رفض عمار سعداني أمين عام "جبهة التحرير الوطني" الجزائرية، التي تملك الأغلبية في البرلمان، تحديد موعد للمؤتمر العاشر للحزب قبل أن يعدَل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الدستور. ويمارس غريمه القيادي في الحزب، عبد الرحمن بلعياط ضغطا كبيرا لعقد اجتماع طارىء ل"اللجنة المركزية"، بهدف تنحيته واختيار أمين عام جديد. وفي غضون ذلك طالب عبد الكريم عبادة، منسق "حركة تقويم جبهة التحرير"، سعداني ب"فك الارتباط بين تعديل الدستور ومؤتمر الحزب". وقال:"استغرب العلاقة التي يقيمها السيد سعداني بين الدستور ومؤتمر الحزب، فبأي حق يؤجله بدعوى أنه يترقب تعديل الدستور؟". وأعلن بوتفليقة الشهر الماضي عزمه على الوفاء بتعهده، بخصوص إدخال تغييرات على القانون الأعلى في البلاد، لكن من دون تحديد موعد. كما أنه لم يذكر إن كان يعتزم استفتاء الجزائريين بشأنه، أم سيكتفي بتمريره على البرلمان كما فعل في 2008، عندما فتح الباب لنفسه باب الترشح لولاية ثالثة. وقال بوتفليقة عندما جاء إلى الحكم عام 1999، أنه "لا يعترف بالدستور الحالي"، الذي صدر في عهد الرئيس السابق الجنرال اليمين زروال. ونشرت الرئاسة في مايو (أيار) الماضي، مقترحات التعديل الدستوري أهم ما فيها تحديد الترشح للرئاسة مرة واحدة قابلة للتجديد مرة واحدة. أي العودة إلى ما قبل التعديل الدستوري 2008. وعرض وزير الدولة أحمد أويحي مسودَة التعديلات على الطبقة السياسية، بغرض إبداء الرأي. وقاطعت المعارضة الاستشارة، بدعوى أن المقترحات "لا تحمل أي شيء يثبت نيَة السلطة في إحداث التغيير". وطالب عبادة، الذي شارك بقوة في الإطاحة بالأمين العام السابق عبد العزيز بلخادم مطلع 2013، ب"التحضير الجيَد للمؤتمر حتى نناقش مشاكلنا بجدية، وننهي الأزمة التي نتخبط فيها". وأبدى معارضة لمسعى زعيم "القيادة الموحدة"، بلعياط رفع شكوى للقضاء، لإصدار قرار يسمح بعقد دورة غير عادية ل"اللجنة المركزية" بهدف انتخاب أمين عام جديد. وقال في الموضوع:"ليس مفيدا أن نختار أمينا عاما جديدا الآن، والأفضل أن نترك هذا الأمر ليفصل فيه المؤتمر. ثم كيف نضمن أنا الخيار سيفضي إلى شخص أفضل من سعداني، بعدما فشلنا في البحث عن خليفة أفضل من بلخادم؟". وأفاد عبادة انه عارض قرار سعداني إيفاد أعضاء "المكتب السياسي" للحزب، إلى مدن بالصحراء تشهد مظاهرات منذ 15 يوما بسبب قرار الحكومة استخراج الغاز الصخري في الصحراء. وقال:"هل حلَ كل مشاكل الحزب حتى يسعى لحل مشاكل الجنوب؟". وصرَح سعداني الأسبوع الماضي، بأنه يعتزم رفع تقرير للرئيس بوتفليقة بخصوص انشغالات سكان الجنوب حول موضوع الغاز الصخري. وتعرَض لانتقاد شديد بعد هذا التصريح، بحجة أن رئيس الوزراء ووزير الطاقة، هما المعنيان بإحاطة بوتفليقة بالقضية. فيما قال سعداني أن الرسالة سترفع إلى بوتفليقة بصفته رئيس "جبهة التحرير". وليس رئيس الجمهورية. لكن المثير في الأمر، أن بوتفليقة صمَ دائما آذانه عن دعوات التدخَل بنفسه لوقف انحدار أوضاع الحزب نحو مزيد التعقيد. ووصل سعداني إلى القيادة في 29 أغسطس (آب) 2013، في أعقاب حصوله على تزكية في اجتماع ل "اللجنة المركزية". وقال بلعياط في اتصال به ، أن الاجتماع عقد بدون حضور غالبية أعضاء الهيئة الأعلى ما بين مؤتمرين. مشيرا إلى أن سعداني "يحتل قيادة الحزب لذلك لا نعترف به". وصرَح بلعياط في وقت سابق، أن معارضي الأمين العام يريدون أن يعيدوا بلخادم للقيادة. غير أن العقاب الذي انزله بوتفليقة على بلخادم في الصيف الماضي، بتنحيته من منصبه كمستشار خاص له، وإعطاء اوامر في الحزب لإبعاده منه، دفعهم إلى التخلي عن هذا الخيار.