أكد وزير النقل والأشغال العمومية، عبد الغاني زعلان، أمس، خلال عرضه لمشروع القانون المعدل و المتمم لقانون 1998 المحدد للقواعد العامة للطيران المدني، أن الوكالة الوطنية للطيران المدني المنتظر إنشاؤها بموجب هذا النص ستتمتع بطابع خاص يعطيها مرونة في توظيف الكفاءات. و أوضح الوزير، خلال جلسة علنية للمجلس الشعبي الوطني، ترأسها معاذ بوشارب رئيس المجلس، أن مشروع التعديل جاء ب 44 مادة توضح مهام هذه الوكالة، وهي هيئة تتمتع باستقلالية قانونية و مالية و تخضع لوصاية وزير القطاع. و تتمثل هذه المهام في مراقبة و ضبط نشاطات الطيران المدني و الإشراف عليها احتراما للمعايير الدولة. و أضاف لقد اخترنا عدم إنشاء هذه الوكالة على صفة مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي و تجاري أو مؤسسة عمومية إدارية بل منحها طابعا خاصا قصد السماح لها بتوظيف مستخدمين مؤهلين و أكفاء مع تأطيرهم بتكوين محين و نظام تحفيزي فيما يخص الأجور و المكافآت . كما ستتمتع الوكالة المنتظرة، حسبه، بنظام تسيير مرن لاسيما فيما يخص المحاسبة التجارية و المالية. و بخصوص التمويل، لن تعتمد الوكالة على ميزانية الدولة بل على اقتطاعات من أتاوى الملاحة الجوية التي ستحدد قائمتها و نسبها، حسب الوزير، من خلال تعديل مرسوم 2011 المتعلق بهذه الإتاوات. و يسمح تعديل قانون الطيران المدني، و هو الخامس من نوعه بعد تعديلات سنوات 2000 و 2003 و 2008 و 2015، لموظفي مديرية الطيران المدني على مستوى وزارة النقل و الأشغال العمومية باختيار إمكانية إدماجهم في الوكالة الجديدة في اجل لا يتعدى سنة واحدة ابتداء من تاريخ إنشاء الوكالة. و قد جاء تعديل قانون 1998 تماشيا مع متطلبات المعايير التي وضعتها المنظمة العالمية للطيران المدني لاسيما في مجال السلامة و الأمن و مراقبة الحركة الجوية. كما يرمي، يضيف زعلان، لمواكبة المنافسة الدولية الشرسة التي يعرفها قطاع الطيران المدني و ضرورة رفع مساهمته في تحقيق التنمية الاقتصادية للبلاد. و كانت المنظمة الدولية للطيران المدني قد كشفت، من خلال عملية تدقيق أجرتها سنة 2011 لدى شركة الخطوط الجوية الجزائرية، عن عدة نقائص في مجال تسيير الطيران المدني الجزائري لاسيما وجود خلل بين المهام المسطرة و الوسائل البشرية و المادية المتاحة، حسب الوزير. و في سنة 2017 ، صنفت الجزائر في المرتبة ال 26 إفريقيا من حيث سلامة الطيران الجوي المدني بمعدل 23،58 بالمائة، و هو معدل دون المتوسط مقارنة مع المعدل العالمي المقدر ب 79،64 بالمائة. الى جانب هذا، يقترح مشروع القانون إصلاحات أخرى منها إدراج نشاط الإخلاء الصحي لضمان نقل جوي سريع للمرضى -داخل الوطن و خارجه- يضمن لهم الخدمات الصحية الضرورية في انتظار نقلهم إلى المستشفى ، حسب الوزير الذي تأسف ل إغفال هذا النوع من الخدمات في التعديلات السابقة التي أدخلت على القانون. و يهدف مشروع القانون المتعلق بالطيران المدني، الذي قدم أمس خلال جلسة علنية للمجلس الشعبي الوطني، إلى تتميم بعض أحكام هذا النص الذي يحدد القواعد العامة المتعلقة بالطيران المدني و ذلك من خلال تعزيز المناهج اللازمة من الناحية التشريعية و التنظيمية تتكيف مع التعهدات الدولية. وحسب عرض الأسباب لهذا المشروع المعدل و المتمم للقانون سنة 1998 ، ترمي السياسة المتبعة من طرف الحكومة في مجال الطيران المدني التي جاءت تنفيذا لبرنامج رئيس الجمهورية الى تطوير ميدان النقل الجوي بحيث لا يمكن ضمان هذه السياسة إلا إذا كانت مؤسساتها تمارس وضائف الدولة بصفة مطلقة. ولتحقيق هذا المسعى يستدعي الأمر الاستمرار في أداء جميع الأعمال من اجل إرساء نظام تشريعي و تنظيمي مع ضبط كافة نشاطات النقل الجوي المساعدة لتطوير المبادلات المتخذة سواء من طرف القطاع العام او الخاص مع التأكيد خاصة على ضرورة ممارسة الإدارة لمهامها السيادية (التنظيمية و المراقبة و الضبط) بغرض ضمان المنافع الاقتصادية والاجتماعية للجميع، يضيف عرض الأسباب. ومن بين الاعمال ذات الاولوية لهاته السياسة لابد التأكيد على تطوير المناهج اللازمة من الناحية التشريعية و التنظيمية المكيفة مع التعهدات الدولية ووضع إطار مؤسساتي مطابق لها. لذلك اصبح من الضروري انشاء وكالة وطنية للطيران المدني سيما و ان المنظمة الدولية للطيران قد أوصت أعضاءها بمنح استقلالية قانونية و مالية لإدارة طيرانهم المدني بهدف ضمان أداء مهامهم و إيجاد الحل لمشكلة غياب آليات التمويل . وأسندت في الجزائر هذه المهام في الوقت الحالي للوزير المكلف بالطيران المدني الذي يمارسها بواسطة الهيئات التي تخضع لسلطته. و تجدر الاشارة الى ان هذه الهيئات تواجه صعوبات في اداء مهامها و لذلك يقترح اعادة تنظيمها في شكل وكالة وطنية للطيران المدني بحيث تعتمد عملية اعادة التنظيم هذه على عمليات التدقيق التي اجرتها المنظمة الدولية للطيران المدني بالجزائر. وأشارت المنظمة الدولية للطيران المدني كذلك الى عدم التوازن الواضح بين حجم المهام و بين الموارد البشرية و الوسائل المادية التي تتوفر عليها هذه الهيئات التي تواجه صعوبات لضمان الاشراف على نشاطات الطيران المدني و مراقبتها. من جهة أخرى، ينبغي التذكير أيضا بعضوية الجزائر في معاهدة شيكاغو لسنة 1944 المتعلقة بالطيران المدني و التي تخضع الدولة بموجب أحكامها للالتزامات المنصوص عليها في هذا المجال. تجدر الاشارة الى انه مند عدة سنوات لم تتوقف المنظمة الدولية للطيران المدني من التأكيد على ميدانين ذي أولوية معتبرة الا و هما السلامة و الامن ، لذلك يهدف انشاء وكالة وطنية للطيران المدني الى منح إمكانية تدارك النقائص الحالية. وتتمتع هذه الوكالة باستقلالية التسيير و بسلطة فعلية و حقيقية لاتخاذ القرارات فيما يخص اداء مهامها بكل حرية كسلطة ضبط لنظام الطيران المدني.