وبرغم كونك وحيدة، لم تنل كل هذه المتاريس العنيدة من عزيمتك للانطلاق نحو مزيد من الضوء المنبعث من بعيد• وعند كل محطة كان التوقف لكتابة مذكرات أيام متساقطة فيها كل كلمات الصدق والعزم بآثار الدم الملتصق بقدميك الحافيتين• لا مكان في قاموسك الضخم لكلمة اسمها الراحة كانت مشطوبة هي وأخواتها فهن بالنسبة لك ربما من مثبطات الهمم، ورغم أنك مجرة من كل أدوات المعرفة كانت خطواتك تتحرك بدون أخطاء تماما مثل نبي قريش أمي ولكنه صاحب أعظم رسالة• وعلى حافتي الطريق لا مكان لإشارات المرور ولا لألوان التوقف أو الانطلاق، ومع هذا كان الاطمئنان يسكنك بل أنت التي سكنتيه ليزيح عنك كل هواجس الشك والريبة• فكل أحاسيسك نظراتك وكل شيء فيك مركز على نقطة ضوئية بدأت تكبر•• وتكبر لتعلن أخيرا انتصارك••هنا••وهنا فقط تذكرت بأنك فعلا متعبة•• منهكة، استلقيت••تنهدت من الأعماق العميقة، وسرقك النوم وأنت سابحة في لحظة شرود وسط أبنائك الذين أحاطوك وهم يتأملون تجاعيد الزمن المحفورة على قسمات وجهك المضيء، يودون لو كان بإمكانهم ترميم ما أفسدته يد الأيام القاسية•• يودون الإبحار إلى أبعد نقطة من بحر ذاكرتك لاكتشاف كل جغرافيته، أم أن نومك لا يريد أن يتركك لتعودي فهو محطتك الأخيرة؟ أماه لا ترحلي الآن•