أقف كل يوم بين تليمذاتي لأخلق فيهن تربة تعيد إلى الحرف العربي مكانته، يوم كانت الكلمة ترجمة لموقف وخلال هذه الأيام أكاد أكون عاجزة تماما عن القيام بدوري حيث أن الكلمات قد أخذت تقف في حلقي••• تخقني بعد أن توقف الزمن في عالمنا العربي مشدوها••• مجروحا أمام مصاب كل من العراق، وفلسطين، البلدين العربيين، عاجزا عن متابعة الحياة اليومية للفرد بشتى صورها، زمن لم يبق لنا أمامه إلا أن نردد بأسى وخجل لقد كسرتنا لغة القوة والجبروت، وهزمنا ومرغ كرامتنا: ضعفنا وتفرقنا وتخلفنا وتخاذلنا العربي وهكذا بت أقف أمام تلميذاتي مع صباح كل يوم، أجتر وبمشقة أبجديتي التي أعشقها، وسيل دافق يائس يجتاح وجداني متسائلا، هل بقي لهذه الأجبدية وهذا الأدب في عالمنا العربي من قيمة أو دور في لملمة شملنا، ووقف التريف في هذا الزمن الجريح؟! كنت••• أعتقد معتزة أن أدباء ومثقفي أي بلد لابد لهم من موقف إيجابي إزاء أي مصاب يمس أمتهم، فتردني اللحظة، وأمام الحال الذي بات يعيشه كل من شعب العراق وفلسطين لأتساءل وأنا منكسة الرأس حزينة• هل يكفي أن نختار من أبجديتنا بإتقان وفن الحروف الصاخبة لنعبر عن وضعنا•• عن رفضنا؟ وهل تحولت مواقفنا إلى مجرد تعابير يجترها قراء العربية من المحيط إلى الخليج•• تعابير بات يتلقاها شعبنا العربي بجثث مصلوبة فوق المقاعد• حقا••• لقد بتنا للأسف بكل فخر واعتزاز شعوبا يكفيها أن تقرأ أو تشاهد ما تبثه قنوات التلفزة ثم نغط في نوم عميق في انتظار مقال جديد أو نشرة بصورة حية، لا فرق عندهم بين صور تنبض بالألوان أو مخضبة بالدم• تمنيت من أعماقي لو تحولت أبجديتنا إلى قنبلة أو سلاح ذري نتحدى به لغة العصر• تمنيت كما أتمنى للعالم العربي أن ننعتق من سجن دائرة التمني والكلام إلى أفق العمل••• ثم العمل ثم العمل، والبحث الجاد والمتواصل عن طريقة لإثبات وجودنا قبل أن يتلاشى•