والرئيس ميشال عون منذ السبت الماضي باستثناء المكالمة المختصرة التي ابلغه فيها رغبته في الاستقالة، كما أن رئيس الحكومة لم يتصل برئيس المجلس النيابي نبيه بري، أو بوزير الخارجية جبران باسيل، ولا بأي رئيس كتلة نيابية تتعاطف معه سياسيا.” وتضيف المصادر ”دعوة الحريري لزيارة فرنسا مع عائلته تدخل في اطار الهواجس بأن حريته مقيّدة، وإنّ الشكوك حول تركه الرياض ستظل قائمة حتى يصل باريس مع عائلته.وترى المصادر نفسها انه في حال عدم عودة الحريري إلى لبنان قبل يوم الأحد المقبل، فإنّ لبنان سيثير هذا الملف في اجتماع وزراء خارجية الدول العربيّة باعتباره اعتداء صارخ على لبنان، وانتهاك للمواثيق الدولية والحصانة الدولية التي يتمتع بها رئيس الحكومة الحريري. ومن جهتها وصفت صحيفة ”لو فيغارو” الفرنسية، في مقال تحليلي للخبير السياسي هادريان دوسين، حمل عنوان ”الحريري في باريس: استفاقة الدبلوماسية الفرنسية”، جولات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووزير خارجيته جان إيف لودريان فى الشرق الاوسط، بالمجدية للغاية، مقارنة بسياسة الاليزيه الأوروبية. وقالت الصحيفة أنّ ماكرون عرف كيف يضبط الأزمة بزيارته الامرات ولقاء ولي العهد، محمّد بن زايد خلال فتتاح متحف اللوفر في ابو ظبي. وأنه وجد في هذه الزيارة الفرصة المناسبة للقاء ”الرجل القوي في السعودية محمد بن سلمان ودعوة ”السعوديين للعودة إلى رشدهم”. وأضافت الصحيفة أن فرنسا تقطف بهذا الانجاز الدبلوماسي أولى ثمار عقيدتها الدبلوماسية الجديدة في منطقة الشرق الأوسط. وأنّ ”تموضعها المتوازن بين التيارين السني والشيعي أعطى لها متنفسا في المنطقة. وأشارت الصحيفة إلى أنّ زيارة ماكرون إلى طهران خلال العام 2018، دفعت ولي العهد السعودية إلى التفكير مليا، خاصة وان فرنسا لا تزدري لا دونالد ترامب ولا فلاديمير بوتين. ومن ثم فهي قادرة على تلقى الدعم من موسكو وواشنطن في مجلس الامن في هذا الشأن. كما نجحت باريس على استغلال والابقاء على علاقاتها مع قطر ومصر ومحمد بن سلمان وحسن روحانى. وجعلت وجودها أكثر من ضروري في المنطقة. وكان رئيس الوزراء اللبناني سعد الدين الحريري (46 عاما)، أعلن استقالته من رئاسة الحكومة، متهما إيران وحزب الله بالتدخل في الشؤون اللبنانية وفي البلدان العربية. وجاءت استقالة الحريري بشكل مفاجئ بعد عام من تقلده منصبه، خلال تواجده بالعاصمة السعودية الرياض. وكانت زيارة الحريري للسعودية هي الثانية في ظرف أيام، التقى خلالها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. وقال الحريري في خطاب الاستقالة: ”لمست ما يحاك سراً لاستهداف حياتي”، واصفاً الأجواء في لبنان ب”ما كان عليه الحال خلال المرحلة التي سبقت اغتيال والده رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري. وأكد الحريري أنّ لإيران رغبة جامحة في تدمير العالم العربي، مؤكدا على رفضه استخدام سلاح حزب الله ضد اللبنانيين والسوريين، مشيرا إلى أن ”تدخل حزب الله تسبب لنا بمشكلات مع محيطنا العربي”. وفي الصدد عقدت كتلة ”المستقبل” والمكتب السياسي ل”تيار المستقبل”، مساء الخميس، اجتماعاً ترأسه رئيس وزراء لبنان الأسبق، فؤاد السنيورة، الأزمة السياسية التي يمر بها لبنان في غياب رئيس الوزراء سعد الحريري. وأكدت الكتلة ومكتبها السياسي، في بيان، نشر على الموقع الرسمي لتيار المستقبل، أن ”عودة رئيس الحكومة اللبنانية الزعيم الوطني سعد الحريري ورئيس ”تيار المستقبل” ضرورة لاستعادة الاعتبار والاحترام للتوازن الداخلي والخارجي للبنان، وذلك في إطار الاحترام الكامل للشرعية اللبنانية المتمثلة بالدستور واتفاق الطائف وللاحترام للشرعيتين العربية والدولية”.