الخطاب الذي ألقاه، أول أمس، الرئيس الأمريكي جورج بوش أمام الكنيست الإسرائيلي، كشف من جديد مدى استهتار أمريكا بالقضية الأكثر تعقيدا على وجه المعمورة، القضية الفلسطينية• فلا يكفي أن رئيس القوة العظمى جاء ليشارك الإسرائيليين الاحتفال بالعيد الستين لتأسيس "بلدهم"، المناسبة النكبة التي يبكي فيها الفلسطينيون والعرب بصفة عامة دما ومرارة ودموعا، بل جاء كلامه المر الحاقد ليؤجج النار المشتعلة في الشرق الأوسط، فهو بتهديده لإيران وسوريا وحزب الله وحركة حماس التي سمّاها بالقوى الظلامية التي تهدد أمن إسرائيل هذا البلد الحر، حسب تعبيره في الشرق الأوسط، سيزيد من غضب الجماهير المقهورة في العالم العربي والإسلامي، هذه الجماهير التي داس بوش من جديد على كرامتها وجراحها، مما يجعل المشروع التي تحمله "القاعدة وأخواتها" أمرا منطقيا، إن لم يكن الحل الوحيد أمام تعجرف أمريكا وكيانها الذي زرعته في المنطقة، وسيظهر بن لادن وظواهري وزرقاوي آخرون لن يكون لهم من هدف سوى تفجير أنفسهم في إسرائيل وأمريكا ومن يساندهم• فمن مصدر اللاأمن الذي يهدد العالم غير أمريكا وإسرائيل، وقد لخص خطاب بوش كل المعضلة، فأمريكا بتحيزها الصارخ لإسرائيل، ستعرقل كل مساعي الأمن المزعومة في فلسطين، لأن الأمن بالنسبة لها يعني أمن إسرائيل وإسرائيل فقط، وبوش لم يقل كلمة واحدة بشأن المحاصرين في غزة، بل بكى على قلعة" المسادا" الأسطورة المزعومة، التي فنّدت الدراسات التاريخية والعلمية حدوثها، وأقسم أنه سيمنع إيران من امتلاك السلاح النووي، مع أن إسرائيل تمتلكه وتدعي أن امتلاكها للنووي هو لردع قوى الشر في العالم الإسلامي• يظهر أن بوش لم يستخلص الدرس من هجومات 11/9 ، وسيخرج من البيت الأبيض غبيا مثلما دخل، مع الفارق مستنقع في العراق الذي لم يعرف بعد الحرية، وآخر في أفغانستان التي ما زالت تأوي في أدغالها بن لادن وقاعدته، وفلسطين التي تبتعد كل يوم أكثر عن "سلام الشجعان"• بوش قال في تحد للفلسطينيين الذين خرجوا، أمس، مذكرين العالم بمأساتهم ، أن إسرائيل ستحتفل بعيدها ال 120 ، لكن من يضمن أن مشروع العالم الحر الذي يتشدق بالدفاع عنه، لن تفجره القنابل البشرية للقاعدة وحماس، فإسرائيل ما زالت بعد 60 سنة من إنشائها لم تعرف طعم الأمان•