يبدو أن انهيار العملة التركية منذ أسبوعين بفعل تداعيات أزمة دبلوماسية بين واشنطن وأنقرة أزمة عابرة لن يكون لها أي أثر محسوس على المبادلات مع الجزائر، حسبما أكده اقتصاديون. وبشكل عنيف، انهارت العملة التركية، التي سجلت انخفاضا منذ بداية السنة، بعد فرض واشنطن عقوبات غير مسبوقة على وزيرين تركيين وإعلانها مضاعفة رسومها على الفولاذ والألمنيوم التركي. وفي غضون ساعات قليلة، فقدت الليرة 20 بالمائة من قيمتها أمام الدولار ليصل سعر صرفها ل7 ليرات مقابل دولار واحد، وهو ما زعزع استقرار البورصات الأوربية وأسواق الصرف. لكن هذه الأزمة ظرفية وسببها عزوف مفاجيء لرأس المال بالدولار على الإقبال على هذه العملة بعد التهديدات الأمريكية، ما دفع المستثمرين إلى الانتقال لعملات أكثر امنا، حسب تحليل الخبير المالي فرحات آيت علي. وأوضح الخبير أن انهيار الليرة لن يستغرق وقتا طويلا وينتظر عودة هذه العملة الى مستوياتها المسجلة مطلع السنة نظرا لأن تراجعها جاء نتيجة لتوقف إقبال رؤوس الأموال بالدولار بعد التهديدات الأمريكية. لكن هذا الاقبال سيستأنف من جديد قصد تعزيز رؤوس الأموال المتواجدة بتركيا وهي في معظمها أوروبية وهذا ما سيعيد لليرة استقرارها. أما بالنسبة للصادرات التركية نحو الجزائر والتي تتكون أساسا من مواد مصنعة ومواد تجهيز في الوقت الذي تبقى فيه أغلب المواد الغذائية التركية معلقة من الاستيراد في اطار اجراء شامل يهدف للحد من الواردات، أشار الخبير الى أن هذه الصادرات مدفوعة بالدولار وهو ما قد يسمح للمنتجات التركية برفع تنافسيتها في السوق الجزائرية بفعل انخفاض قيمة الليرة مقابل الدولار لاسيما فيما يتعلق بواردات الألبسة خاصة وأن ذوي الدخل المتوسط يقبلون عادة على اقتناء الألبسة التركية. وأضاف: إما أن تستفيد المنتجات التركية من انخفاض كلفة الإنتاج داخليا مما سيخفض أسعارها ويرفع من تنافسيتها، أو أن تشهد استقرارا في حال ما استغلت الشركات التركية الوضع لتعظيم الهوامش على الصادرات . و تابع : لكن في حال ما استغل تجارنا الوضع لرفع هوامش ربحهم فلن يكون لانخفاض العملة التركية أي أثر على أسعار السلع التركية المستوردة ، مشيرا الى الأسعار بالجزائر تخضع أيضا لقيمة الدينار في السوق الرسمية وكذلك في السوق الموازية و في حال تراجع عملتنا موازاة مع الليرة التركية، فان الأثر على الأسعار سيكون منعدما . أما فيما يتعلق بالصادرات الجزائرية نحو تركيا والتي تكاد تقتصر على الغاز، فإنها غير معنية بسعر صرف العملة بما أن السوق الغازي يعتمد على الأسعار العالمية بالنسبة للسوق الفورية وعلى الأسعار التي تم التفاوض عليها بالنسبة للعقود طويلة الأجل والتي تحسب بالدولار. بدوره، توقع الخبير الاقتصادي و وزير المالية السابق عبد الرحمان بن خالفة أن يكون انهيار العملة التركية مجرد أزمة ظرفية لن تلبث أن تحل في أشهر قليلة. إلى جانب هذا، لفت بن خالفة إلى أن تركيا تتمتع بنوع من التضامن الدولي أفرزته السياسة التجارية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب والتي تعد مستفزة لعدة دول عبر العالم. وقال بهذا الخصوص: تركيا ليست وحيدة و لا يتعلق الأمر بمواجهة ثنائية بينها وبين الولاياتالمتحدة. لقد استفز الرئيس ترمب الاتحاد الأوربي وأمريكا الجنوبية وكندا والصين وإيران. أظن أن جميع هذه الدول ومعهم منظمة التجارة العالمية ستنتفض ضد السياسة التجارية الأمريكيةوتركيا ستستفيد طبعا من هذا الوضع . وتابع بن خالفة: الليرة مخفضة يعني أن ما كان يكلف 100 أصبح يكلف 80 أو أقل وهذا ما يبحث عنه السواح . وتظهر المعطيات في الواقع أنه يكفي اليوم صرف 60 يورو لقضاء ليلة في فندق 5 نجوم في تركيا، التي تستقبل أكثر من 40 مليون سائح سنويا، مقابل حوالي 100 يورو قبل الأزمة.