وقد كشفت زيارتنا الاستطلاعية لهذه القرية عن مدى المعاناة اليومية التي يكابدها سكان هذه القرية المعروفة بطابعها الجبلي وبمسالكها الصعبة، حيث لاحظنا ونحن في طريقنا لهذه القرية العديد من المواطنين يمتطون الحمير والبغال محملة بالدلاء والقوارير وأخرى محملة بالحطب، ومع وصولنا صادفنا العشرات من السكان مصطفين حول منبع مائي، الذين أكدوا مع بداية حديثهم معنا أنهم لايزالون يعيشون حياة بدائية تطبعها العزلة والعطش والفقر، مشتكين من ظروف الحياة القاسية التي أرهقت كاهلهم ومن تهميش السلطات، بدءا بالعطش الذي لازمهم منذ مدة زمنية طويلة؛ حيث أن منازلهم تفتقر إلى شبكة توزيع المياه وهو ما يدفعهم إلى استعمال الحمير و البغال لنقل هذه المادة الضرورية للحياة من المنبعين المتواجدين على مستوى هذه القرية، مؤكدين أن السلطات المحلية اكتفت بتوصيل أنابيب الماء من الخزان المتواجد على مستوى مدخل القرية إلى هذين المنبعين اللذان يبعدان عن منازل السكان بمسافات بعيدة دون إيصال الأنابيب إلى منازل هؤلاء المحرومين ، كما تفتقر سكناتهم إلى قنوات الصرف الصحي إذ مازالوا يستعملون طرقا تقليدية لصرف فضلاتهم وذلك بحفر الخنادق أمام منازلهم. ونظرا لقلة إمكانيات هؤلاء الغلابة الذين لا يستطيع معظمهم اقتناء قارورات غاز البوتان أو مادة المازوت للتدفئة، فإنهم يلجئون للاحتطاب من الجبال المجاورة وسط البرد القارس، كما يشهد الطريق الذي يعبر القرية ويربطها بالطريق الرئيسي حالة سيئة رغم إعادة تهيئته، وهو ما أدى إلى عزوف الناقلين للتوجه إلى قرية أولاد الخامس، حيث يتحتم على سكان القرية والتلاميذ قطع مسافات طويلة للوصول إلى الطريق الرئيسي وقد لجأ بسبب هذا المشكل العديد من أولياء إلى توقيف أبنائهم عن الدراسة نظرا لحجم المعاناة التي يكابدونها يوميا، كما أبدى البعض من هؤلاء السكان تخوفهم من الوادي الذي يشق طريقه وسط هذه القرية، حيث أن الجسر الضيق المتواجد على مستوى هذا الوادي يعتبر حاجز في وجه السيول الجارفة وهو ما يشكل خطر لهؤلاء السكان بدليل أن الفيضانات الأخيرة كادت أن تؤدي بحياة العديد منهم. السكان تقدموا بوابل من الشكاوى للمسؤولين المحليين غير أن مطالبهم قوبلت بوعود جوفاء لم تتجسد إلى غاية اليوم.